إن قصة صالح – عليه السلام- امتلأت بالكثير من الدروس والعبر، لذا فإننا سوف نسلط الضوء عليها وسوف نقوم بتوضيح أحداثها بالتفصيل في السطور التالية:
قوم صالح عليه السلام
تُسمى قبيلة قوم صالح والذين يعدون من العرب العاربة باسم ثمود، حيث إنها عاشت في منطقة الحجر الموجودة بين الحجاز والشام في شمال الجزيرة العربية.
ولقد عُرف هؤلاء القوم بتقدمهم في مجال الزراعة والعمارة، وبكثرة النعم والخيرات لديهم والتي من أبرزها القوة العقلية، وعلى الرغم من ذلك فإنهم لم يستخدموا قهوتهم في معرفة واتباع الحق.
بل كانوا يتبعون أهوائهم وشهواتهم، ولقد عبدوا الأصنام وفسدوا أخلاقيًا ودينيًا.
فأرسل الله – عز وجل- النبي صالح – عليه السلام- إليهم لكي يدعوهم إلى الابتعاد عن الكبر والغرور والإسراف في الملذات وإلى الإيمان بالله – عز وجل- كما جاء في قوله تعالى:
ولكن قوم صالح سخروا من الدعوة واستهزؤوا بها تمامًا لأنهم لا كانوا لا يرغبون في الابتعاد عن عبادة الأصنام وما كان يعبده آباؤهم وكذلك أجدادهم.
كما قاموا باتهام النبي صالح – عليه السلام- بالجنون والسحر على الرغم من أنه أخبرهم بأنه رسول من الله ولا يرغب منهم سوى الإيمان لأن رب الناس هو من سينفعهم ويرزقهم.
معجزة صالح عليه السلام
لقد أمر قوم ثمود النبي صالح – عليه السلام- أن يأتي بمعجزة لكي يتمكنوا من تصديق رسالته وأنه صادقًا، فسألهم حينها عن المعجزة التي يرغبون بها.
فأشاروا إلى أحد الصخور الكبيرة التي كانت موجودة بالقرب من المكان وطلبوا منه أن يخرج منها ناقة.
كما وضعوا عدة مواصفات تعجيزية للناقة مثل أن تكون طويلة عشراء لكي يؤمنوا .
ولكن سيدنا صالح لم ييأس حيث توجه إلى المصلى ودعا ربه أن يأتي له من الصخرة بناقة.
وبمجرد انتهائه من الصلاة ووجد ناقة عظيمة طويلة عشراء تنفطر من الصخرة.
فعجب قوم ثمود للغاية من هذه المعجزة الباهرة، ولقد آمن القليل منهم بالله، ولكن الأكثرية ظلوا على كفرهم.
ولقد حث سيدنا صالح القوم على ترك الناقة تشرب ليوم كامل من البئر، وأمرهم أن يشربوا منه في اليوم التالي.
حيث لبى القوم طلبه وأخذوا حاجتهم من الماء من البئر، واستمروا على هذا الأمر وهم يشربون يوميًا من لبن الناقة.
إن مدائن صالح قديمًا كانت موجودة في مدينة الحجر، وهي عبارة عن موقع أثري يقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية وفي شبه الجزيرة العربية بالتحديد في المحافظة التابعة لمنطقة المدينة المنورة ألا وهي محافظة العلا، ولقد احتلت هذه المدائن موقع استراتيجي رائع لربطها بلاد الرافدين ومصر وبلاد الشام بشبه الجزيرة العربية.
دروس مستفادة من قصة النبي صالح
هناك العديد من الدروس المستفادة من قصة النبي صالح، ففيما يلي سوف نلخصها لكم ونشير إلى أبرزها:
عدم إنكار المنكر
إن المسلم واجب عليه شرعًا أن ينكر المنكر قدر استطاعه وذلك في بيده إن كان يملك سلطة.
أو من خلال لسانه عبر الوعظ والنصح، وإلا فإنه يكون بقلبه.
فالامتناع عن إنكار المنكر هو أبرز وسيلة إلى انتشاره، ولقد تجلى المنكر في قتل قوم ثمود لناقة صالح -عليه السلام-.
فلقد قتلها واحدًا منه ورضى الآخرين وسكتوا على هذا الأمر كما قال تعالى:
ورد في النصوص الشرعية وبشكل صريح أن أهل الباطل أكثر من أهل الإيمان.
لذا فإنه يجب على المسلم أن يتبع الحق ولا ينظر إلى متبعيه ويتبع الأغلبية والاستكبار والعناد.
فلقد روي عبد الله بن عمرو عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
“طوبى لِلْغُرَباءِ ، قيل : و مَنِ الغُرَباء يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ناسٌ صالِحُونَ قَلِيلٌ في ناسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أكثرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ”.
ففي هذا الحديث بيانًا عن أن الاستكبار وعدم التفكير واتباع رأي الأكثرية من أبرز أسباب هلاك الأمم في السابق، ولقد ثبت الأمر في حكاية قوم ثمود كما جاء في قوله تعالى:
اتسم الأنبياء والرسل بالقدرة على الصبر على الابتلاءات التي عانوا منها أثناء دعوتهم لأقوامهم.
فلقد واجه سيدنا صالح – عليه السلام- معاملة سيئة من قومه عندما دعاهم إلى الإيمان وكان يعاملهم بالحسنى حيث أظهروا له العداوة، وعلى الرغم من ذلك لم يواجه عداءهم مطلقًا بعداء بل استمر في نصحهم.