ابحث عن أي موضوع يهمك
قصه عن النبي عيسى بن مريم العذراء، حيثُ جاء نبيّ الله عيسى برسالة التوحيد إلى قوّمه ومنهم إلى العالم، ليحمل إليهم الإنجيّل ويبلغهم بالهداية إلى الله رب العالمين، وهو من أوليّ العزم الخمس من الرُسل الكرام، لذا يستعرض موقع مخزن المعلومات أبرز مراحل نبوءة ودعوته عيسى بن مريم بالتفصيل.
لم يكن قدوم نبيّ الله عيسى إلى الدنيا أمراً عادياً أو طبيعياً على الإطلاق، بل جاء بشكل لم تشهده البشرية من قبل، وكان وسيظل أمراً فريداً وشرفاً عظيماً لم يناله إنسان آخر قبله أو بعده، ونوضّح ذلك في الفقرات الآتية لسرّد قصته بالتفصيل.
اقرأ أيضاً: قصة عن الصدق والكذب
كانت السيدة مريم العذراء تقيم في محرابها داخل المسجد للتعبد، وكانت في فترة حيضّها تذهب إلى بيت خالتها حتى تتطهر ثم تعود لعبادتها بالمسجد ثانيةً،إلا أنها في مرة من المرات ذهبت إلى موضع بعيد في اتجاه شرق الدار للاغتسال وبعد أن انتهت من ارتداء ملابسها جاء إليها الوحي جبريل في هيئة رجل سويّ الخلقة لمخاطبتها، إلا أنها فزعت حين رأته وأخذت تذكر ربهاـ إلا أنه قد هدأ من روعها وأخبرها بأنه مَلَك من عند الله تعالى، “وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا* فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا”وبشرها بإنجاب مولود ذكر دون زواج وهو أمر رب العالمين، وذلك في قول الله تعالى:”قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ”، وقد كانت السيدة مريم عابدة ناسكةَ مثالاً للعفة والطهارة ,شاء الله لها أن تكون أم للنبي عيسى بمعجزة عظيمة تنال بها أجر عظيم في الدنيا والآخرة.
كانت السيدة مريم العذراء تقيّة عفيفة نقيّة من الذنوب، حافظت على نفسها وشرفها من أي سوء، فقد أرسل الله ـ عز وجل ـ إليها جبريل ليقوم بالنفخ في جيب قميصها ويصل إلى رحمها ليحدث الحمل بأمر الله تعالى، ويكون مجيء موسى للدنيا معجزةً وآية خالدة على مدار الزمن، وذلك ما جاء في قول الله تعالى:”وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ”
اقرأ أيضاً: قصة النبي يوشع بن نون للأطفال
حالما بدأت أعراض المخاض تظهر على السيدة مريم وتنذرها بوضع جنينها قامت بالاستناد إلى جذع نخله، وجاء في ذهنها ما سيلقيه عليها الناس من لوّم واتهام لها في شرفها وعفتها، وتمنّت لو أنها ماتت قبل أن تكون على هذا الحال، ثم جاء مولد عيسى عليه السلام، فحدثها وهو رضيّع وفقاً لقول ابن كثير وغيره من العلماء، بأنه لا تحزني ولا تخافي يا أمي بل كليّ من التمر الرطب وأشربي من مياه النهر كي تقر عينيكِ، كما أمرها بالامتناع عن الحديث مع الناس حتى يتم ترّك الأمر للطفل للردّ عليهم، وذلك حتى يرفع الحرج عن أمه وتتحقق معجزته بالحديث رضيعاً، وكان على السيدة مريم أن تخبر كل من يقابلها أنها قد نذرت لله رب العالمين الصوم عن الكلام، وهو أمر مشروع آنذاك، وذلك في قول الله تعالي: “فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمـنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا”.
اقرأ أيضاً: قصة قصيرة واقعية
جاءت رسالة نبي الله عيسى بالهداية امتداداً لرسالة كليّم الله موسى ـ عليه السلام ـ وقد وُجهت إلى قوم بني إسرائيل بوجه خاص، ولم تنطلق للبشر عامةً إلا في وقت متأخر على يد الامبراطور قسطنطين وبولس، وقد جاءت دعوته حاملةً لمبادئ الهداية والتوحيد ورفض الشرك بالله تعالى، وذلك في قول رب العالميّن”وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ”، فقد جاء عيسى موحداً بدين الإسلام وعلى ملّة نبي الله إبراهيم حنيفاً، ولم يقم قط بالدعوة إلى اللأولهية، وإنما كان كغيره من الرسل صاحب دعوة ورسالة عليه إبلاغها بأمر رب العالمين.
وقد جاء في القرآن الكريم أن عيسى ـ عليه السلام ـ كان من أولي العزم، وهو نبي ورسول كريم أوكلت إليه مهمة الدعوة والإبلاغ برسالة التوحيد إلى قوم بني إسرائيل، الذي ابتعدوا عن الدين وطغوا ونسوا ما جاب إليهم به موسى عليه السلام، وقد أيّد الإنجيل نبوءة عيسى عليه السلام في القول “ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة من هذا فقالت: الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل”.
وقد أيّد الله تعالى نبوءة عيسى بالعديد من المعجزات مثل تحدّثه في المهد، إبراء الأكمة والأبرص، النفخ في الطيّن على هيئة طيّر فيُصبح طيرا حياً بأمر من الله تعالى، وكذلك إحياء الأموات ومعرفة ما يدخره الناس في البيوت، وذلك في قول الله ـ عز وجل ـ |”
وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”.
اقرأ أيضاً: قصة عبد الرحمن بن عوف
جاء أمر الله ـ عز وجل ـ برفع نبيّه عيسى ـ عليه السلام ـ إلى السماء حتى يحميه من كيّد قومه به، وذلك ما أخبرنا به في كتابه العزيز “إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ”، وقد كان عيسى يبلغ من العمر ثلاث وثلاثين عاماً أو أرب وثلاثين عاماً حينما رُفع إلى السماء، وقد حاول قوم عيسى المكر به وقتله ظلماً، لذا فقد حماه الله عز وجل حتى يرّد عليهم مكرهم إلى أنفسهم، فشبّه إليهم أحد الأشخاص ليظنوا أنه عيسى عليه السلام ويقوموا بقتله وصلبّه على النخلة ظناً منهم بنجاحهم في قتل عيسى، إلا أن الله تعالى قد رفعه إلى السماء حمايةً له وتكريماً وتشريفاً من أن ينال منه اليهود، وسيعود النبي عيسى في آخر الزمان حتى يتم إحقاق الحق وإعادته لموضعه، ويؤكد بطلان ما قام اليهود بتحريفه ونسبّه إليه عدواناً وهم برئ كامل البراءة منه.
اقرأ أيضاً: قصة الحجر الأسود للأطفال
قال العلماء أن الحكمة من خلق نبي الله عيسى من دون أب هي علامة ودلالة قوية على قدرة الله ـ عز وجل ـ البارئ الخالق المصور، فهو قادر على الخلق حيثُ خلق آدم وحواء دون ذكر أو أنثى، وخلق حواء من ذكر فقط وهو أدم، وجاء خلقه للذرية جميعاً ، وهو قادر على خلق عيسى من أنثى فقط وهي مريم العذراء، دلالةً على عظيم سلطانه وقدرته.
وُلد سيدنا عيسى في مدينة بيت لحم بالقرب من بيت المقدس، وقيل انه قد ولد في مصر.