الفرق بين التوحد والتوحد الافتراضي
يُعتبر التوحّد (Autism) أحد أنواع الاضطرابات العصبية السلوكيّة، ويتفاوت بطبيعة شدته وأعراضه من حالة إلى أُخرى، ولكنه يتسبّب في صعوبة تواصل المُصاب بالتوحد مع المحيطين به؛ مثل عدم التواصل خلال الحديث بالعينين مع شخص مُعيّن، وذلك بالتزامن مع تكرار بعض التصرّفات ذات نمط مُحدّد؛ ومن أمثلتها ترتيب الأغراض أو الألعاب بطريقة ما، والشعور بالانزعاج القوي إذا ما تم بعثرتها.
في حين أن التوحد الافتراضي هو عبارة عن وصف لاضطراب تم ملاحظته في الحقيقة مؤخرًا، حيث يتسبّب في ظهور أعراض قريبة في الشبه جدًا من أعراض التوحد على الأطفال الصغار ممن يستخدمون الشاشات الإلكترونية بمختلف أنواعها منذ سن صغير.
وقد أكدت الأكاديميّة الأمريكيّة لصغار السّن حول ضرورة تجنب استخدام الشاشات الإلكترونية نهائيًا للأطفال ممن تقل أعمارهم عن السنتين، وتقليل وقت استخدام الأطفال الأكبر سنًا، بما لا يتجاوز ساعتين كل يوم، وهو ما يدعم ارتباط التوحد الافتراضيّ مع الشاشات هو زيادة معدلات إصاباته بالمُجتمعات الغنيّة عند مقارنتها بمجموع الإصابات بالمُجتمعات الفقيرة.
الفرق بين أسباب الإصابة بالتوحد والتوحد الافتراضي
تختلف أسباب الإصابة بين التوحد والتوحد الافتراضي، ويمكن إيضاحه على النحو التالي:
أسباب الإصابة بالتوحد الافتراضي
غالبًا ما ينجم التوحد الافتراضيّ عن تحفيز دماغ الطفل في وقت مبكر، وهو ما يتسبّب باختلال العديد من الوظائف الحيويّة؛ وتشمل اللغة ومهارات التواصل، وذلك ما يُفسّر حالة تراجع أعراض التوحّد الافتراضيّ فور الامتناع عن استخدام الشاشات الإلكترونيّة وانخراط الأطفال في أنشطة حقيقية حيويّة بعيدة عن العالم الافتراضيّ؛ كاللعب بالحدائق، أو مُشاركة الأهل بأعمال المنزل البسيطة.
أسباب الإصابة بالتوحد
لا يوجد سبب محدد وواضح يُفسّر الإصابة بالتوحّد، ولكن على الأرجح هناك بعض العوامل التي تعزز من احتمالات الإصابة به، ومنها ما يلي:
- إصابة فرد مقرب من العائلة بالتوحّد.
- ولادة المُصاب بالتوحد بوزن يقل عن الحدّ الطبيعيّ.
- تعرّض المُصاب إلى معادن ثقيلة وسموم مُعيّنة.
- ولادة المُصاب بالتوحد لوالدين في أعمار كبيرة.
- الإصابة ببعض الاضطرابات الجينيّة؛ ومنها مُتلازمة الكروموسوم إكس الهشّ.
- تعرّض أم المُصاب إلى عدوى فيروسيّة أثناء فترة الحمل.
- استخدام بعض أنواع الأدوية أثناء فترة الحمل كدواء حمض الفالبوريك (Valproic acid) أو الثاليدوميد (Thalidomide).
الفرق بين التوحد والتوحد الافتراضي من حيث الأعراض
أعراض التوحد الافتراضي
هناك الكثير من المؤشرات والأعراض التي قد تتضح على الطفل وتساهم في الكشف عن التوحد الافتراضي في وقت مبكر، وهذه الأعراض تختلف من طفل لآخر، وسوف نذكر في النقاط التالية بعض من تلك الأعراض:
- يعاني بعض الأطفال من المشاكل بالتعلم والتأخر المعرفي، في حين يُظهر آخرون مستوى تقدم معرفي وذكاء طبيعيين.
- عدم إظهار أي استجابة حين سماع اسمهم أو عند النداء عليهم.
- ضعف بتعابير الوجه ولغة الجسد وتجنب النظر بعيون الشخص المقابل.
- الميل إلى اللعب والبقاء وحدهم ومقاومة التواصل الجسدي مثل العناق.
- إظهار بعض العدائية، إلى جانب الميل للتخريب.
- البدء في الكلام أو النقاش فقط بحالة كان يود في طلب شيء ما.
- التكلم بنبرة أو صوت غير طبيعي أقرب ما يكون إلى صوت الآليين وتكرار جمل وكلمات لا يدركون معناها.
- صعوبة فهم الأسئلة مهما كانت بسيطة، ومواجهة صعوبة بالرد عليها.
- إظهار عدم تعاطف أو اللا مبالاة تجاه مشاعر الآخرين.
- الحساسية تجاه الكثير من الأمور العادية كالضوء والصوت وعدم الخوف من بعض الأمور الخطرة كالحرارة والنار.
- الشغف ناحية تفاصيل أمر ما كجناح الطائرة دون إدراك الغرض من ذلك الشيء.
- الميل للألعاب التي قد تكون مؤذية مثل ضرب الرأس أو العض.
- إمتلاك سلوكات غريبه كالمشي على أطراف الأصابع وبعض الطقوس المعينة التي يبدي انزعاج حين تغيرها.
أعراض مرض التوحد
من الممكن أن يتم ملاحظة إصابة الأطفال بمرض التوحّد منذ المراحل الأولى من حياتهم، إذ تبدأ بالظهور بعد عمر الستة شهور، وتتأكد الحالة حين بلوغ الطفل عامه الثاني، إذ يلازم ذلك المرض المصاب به طوال حياته، ويتمثل في مجموعة أعراض الأساسية، نذكرها فيما يلي:
- ضعف التواصل الاجتماعي مع المحيط الذي يعيش الطفل به، حيث لا يقوم بأي تواصل بالعيون، كما لا يستجيب حين مناداته بأسمه، بالإضافة لاقتصار تفاعله مع الآخرين والذي يكون بالكلمات غير المفهومة، مع تفضيل البقاء بمفردهم عوضًا عن الاندماج مع الآخرين، بالإضافة للقيام بالتصرفات العدوانية مثل الضرب أو إيذاء النفس والآخرين.
- عدم المقدرة على التواصل مع الآخرين بشكل مفهوم، وعدم المقدرة على إيضاح رغباتهم أو أفكارهم، والحديث بطريقة معكوسة ببعض الأحيان مثل عكس الضمائر مع الكلمات، وعدم المقدرة على التعبير عن طريق الإشارات أو الحركات.
- القيام بسلوكيات أو التلفظ بالجمل والعبارات بشكل متواصل ومتكرّر، كالقيام بحركات متكرّرة بالرأس واليدين، والتركيز فقط على نقطة واحدة لفترة طويلة، والقيام ببعض الأنشطة الدالة على نوع من أنواع الوسواس القهري، مثل الحرص على ترتيب الأشياء بالمكان على نحو دقيق.
- عدم المقدرة على التمييز بين الأمور الآمنة والخطرة.
- التحسّس من لمسهم أو الاقتراب منهم، وخاصة بمنطقة الرأس.
- زيادة الحركة عن حدها.
علاج التوحد والتوحد الافتراضي
إلى الآن لم يتم اكتشاف علاج شافٍ للتوحّد بشكل تام، فهو واحد من الأمراض المُزمنة التي يتعايش المُصابون معها طوال عُمرهم، وما تسعى العلاجات المُتاحة لتحقيقه هو الحد من الأعراض وتأثيرها قدر الإمكان على حياة المُصابين، ومُساعدتهم بالانخراط في المُجتمع ومختلف العلاقات الاجتماعيّة.
في حين يمكن الشفاء من التوحّد الافتراضي عند تجنّب استعمال الشاشات الإلكترونيّة، ومُشاركة الطفل بأنشطة أُخرى تُساعده في بناء مختلف المهارات، حتى وإنّ تتطلّب هذا بعض الوقت أو طلب المُساعدة لتخطّي المُشكلة من الأخصائيّين، وغالبًا ما يزداد التخلّص منه صعوبة عند زيادة عُمر الطفل.
كيفية علاج التوحد الافتراضي
يتمثل علاج التوحد الافتراضي في عكسِ مسببه، ومن ثم فإن الإزالة النهائية للشاشات من حياة الطفل تعد الخيار المثالي والأول للعلاج، ولكن ذلك لن يكونَ أمرًا يسيرًا على الإطلاق، حيث سوف يضطر الوالدان لمواجهة العديد من نوبات الغضبٍ المستمرةٍ من طفلهم، ومن الممكن أن يتم إيضاح كيفية علاج التوحد الافتراضي فيما يلي:
- مُراجعة مُختص بعلاج التوحد الافتراضي: حيث يحتاج الوالدان بمثل تلك الحالات للدعم الخارجي لكي يقوموا بتغيرات جذريةٍ بأسلوب حياتهم، وقد يتطلب ذلك في بعض الأحوال التعاون مع مختصٍ بعلاج مشاكل الأطفال ذات الصلة بنموهم، أو مع أخصائي تواصل اجتماعي أو كل منهما.
- على الوالدين القيام بإجراء تلك التغييرات واللعب مع الطفل والتواصل معه بواسطة الألعاب التفاعلية، وهو ما سوف يؤدي لنتائج رائعة لدى الطفل.
- على الوالدين تجربة إزالة الشاشات بشكل نهائي من حياة الطفل وسيلاحظون التحسن بأعراض الطفلِ منذ الشهر الأول.
- ملحوظة: قد ينزعج أفراد العائلة من إلغاء الشاشات من حياتهم، لذا ننصحهم بمشاهدة برامجهم المفضلة عقب خلود الطفل للنوم، والتأكد من عدم مشاهدتهم إطلاقًا للتلفاز.
أنشطة تساعد طفل التوحد الافتراضي على التحسن
تتعدد الأنشطة التي يمكن استخدامها في تحسين أعراض حالة التوحد الافتراضي لدى الطفل، والتي تتضمن ما يلي:
- الأنشطة التعليمية: والتي يتم بها تزويد الطفل بأوراق عملٍ تهدف لتوسيع مداركه، إلى جانب تحفيز عقله على التركيز.
- الحرف اليدوية: وتهدف نحو تحفيز حاسة اللمس لدى الطفل.
- ألعاب تفاعلية: والتي تهدف لتسلية وتشجيع الطفل على التواصل والتركيز بآنٍ واحد.
- الحركة والرقص: وتهدف لإبقاء الطفل هادئًا نشيطًا ومركزًا على مختلف المهام.
- حصص الموسيقى والعزف: إذ تشجع الطفل على العزف والإنتاج، وكتابة مختلف المقطوعات الموسيقية على يد خبراء مختصين في حالة الطفل.
- اللعب مع الحيوانات واللعب خارج المنزل: إذ يوفر ذلك النوع من الأنشطة المتعة والعلم والمتعة بآنٍ واحد.
- القراءة: إذ تهدف تلك المهارة لتثبيت عادة القراءة لدى الطفل لتجلب المتعة إليه.
- ممارسة مختلف الرياضات: وهو ما يهدف نحو إبقاء الطفل نشطًا.
المراجع