تعتبر ظاهرة كسوف الشمس من الظواهر الكونية التي يأتِ بها الله لعباده من أجل عدة أسباب أهمها يتمثل في أن الله يحدث هذه الظواهر من أجل أن تكون تخويف للأشخاص الذين لا يعبدونه أو للعباد المقصرين في تأدية واجباتهم الدينية وهذا في ضوء حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
حيث أنه عندما توفى ابن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كسفت الشمس وهذا في ضوء ما ورد على لسان المغيرة بن شعبة أنه قال:” انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَومَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ” ( صحيح) فهذا ما جعل العديد من الناس تقول أن كسوف الشمس حدث بسبب موت ابن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن هنا بدء الناس في الربط الدائم بين وقوع ظاهرة الكسوف الخاص بالشمر أو ظاهرة الخسوف الخاصة بالقمر بأن هذه تعتبر علامة على احتمالية وقوع كارثة أو موت أحد الشخصيات البارزين.
ولكن كل هذه الأقاويل السابقة تعتبر بدع غير حقيقة وهذا من خلال حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال:” إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَنكسِفانِ لِموتِ أحدٍ ولا لِحَياتِه؛ فإذا رأيتُموهما فادْعُوا اللهَ وصَلُّوا، حتَّى يَنجليَ” ( مجمع الزوائد)
لماذا يخاف الناس من حدوث ظاهرة خسوف الشمس
هذا يعود إلى عدد من الأسباب ذكرنا بعضها في السابق أن بعض الناس يخافون من هذه الظواهر الكونية بسب ظنهم الخطأ أن هذه الظواهر تكون بمثابة مقدمة لحدوث عدة أشياء اخرى قد تتمثل في حدوث كوارث مثلاً أو وفاة أحد الأشخاص ولكن جميع هذه الظنون خاطئة.
ولكن كثير من الأشخاص يظن أن الكسوف والخسوف يحدثان من أجل التذكير بقدرات الله سبحانه وتعالى حتى يذكر الله العباد المقصرين بقدرته، وهذا يكون بمثابة حث لهم على أن يعودوا ليعبدوه ويقوموا بتأدية العبادات الخاصة بهم من صلاة وتلاوة قرآن وغيرها.
عن أبو موسى الأشعري رضى الله عنه أنه قال:”خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَزِعًا، يَخْشَى أنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فأتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بأَطْوَلِ قِيامٍ ورُكُوعٍ وسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وقالَ: هذِه الآياتُ الَّتي يُرْسِلُ اللَّهُ، لا تَكُونُ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ به عِبادَهُ، فإذا رَأَيْتُمْ شيئًا مِن ذلكَ، فافْزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِهِ واسْتِغْفارِهِ.” (صحيح البخاري)
فهذا الحديث السابق يبين لنا أن الله تعالى يحدث هذه الظواهر حتى نقوم بعبادته وذكره واستغفاره وهذا بالفعل ما ورد في الحديث السابق، ولذلك يجب علينا عندما تحدث أي من هذه الظواهر أن نقوم بذكر الله سبحانه وتعالى بشكل أكثر، وكذلك أن نقوم بتأدية الصلاة الخاصة بهذه الظواهر حيث أنه هناك صلاة نقوم بأدائها عند حدوث أي من الظواهر الكونية المذكورة سواء كان كسوف الشمس أو خسوف القمر.
حكم صلاة الكسوف
تعتبر صلاة الكسوف أو الخسوف من الصلوات التي أكد العديد من الفقهاء أنها تعتبر واحدة من اهم السنن المؤكدة، كما أنها تعتبر واحدة من النوافل التي من الممكن أن نصليها في هيئة صلاة جماعة، حيث أن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كان يقوم بصلاتها في شكل صلاة جماعة، ولكنه أجاز أيضا إتاحة أن نصليها في شكل فردي مع العلم أن هذه الصلاة من الممكن أن تقوم النساء بتصليتها حيث قامت السيدة عائشة والسيدة فاطمة رضي الله عنهن جميعاً بصلاة هذه الصلاة مع سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
ودليلاً على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم بأداء هذه الصلاة في جماعة ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها أنها قالت:
من الممكن أن نقوم بتأدية صلاة الكسوف في أي وقت بدايةً من بداية ظاهرة الكسوف وحتى تزول أو تنتهي هذه الظاهرة وهذا اقتضاءً برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، حيث أنه وصنا عندما نقوم برؤية أي من هذه الظواهر أن نصلي حتي تنجلي الظاهرة وتنتهي.
ومن هنا يجب أن ننوه أن صلاة الكسوف يجب أن تتم حتى ينتهي الكسوف كلياً وليس جزئياً لأنه في حال انتهاء هذا الكسوف بشكل جزئي يصبح في هذه الحالة من الممكن أن نصلى الكسوف أيضا.
ويجب التأكيد على أن هذه الصلاة لا تعويض لها بمعنى في حال أن الكسوف قد حدث وانتهى وانت لم تشعر به ولم تقوم بتأدية صلاة الكسوف ففي هذه الحالة لا تستطيع أن تقوم بتأديتها في وقت لاحق وذلك بسبب أن سبب هذه الصلاة قد أنتهي وزال.
كيفية أداء صلاة الكسوف
صلاة الكسوف مكونة من ركعتين وكل ركعة من الركعتين مكونة من قيامين وقراءتين في القيامين من الفاتحة وما تيسر من آيات القرآن الكريم، وركوعين وسجدتين.
في بداية الصلاة نقوم بالبدء بتكبيرة الإحرام ثم بعد ذلك نبدأ في قول دعاء الاستفتاح، ثم بعد ذلك نبدأ في الاستعاذة والبسملة ثم قراءة الفاتحة وقراءة سورة البقرة أو أي سورة أخرى من سور القرآن الكريم ولكن يجب أن تكون في نفس طول سورة البقرة.
ثم نقوم بالركع ركعاً طويلةً نسبح فيها بقدر مائة آية، ثم بعد ذلك نقوم بالرفع من الركوع ونقوم بالحمد والتسبيح في اعتدال، ثم نقوم بقراءة الفاتحة وسورة أخرى مثل سورة آل عمران مثلاً أو سورة أخرى في نفس طولها، ثم نقوم بالركوع ركعة طويلاً، وبعد ذلك نرفع من الركوع ونسبح ونحمد ولكن دول أن نطيل في الاعتدال.
وبعد ذلك نقوم بالسجود سجدتان طويلتين مع الأخذ في الاعتبار أن لا نطيل الجلوس بين السجدتين، ثم نبدأ في القيام إلى الركعة الثانية، ونفعل مثلما فعلناً في الركعة الأولى من الركوعين ولكن يكون دون الأول في الطول في كل ما نفعل، ثم نقوم بالتشهد والتسليم.
مع التنويه أن في حالة خسوف القمر نقوم بالجهر في القراءة، وهذا بسبب كونها صلاة ليلية ولكن في صلاة كسوف الشمس لا تكون جهرية بسبب أنها نهارية، وكذلك يجب التأكيد على حرية الاختيار في السور المقروءة خلال الصلاة حيث أنه لا يشترط أن يتم قراءة سورة البقرة أو سورة آل عمران، بل من الممكن أن يتم قراءة ما يتيسر لك من أي من السور الكريمة، ولكن يشترط أن تكون بنفس قدر هذه السور السابق ذكرها والله -سبحانه وتعالى- هو العليم الخبير.