ابحث عن أي موضوع يهمك
ما حكم التهنئة بعشر ذي الحجة ؟ طرح الكثير من المسلمين هذا الاستفسار عبر محركات البحث في الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك لمعرفة حكم الدين في تبادل التهاني، ولأننا نحرص في مخزن على توفير متطلباتكم من بحث سنوضح لكم الحكم الشرعي للتهنئة بهذه الأيام المباركة عبر سطورنا التالية …
- اتفق فقهاء المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابل على أنه لا بأس بتبادل التهاني مع حلول المناسبات الإسلامية كالأعياد وخلافه، وبذلك يتضح أن التهنئة بالعيد جائزة.
- لا يوجد للتهنئة نص مخصوص وإنما يختار الفرد من عبارات التهاني ما اعتاده الناس فجميع المعايدات جائزة ما لم يكن إثماً، والدليل على مشروعية التهنئة في العيد ما ورد في السنة النبوية فعن جُبَيرِ بنِ نُفيرٍ، قال: “كان أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا الْتَقَوْا يومَ العيدِ يقولُ بعضهم لبعضٍ: تَقبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنكم”.
- العشر من ذي الحجة تبدأ مع بداية الشهر وهي أفضل الأيام عند المولى عز وجل وخير دليل على ذلك ما ورد في السنة النبوية فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ}.
- في الحديث السابق يوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم فضل العمل الصالح في هذه الأيام المباركة ففيها الأجر والثواب يتضاعف، لذا ينبغي على المسلم أن يستثمر وقته في هذه الأيام وأن يتجنب الانشغال بأمور الدنيا لبلوغ الأجر.
- يعتبر يوم عرفة أفضل الأيام العشر لذا أولى النبي صلى الله عليه وسلم اهتمامًا كبيرًا لصيام اليوم التاسع من شهر ذي الحجة فصيام هذا اليوم يُكفر للعبد سنة ماضية وسنة مُقبلة، فقد روي عن النبي ﷺ على لسان أبو قتادة الحارث أنه قال: {فضل صيام يوم عرفة: قال {رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: صَوْمُ ثَلَاثٌ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، فَهذا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ}.
من رحمة المولى عز وجل أنه أنعم علينا بأيام مباركة فيها يُضاعف الأجر وتُستحب الأعمال ومن ضمنهم العشر أيام الأولى من شهر ذي الحجة، ففي هذه الأيام المباركة يضاعف الله تعالى لعبادة أجر العبادات وثوابها، وهي من الأيام المُشار لها في آيات القرآن الكريم في سورة الفجر في قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}، ونظرًا لأهمية هذه الأيام المباركة يتعين على كل مسلم الاجتهاد لبلوغ أعلى أجر، ومن الأعمال المستحبة في هذه الأيام المباركة:
- الصيام:
- الصيام فريضة على كل مسلم في شهر رمضان المبارك وهو ركن من أركان الإسلام الخمس فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا}، وما دون شهر رمضان يعتبر صيام تطوع يُجزى به العبد.
- يستحب الصيام في التسع الأوائل من شهر ذي الحجو لما فيهم من ثواب وأجر عظيم عند المولى عز وجل، وهي من السنن المؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي عن زوجات الرسول ﷺ أنه: {كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصومُ تِسعَ ذي الحِجَّةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ: أوَّلَ اثنينِ مِن الشَّهرِ، والخميسَ والخميسَ}.
- القيام:
- في قيام الليل أجر وثواب عظيم ولو أقامه العبد بركتين ومن دلائل عظمة القيام ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على لسان عبد الله بن عمرو حيث قال: أن النبي ﷺ: {مَن قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتَبْ منَ الغافلينَ، ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كُتِبَ منَ القانتينَ، ومن قرأ بألفِ آيةٍ كُتِبَ منَ المقنطِرينَ}.
- في هذا الحديث ترغيب للمسلم في قيام الليل لما له من فضل وثواب عظيم.
- تلاوة القرآن:
- في تلاوة آيات القرآن الكريم أجر وثواب عظيم وخير دليل على ذلك ما ورد في السنة النبوية، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ {إِنَّ للهِ أهلِينَ مِنَ الناسِ قالوا : من هُمْ يا رسولَ اللهِ ؟ قال أهلُ القرآنِ هُمْ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ}.
- أهل القرآن هم حفظة القرآن العاملون به الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار ويعملون بأحكامه ويتخلقون بأخلاقه والدليل على ذلك قول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة:121].
- بتلاوة أيات القرآن الكريم يبلغ العبد منزلة كبيرة ويؤجر أجر عظيم.
العشر الأوائل من شهر ذي الحجة هي من أحب الأيام إلى الله، وفيها يُستحب القيام في العبادات والتسابق لبلوغ أعلى أجر، لذا ينبغي على كل مسلم أن يحرص كل الحرص على ألا يخرج من هذه الأيام المباركة إلا وقد غفر له، ويمكنكم التعرف على بعض الأعمال التي يمكن القيام بها في العشر الأوائل من ذي الحجة بمتابعة سطورنا التالية:
- على المسلم أن يتوب عن الذنوب التي اقترفها أو التي بدرت منه سواء التي يتذكرها أو التي ارتكبها وغفل عنها، وليقبل المولى عز وجل توبة العبد ينبغي أن تكون توبة نصوحة؛ يعزم فيها العبد على عدم العودة للذنب مرة أخرى، وأن يكون نادمًا على ما اقترفه من سوء
- تجنب المعاصي وجهاد النفس في أداء الطاعات وترك الشهوات والملذات المحرمة، فالاستعفاف عن الخطأ مخافة من المول عز وجل يمنح الفرد منزلة كبيرة.
- التكبير والتسبيح والتهليل وهو ما حثنا النبي صلى الله عليه وسلم عليه في هذه الأيام المباركة، وليس هناك صيغة محددة للتكبير وإنما الأفضل أن يردد العبد: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد.
- التصدق على الفقراء والمساكين ففي ذلك أجر وثواب، وعند التصدق ينبغي العلم بأن الأقربون أولى بالتصدق وقد حدد المولى عز وجل الفئات التي يجوز لها الصدقة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، وعند الحديث عن الصدقة تجدر بنا الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون الصدقة في تقديم المال وإنما التصدق يكون بتقديم بالإنفاق مما يحب العبد، فقد قال تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [سورة آل عمران: 92].
- اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحرص على فعل ما كان يفعله النبي ﷺ في هذه الأيام المباركة وفي غيرها من الأيام بغية التقرب للمولى عز وجل كالحرص ملًا على أداء السنن النبوية لكل فريضة، فإذا التزم العبد بأداء الصلوات الخمس المفروضة في أوقاتها وسننها بُني له بيتًا في الجنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما من عبدٍ مسلمٍ يصلِّي للهِ تعالى في كلِّ يومٍ ثِنْتي عشرةَ ركعةً تطوُّعًا غيرَ فريضةٍ إلا بنى اللهُ تعالى له بيتًا في الجنَّة}.
نختتم حديثنا حول ما حكم التهنئة بعشر ذي الحجة بنصيحة لجميع المسلمين بالحرص على التقرب إلى المولى عز وجل وبلوغ رضاه في هذه الأيام المباركة وننصحكم بعدم التواكل أو الكسل عن الاجتهاد، وفي نهاية مقالنا نتمنى لكم عظيم الأجر والثواب وأن يبلغكم المولى عز وجل هذه الأيام العشر أعوامًا مديدة، وإلى اللقاء في مقال آخر من مخزن المعلومات.