يُشتق لفظ الوضوء في اللغة العربية من الوضاءة أي البهاء والحُسن، ويشير في الشريعة الإسلامية إلى الطهارة لأعضاء معينة في الجسم بالمياه بصفة مخصوصة بنيّة المسلم للتعبد، والأفعال المخصوصة هنا هي النيّة المسبقة وإيصال المياه إلى أعضاء مخصوصة في الجسم.
والوضوء في الإسلام فعل واجب ومُستحب، فهناك عبادات تُوجب الوضوء على المسلم كأداة الفرائض كالصلاة، وهناك عبادات يُستحب الوضوء قبل الشروع فيها مثل ذكر الله، قراءة القرآن الكريم، فمن توضئ طهُر بدنه من الحدث وصارت جميع العبادات مباحة له، ويُقصد بـ سُنن الوضوء تلك الأمور التي يفعلها المسلم عند وضوءه اقتداءً بخير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتتمثل سنن الوضوء في الآتي:
استخدام السواك قبل الوضوء
يُقصد بالسواك ما يُشبه العود الخشبي ويُستخدم في تنظيف الأسنان، ودلّ على ذلك حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي؛ لَأمَرتُهم بالسِّواكِ مع الوُضوءِ).
التسمية
يُقصد بالتسمية أن يبدأ المسلم وضوءه بقول بسم الله الرحمن الرحيم أو بسم الله، وقد ثبت هذا الأمر عن الصحابي أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (طلبَ بعضُ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وضوءًا، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: هل معَ أحدٍ منْكم ماءٌ؟ فوَضعَ يدَهُ في الماءِ، ويقولُ: توضَّؤوا باسمِ اللَّهِ).
المضمضة والاستنشاق
وهم فعلان مستحبان عند غالبية الفقهاء، ويباح للمتوضئ فعلهما على النحو الذي يلائمه على أن يصل الماء إلى الفم والأنف، ومن السُنة فعل ذلك ثلاثة مرات، ودلّ على ذلك ما جاء عن الصحابي عبد الله بن زيد ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في وصف وضوء النبي (فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ، ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ)، حيثُ يحدث الأمر في مكان واحد، ليستنشق المسلم بيده اليمي ويستنثر باليد اليُسرى، ويجوز فيهما المبالغة إلا للمرء الصائم، وذلك لقول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (وَبَالِغْ في الإستنشاقِ إلَّا أن تكونَ صائمًا).
تخليل الأصابع بالمياه
يُقصد بذلك غمر أصابع القدمين واليدين وتخليلهما بالمياه من كل اتجاه، وذلك لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إذا توضَّأتَ، فخلِّلْ أصابعَ يديكَ ورجليكَ)ويكون تخليل أصابع اليدين من خلال التشبيك بينهما، ويكون التخليل لأصابع القدمين باستخدام خنصر اليد اليُسرى، وذلك لما جاء ثابتاً عن المستورد بن شداد ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ توضَّأَ، فخلَّلَ أصابعَ رجليهِ بخنصرِهِ).
مسح جميع أجزاء الرأس
يُقصد بذلك تعميم جميع أجزاء الرأس بالمياه من مقدمتها حتى نهايتها، ثم العودة من نهاية الرأس إلى الأمام مرة أخرى، وذلك ما جاء في حديث عبد الله بن زيد ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في وصفه لوضوء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بيَدَيْهِ، فأقْبَلَ بهِما وأَدْبَرَ، بَدَأَ بمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حتَّى ذَهَبَ بهِما إلى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُما إلى المَكَانِ الذي بَدَأَ منه)
دلك أعضاء الوضوء
يُقصد بالتدليك أن تمر اليد على العضو بعد وضع المياه عليه، وذلك ما جاء في حديث عبد الله بن زيد ـ رضي الله عنه ـ أنه قال في وصفه لوضوء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ توضَّأَ، فجعَلَ يَقولُ: هكذا يَدلُكُ)
إطالة الغرة والتحجيل
من السُنة للمتوضئ أن يغسل الجزء الأمامي من الرأس أي الغرة، وكذلك غسل ما يوجد فوق المرفقين في اليدين وهو ما يُعرف بالتحجيل، ودلّ على هذا قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنَّ أُمَّتي يُدْعَوْنَ يَومَ القِيامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطاعَ مِنكُم أنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)
عدم الإسراف في استخدام المياه
من السُنة عدم الإسراف في مياه الوضوء، فقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم يتوضأ بما يقل عن لتر واحد من المياه، وذلك ما ثبت في حديث الصحابي أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَغْسِلُ، أوْ كانَ يَغْتَسِلُ، بالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، ويَتَوَضَّأُ بالمُدِّ)
مسح الأذنين
يُسن للمتوضئ أن يقوم بغسل الأذنين ومسحهما بالمياه ظاهراً وباطناً، وذلك لما جاء في حديث عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ (أنَّ النبيَّ مسح برأسِهِ وأذنيهِ ظاهرهِمَا وباطنهِمَا).
التشهد والدعاء عند الفراغ من الوضوء
فيتشهد المسلم عند الفراغ من صلاته ويدعو ربه صادقاً بما في نفسه، وذلك بما ثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي قال: (مَنْ توضَّأَ فأحْسَنَ الوضوءَ، ثُمَّ قال: أشهَدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شريكَ لَهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ اجعلْنِي مِنَ التوَّابينَ، واجعلْنِي منَ المتطهِّرينَ، فُتِحَتْ لَهُ ثمانيةُ أبوابِ الجنَّةِ، يدخلُ مِنْ أيِّهَا شاءَ)
تخليل اللحية الكثيفة بالمياه
يُقصد بذلك إيصال المياه إلى جميع خصلات شعر اللحية الكثيفة للرجال، ويجب غسل باطن اللحية إن كانت خفيفة، وذلك لما جاء عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ (كان إذا توضَّأَ أخذَ كفًّا منْ ماءٍ فأدخلَهُ تحتَ حنَكِهِ، فخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وقال: هكَذَا أمَرَنِي ربِّي).
غسّل الكفين ثلاث مرات
حيثُ يغسل المسلم كفيه ثلاثة مرات ويغمرهما بالمياه ليطهر لأداء الصلاة، وذلك ما جاء عن عبد الله بن زيد ـ رضي الله عنه ـ في وصفه لوضوء النبي: (فَتَوَضَّأَ لهمْ وُضُوءَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأكْفَأَ علَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا).
التثليث في سنن الوضوء وفرائضه
يُقصد بذلك أداء خطوات الوضوء ثلاثاً ، فيغسل المسلم يديه ثلاثة وأذنيه ثلاثاً وغيرها، وذلك لما ثبت عن الصحابي عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (ألا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا).
التيامن
يُقصد بذلك تقديم اليد اليُمني على اليُسرى والرجل اليُمنى على اليُسرى في الوضوء، وذبك لقول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إذا توضأتُم فابدؤوا بميامنِكم)
عدد سنن الوضوء
اختلفت سُنن الوضوء وعددها عند المذاهب الفقهية الأربعة، وذلك على النحو الآتي:
الحنفية : جاءت سُنن الوضوء في المذهب الحنفي سبعة عشر سُنة ومن بينها النيّة ، الموالاة، المحافظة على ترتيب غسل الأعضاء، مسح الأذنين، المضمضة ثلاث مرات، الاستنشاق بثلاثة غرفات.
المالكية: بلغت سُنن الوضوء في المذهب المالكي ثمانية سُنن، ومن بينها الموالاة في سنن الوضوء، غسل المسلم يديه إلى الكوعين قبل إدخالهما في الإناء، مسح الرأس.
الشافعية: بلغت سُنن الوضوء في المذهب الشافعي قرابة الثلاثين سُنة، ومن بينها مسح الرأس كامله أو جزء منه، البداية بغسل اليدين والرجلين بالأصابع، صلاة ركعتين بعد الوضوء، المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ويجوز المبالغة فيهم للمفطر، الموالاة، تحريك الخاتم حتى تصل المياه إلى ما أسفله.
الحنابلة: تبلغ سنن الوضوء في المذهب الحنبلي قرابة العشرين سُنة، ومن بينها استصحاب النية لنهاية الوضوء، الدعاء عند الانتهاء من الوضوء، غسل المسلم كفيه ثلاثاً إن لم يكن مستيقظ من نومه ليلاً، الوضوء دون مساعدة أحد.
أسئلة شائعة
ما هي فرائض الوضوء السبعة؟
تُعد فرائض الوضوء أو أركانه هي الأمور التي لا يصح وضوء المسلم دونها، والتي تتمثل في: ـ غسل الوجه ومنه الأنف والفم. ـ غسل اليدين إلى المرفقين. ـ مسح الرأس. ـ غسل الرجلين إلى الكعبين. ـ الترتيب بين أعضاء الوضوء. ـ المولاة بين الأعضاء أي غسل الأعضاء تباعاً دون فاصل زمني بعيد بينهما.