هل لمس الذكر ينقض الوضوء ذلك هو ما يدور حوله موضوع مقالنا التالي والذي نجيبكم عنه في مخزن، حيث يعد من الأمور الحرجة التي يجب على جميع المسلمين التعرف على حكمها في الإسلام وما توصل إليه الفقهاء من آراء في ذلك الصدد، كما وسوف نذكر لكم منقضات الوضوء التي لا تصح الصلاة بعدها.
هل لمس الذكر ينقض الوضوء
اختلف علماء الإسلام في تحديد حكم مس الرجل ذكره بغير حائل وذلك على قولين على النحو التالي:
القول الأول: مس الذكر ينقض الوضوء
- أولهم مذهب جمهور الفقهاء وهو ما قال به الحنابلة والشافعية والمالكية وهو أن الرجل حين يمس ذكره دون حائل فإن ذلك يعد من منقضات الوضوء، وقد استدلوا على ذلك بما ورد عن بُسرَةَ بنتِ صَفوانَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها سمعتْ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (مَن مسَّ ذَكَره فليتوضَّأْ)، وقد قيل أن من يمس ذكره أو القُبُلِ دون حائل فقد تتحرك شهوته ودون أن يشعر يخرج شيئًا منه فما كان مَظِنَّةَ الحدَثِ يكون مثل النوم في حكمه وبالتالي فإنه من منقضات الوضوء.
القول الثاني: مس الذكر لا ينقض الوضوء
- القول الثاني هو ما أخذ به الحنفية وبعض المالكية والحنابلة، أن مس الرجل لذكره دون حائل لا يترتب عليه مطلقًا نقض الوضوء، وقد استدلوا في ذلك على قول ورد عن طَلْقِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (خرجْنا وفدًا حتَّى قدِمْنا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبايعْناه، وصلَّينا معه، فلمَّا قضى الصَّلاة جاء رجلٌ كأنَّه بدويٌّ، فقال: يا رسولَ الله، ما ترَى في رَجُل مسَّ ذَكَرَه في الصَّلاةِ؟ قال: هل هو إلَّا مُضغةٌ منك، أو بَضعَةٌ منك؟!).
- وقالوا أن ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل هو إلَّا مُضغةٌ منك؟!) أنها علة من غير الممكن زوالها، حيث من غير الممكن في يوم أن يكون ذكر الرجل إلا بضعة منه، وفي الحالة التي يتم بها ربط العلة بالحكم فلا يمكن حينها أن يزول بل يصبح الحكم محكمًا، كما وأن الأصل أن الطهارة تظل باقية ولا تنقض دون دليل على وجه اليقين.
هل لمس الخصيتين ينقض الوضوء
- لا يترتب على لمس الرجل لخصيتيه نقض الوضوء، في حين ورد خلاف لدى الفقهاء حول مس حلقة الدبر لما أتى في حديث بسرة بنت صفوان بلفظ (من مس فرجه فليتوضأ)، حيث شمل الخلاف مس الذكر مس حلقة الدبر دون مس الخصيتين فلا تعد من منقضات الوضوء، وهو ما قال فيه الإمام الشافعي رحمه الله (فإن مس أنثييه أو أليتيه أو ركبتيه ولم يمس ذكره لم يجب عليه الوضوء).
هل مسُّ المرأةِ فرْجَها ينقض الوضوء
اختلف الفقهاء حول حكم مسِّ المرأةِ فرْجَها وما إذا كان يترتب على ذلك نقض الوضوء أو البقاء على طهارة وذلك على قولين على النحو التالي:
القول الأول: مس المرأة فرجها لا ينقض الوضوء
- لا يعد مس المرأة لفرجها منقض للوضوء وهو ما أخذ به المالكية والحنفية وقد استدلوا في ذلك على قول طَلْقِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه (خرجْنا وفدًا حتَّى قدِمْنا على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبايعْناه، وصلَّينا معه، فلمَّا قضى الصَّلاةَ جاء رجلٌ كأنَّه بدويٌّ، فقال: يا رسولَ الله، ما ترَى في رَجُل مسَّ ذَكَرَه في الصَّلاةِ؟ قال: هل هو إلَّا مُضغةٌ منك، أو بَضعَةٌ منك؟!)، حيث لا فرق بين الأنثى والذكر في ذلك الحكم.
- كما واستدلوا أن النصوص الواردة في نقض الوضوء أتت بمس الرجل لذكره، دون مس المرأة لفرجها وعلى ذلك فلم يرد نص حول مس المرأة لفرجها وبالتالي فإن الأصل يكون بقاء الطهارة.
القول الثاني: مس المرأة فرجها ينقض الوضوء
- ذلك هو ما قال به الحنابلة والشافعية بأن مس المرأة لفرجها من منقضات الوضوء، واستدلوا في ذلك بقول عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (أيُّما رَجلٍ مسَّ فَرجَه، فلْيتوضَّأ، وأيُّما امرأةٍ مسَّت فرجَها، فلْتتوضَّأْ).
ما هي نواقض الوضوء
إن المقصود بنواقض الوضوء ما يترتب على إحداثه أو إتيانه فساد الوضوء، وتنقسم إلى نوعين أولهما المتفق عليه، وآخرى مختلف عليه، وهو ما سنوضحه في الفقرات التالية:
نواقض الوضوء المتفق عليها
النوع الأول من نواقض الوضوء هو النوع المتفق عليه والذي سنعرضه لكم فيما يلي:
الخارج من السَّبيلين
وهو ما يستوي به إن كان الخارج من السبيلين قليلًا أم كثيرًا، وهو ما يتضمن كلًا مما يلي:
- الغائط والبول: والدليل في ذلك قول الله تعالى في سورة المائدة الآية 6 (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا).
- الرِّيح: سواء بإيجاد رائحة أو صدور صوت، وهو ما قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا وجَدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِهِ شيئًا، فأشْكَلَ عليهأخَرَجَ منه شيءٌ أمْ لا، فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حتَّى يَسْمع صَوْتًا، أوْ يَجِدَ رِيحًا).
- المَني: وهو ما بخرج من الرجل من ماء أبيض غليظ، بينما في المرأة فيكون رقيق أصفر، والمقصود في تلك الحالة ما يخرج في غير الشهوة كالبرد أو الحر، وهو ما اتفق الجمهور عليه، بينما قال الإمام الشافعي وجوب الغسل حتى وإن كان ذلك غير مرتبط بشهوة، وما يخرج من المرأة فإنه خارج من السبيلين وهو ما يوحب الوضوء على الرغم من طهارته.
- المَذي: وهو ماء لذج أبيض يخرج حين التفكير بالجماع أو بالإرادة، وهو ما قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم (توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك).
غَيبة العقل أو زواله
وهناك العديد من الأسباب التي قد يترتب عليها ذهاب العقل، والسبب في ذلك ما يحدث من خروج شيء من من أحد السبيلين أو كليهما بغير شعور من الشخص نتيجة زوال عقله، ولعل من أبرزها ما يلي:
- النوم.
- الصرع، الجنون، الإغماء.
- تعاطي المسكرات أو المخدرات.
نواقضُ الوضُوء المُختلف فيها
يوجد العديد من نواقض الوضوء المختلف عليها، وتتضمن تلك النواقض الأمور التالية:
مسّ المرأة
وقد حدث خلاف لذى العلماء حول تلك المسألة على أقوال ثلاثة نعرضها لكم فيما يلي:
- رأي أبي حنيفة: لا ينقض الوضوء مسَّ المرأة إلا في الحالة التي يخرج عنه شيء، وذلك مثلما يحدث عند المباشرة والتقاء الفرجين.
- رأي الحنابلة والمالكية: إن كان مس المرأة بشهوة فإنه منقض للوضوء، وما عدا ذلك لا ينقض الوضوء.
- رأي الشافعية: أي مس للمرأة في مختلف حالاته منقضًا للوضوء سواء كان بشهوة أو لم يكن كذلك.
مَسّ الفَرج باليد من غير حائل
يوجد العديد من الآراء التي اختلف عليها العلماء حول ذلك الناقض، وتلك الآراء هي:
- المالكية: لا يُنقض الوضوء بمسِّ الدُّبر، كما لا ينقض عند مسِّ المرأة لفرجِها، ولكن ينقض فقط عند مسِّ الذَّكر بشهوةً كان أم لم يكن كذلك.
- الشافعية: مس الفرج ينقض الوضوء.
- الحنفيِّة: مسَّ الفرج لا يُنقض الوضوء.
- الحنابلة: المسَّ بغير شهوةٍ لا يُنقض الوضوء، ولكن بشهوة ينقضه.
أكلُ لحم الإبل
الإمام أحمد بن حنبل وحده هو من ذهب أن تناول لحم الإبل وشرب لبنها من نواقض الوضوء، وهو ما يستوي به اللحم المطبوخ أو النيء، في حين ذهب جمهور الفقهاء أن تناول الجزور من غير نواقض الوضوء على الإطلاق.
تغسيل الميت
والمقصود هنا المُغسل الذي يقوم بتغسيل المتوفي، وقد اعتبر الإمام أحمد بن حنبل الغسل من نواقض الوضوء، في حين قال جمهور الفقهاء أنه لا يعتبر من النواقض.
الرِّدَّة عن الإسلام
وهو ما قال به المالكية والحنابلة وقد استدلوا في ذلك بقول الله تعالى في سورة المائدة الآية 5 (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)، حيث يعتبر الوضوء من عمل المسلم وبالخروج من الدين يحبط وضوئه وينقض، في حين ذهب البعض من الفقهاء أن الردة عن الإسلام من غير نواقض الوضوء لما ورد في سورة البقرة الآية 217 لقول الله تعالى (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، وفي الآية الكريمة لكي يحبط العمل يشترط الموت.
وبذلك نكون قد أجبناكم تفصيلًا في مخزن على سؤال هل لمس الذكر ينقض الوضوء حيث أوضحنا الكثير من الأحكام المتعلقة بالوضوء وصحته وما يترتب على حدوثه بطلانه حسب قول فقهاء الإسلام.
المراجع
1 – 2