ابحث عن أي موضوع يهمك
الصدق يعد أحبّ الصفات عند الله تعالى، وهو سمة الرسل والأنبياء الطاهرة، وهو من أعظم الأخلاق ومنبع الفضائل التي أمر بها الإسلام، وقد أمر الله جل وعلا عباده المؤمنين بتحلي الصدق في مختلف الأحوال والظروف، حيث يقول الله تعالى في سورة التوبة الآية 119: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ}، إذ أعدّ الله سبحانه للصادقين من عباده جزاءً عظيمًا؛ لذا على المؤمنين اتخاذ الأنبياء عليهم السلام قدوة حسنة وأن يكونوا صادقين دوما في أفعالهم وأقوالهم، حتى يصبح الصدق الخلق السائد بالمجتمع الإسلامي، فهو مفتاح الخير، وفيما يلي نذكر قصص عن الصدق والكذب.
في يوم من الأيام كان هناك قرية صغيرة ريفية يعيش الناس بها في وئام وحبّ، وكانوا دائمًا ما يُساعدون بعضهم بكلّ شيء، وكان بالقرية راعي أغنام اسمه سعيد، وفي يوم حين كان سعيد يرعى الغنم بالتلة المجاورة للقرية، شعر ببعض الملل فقرر أن يقوم بجمع أهل القرية على التلة، وهو ما جعله يدعي كذبة لكي يجمعهم بها.
وقد قام بالفعل بالوقوف على التلة وبدأ بالصراخ بأعلى صوته: “أغيثوني أغيثوني أنقذوا أغنامي، لقد هجم علينا الذئب” وسرعان ما استجاب أهل القرية لاستغاثته وقد حملوا أسلحتهم وعصيهم وركضوا في اتجاه التلة حتى يحموا الراعي وقطيع الأغنام، وحينما وصلوا إليه كانت المفاجأة، حيث لم يكن هناك أي ذئب أو خطر.
وحينها سخر الراعي منهم واعترف لهم أنه رغب فقط في أن يتسلّى، وقد أثار ما فعله غضب أهل القرية والذين وبّخوه ورجعوا إلى بيوتهم، وعقب مرور شهرين على تلك الحادثة كان الراعي يرعى كعادته بالأغنام في التلة، وفجأة ظهر ثلاثة من الذئاب له، فعلم أنه واقع بخطرٍ حقيقي، وهو ما دفعه للوقوف بأعلى نقطة بالتلة وبدأ يصرخ قائلا: “أغيثوني أغيثوني أنقذوا أغنامي”، ولكن أهل القرية حينما سمعوا صراخ الراعي لم يتلفتوا إليه، حيث ظنّوا أنّه مثل المرة الماضية يتسلى واستمرّ الراعي في الصراخ ولم يستجب أيّ أحد له، وهو مّا جعل الذئاب تنتشر بين قطيع الأغنام وتقضي عليها، وكانت الننيجة أن خسر الراعي جميع أغنامه بسبب كذبه وعدم قدوم أي أحد من القرية لنجدته.
وعندها أدرك الراعي أن كذبته الأولى حينما كان يتسلى على أهل القرية جعلتهم غير مصدقين وقوعه بالخطر عندما كان معرض بالفعل لخطر حقيقي، وقد ندم الراعي سعيد على هذه الكذبة ووعد أهل قريته بقول الصدق دومًا، حيث إن الإنسان الكاذب لا يتمكن أحد من تصديقه حينما يقول الحقيقة، فقد اعتادوا الكذب منه في القول، إذ أن الصدق يُنجي صاحبه من الشر.
بحصة العلوم وعقب انتهاء المعلم من شرح الدرس، قام بإعطاء الطلاب واجبًا منزليًا وطلب منهم القيام بحلّه في دفتر الواجبات، أما ماجد فلم ينتبه لطلب المعلم هذا الواجب حيث كان مشغولًا في الحديث مع زميله الجالس إلى جواره.
وفي صباح اليوم التالي حينما رجع الطلاب إلى المدرسة، كان ماجد يقف بالطابور الخاص لصفه وقد سمع زميل له يتحدث عن الواجب المنزلي الذي كلفهم به معلم العلوم، فأدرك ماجد أنّ حل الواجب فاته، فظل يفكر بطريقة مناسبة يكذب على المعلم بها حتى ينجو من العقاب لعدم قيامه بحلّ الواجب.
وحين دخل معلم العلوم للصف، وسأل عن الواجب، اعتذر ماجد للمعلم عن الواجب وأخيره أنه حلّ الواجب على أكمل نحو لكنه نسي دفتر الواجبات للأسف في المنزل، وقد سامحه المعلم، وشعر ماجد بالراحة الكبيرة حيث إن كذبته مرّت على المعلم، وبعد ذلك طلب المعلم من ماجد أن يقرأ له عنوان الدرس الجديد.
وحينما همّ ماجد بإخراج الكتاب من حقيبته المدرسية، وقعت الحقيبة وانتشرت جميع الدفاتر والكتب على الأرض، وكان من بين هذه الدفاتر دفتر الواجب وهو ما جعل المعلم يدرك أنّ ماجد لم ينسَ دفتر الواجب وأنه لم يحله، فوبّخه توبيخًا عظيمًا أمام زملائه على كذبه، وعلى عدم أداء الواجب، وهو ما جعل ماجد يشعر بالحرج الكبير أمام الطلاب والندم على الكذب، ووعد المعلم بقول الصدق دائمًا.
أحمد طفل مجتهد وجميل دومًا ما يُساعد والدته في كلّ شيء، ويجلب ما تحتاجه من مختلف الأغراضٍ، وكان يُحبّ المرح واللعب بشدة، وفي يوم من الأيام احتاجت والدة أحمد علبة عصير حتى تقدم للضيوف منها، وقد طلبت من أحمد الذهاب لكي يشتري تلك العلبة من البقالة المجاورة بسرعة، وحذّرته أن يلعب بالطريق لكي لا تقع الزجاجة منه وتنكسر.
أخذ أحمد من أمه النقود واتجه للدكان القريب حتى يشتري العصير، وبالطريق شاهد بعض أصدقائه يلعبون ويمرحون بالطريق وهم يضربون بأرجلهم كرة القدم، وكانت أصوات ضحكاتهم عالية جدا والتي تدلّ على شدة المرح، فرغب أحمد باللعب معهم على الرغم من ان أمه حذرته من اللعب وهو يحمل زجاجة العصير.
ولكن أحمد نسي كلام والدته ووضع زجاجة العصير على الأرض في الجوار، وبدأ في اللعب بالكرة مع أصدقائه، وفجأة خلال اللعب صدمت الكرة بزجاجة العصير وهو ما تسبب في سقوطها على الأرض ومن ثم انكسارها، وقد انسكب العصير على الأرض كله، فبدأ أحمد في البكاء وهو لا يعلم ماذا سوق يقول لأمه، فتجمع أصدقاؤه حوله وطلبوا منه أن يخبر والدته إنّ زجاجة العصير قد وقعت وحدها منه ولم تصطدم كرة القدم بها.
لكن أحمد لم يكن معتاد على الكذب على والدته، وقرّر قول الصدق لها مهما كانت النتيجة، وأن يُصارحها بقول الحقيقة مثلما هي، وحينما وصل أحمد للبيت سألته والدته عن زجاجة العصير، فقال لها الحقيقة، وبالرغم أنّ زجاجة العصير تكسّرت وإن أحمد لم ينفذ أمر والدته، ولكنها لم تغضب منه، وذلك لأنه صادق وأمين، لذا فإنها لم تعاقبه.