وقعت معركة المليداء بين الإمام عبدالرحمن بن فيصل وابن رشيد في عام 1981 ميلادياً وتحديداً في اليوم الرابع والعشرون من شهر يناير 1981 والموافق ليوم الثالث عشر من شهر جماد الثاني في عام 1308 هجرياً.
ميلداء تعتبر واحدة من المدن الموجودة في المملكة العربية السعودية، وتقع بالتحديد في منطقة القصيم في الجزء الغربي لمدينة بريدة، علماً بأن المملكة العربية السعودية عموماً خاضت العديد من الحروب والمعارك التي كان لها عدة تأثيرات قوية على السعودية، وتعتبر معركة الميلداء واحدة من هذه المعارك التي حدثت في المملكة العربية السعودية منذ مئات السنوات السابقة وحتى قبل بداية القرن الماضي.
هناك العديد من الأشخاص والمؤرخين الذين يهتمون دائما بمراجعة المعارك والحروب التي حدثت بين المسلمين في الأزمنة والسنوات السابقة، حتى يقوموا بأخذ العبر من تلك المعارك والاستفادة من فطنة المسلمين وحنكتهم وذكائهم في إدارة الأزمات والخروج منها بأفضل نتيجة ممكنة من دون وقوع أي خسائر.
ولهذا السبب سوف نقوم بعرض وتناول كافة الأمور الخاصة بمعركة الميلداء في هذا المقال حيث أن هذه المعركة لعبت دوراً هاماً وبارزاً في تحديد مسار المملكة العربية السعودية بأكملها حيث أن تلك المعركة وقعت بين طرفين من داخل المملكة.
سبب حدوث معركة المليداء
دارت معركة الميلداء بين أمير حائل محمد بن عبد الله الرشيد المعيين، والذي كان ينتمي إلى العثمانيين، وكان أميراً على منطقة نجد، وكانوا أنصاره من أهل حائل بجانب أنه كان لديه مجموعة من الأنصار من قبيلة شمر، ودارت معركة الميلداء بين الأمير حسن آل مهنا أبي الخيل أمير بريدة وأنصاره الذين يتواجدون بكثرة في الأطراف الشمالية لمدينة القصيم بالمملكة العربية السعودية.
بعد إن كان الأمير حسن آل مهنا يعتبر واحد من أعوان أمير حائل الأمير محمد بن عبد الرشيد بدء ظهور عدة مشكلات وخلافات عديدة بينهما، ومن أبرز أسباب تلك الخلافات هي أن الزكاة الخاصة ببعض مناطق القصيم كان يتم إعطاؤها للأمير حسن آل مهنا أمير بريدة، مما جعل الأمير محمد ابن عبد الله الرشيد يقوم بإرسال مجموعة من جنوده، حتى يقوموا بتحصيل الزكاة، ولكن سرعان ما اشتعلت النار، ونشب الخلاف وتبادلاَ الجيشين إطلاق النيران على بعضهم البعض.
علماً بأنه كان هناك تحالف بين الأمير حسن بن مهنا وبين الأمير زامل بن سليم أمير عنيزة، ولكن بعد نشوب هذا الخلاف انتهى هذا التحالف بخروج الأمير حسن بن مهنا عن تلك التحالف الذي عقده مع محمد بن عبد الله الرشيد، وهذا ما جعل هناك رغبة من قبل عبد الرحمن بن فيصل في التخلص من الأمير ابن سبهان المعين أمير الرياض، ولكنه تمكن من أن يقوم بالقبض عليه بعد ذلك.
وهذا الأمر الذي أثار الغضب الشديد للأمير محمد بن عبد الله الرشيد لذلك قام بإعداد جيش، وتوجه به من حائل واصلاً إلى الرياض، ولكنه خلال الطريق الطويل الذي يربط بين حائل وبين الرياض لم يحتك نهائياً بأهل القصيم.
وعندما وصل الأمير محمد بن راشد إلى الرياض بدءاً في التفاوض مع الأمير محمد بن فيصل والأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن والأمير عبد الله بن عبد اللطيف، وكان هذا التفاوض من أجل أن يصل معهم إلى اتفاق يجعلهم يطلقون سراح ابن سبهان وبالفعل نجح هذا التفاوض في إطلاق سراح ابن سبهان، ولكن هذا في مقابل أن يقوم الأمير محمد بن الرشيد بإطلاق سراح جميع الأسرى التابعين لآل سعود.
ولكن رأى الأمير محمد بن رشيد بأن هناك عدة مخاطر قد تنتج عن تحالف الأمير حسن ابن مهنا مع الأمير ابن سليم بن عبد الرحمن بن فيصل لذلك قرر أن يقوم بالتخلص من حسن بن مهنا والتابعين له، وقام بجمع قوة جيشيه كبيرة في جبل الشمر والظفير من أجل أن يستطيع قتال الأمير حسن بن مهنا.
اندلاع معركة المليداء
تضاربت أقوال المؤرخين حول عدد الجنود الذين شاركوا في تلك المعركة، ولكن أكثر الأقوال ذهبت إلى أن كان هناك حوالي 60 ألف مقاتل إلى 70 ألف مقاتل في تلك المعركة، ومع طلوع الشمس في اليوم الثالث من شهر جماد الثاني في عام 1308 هجرياً بدء نشوب عدة مناوشات بين الأمير محمد ابن رشيد وبين مجموعة من أهل القصيم، ونظراً إلى أن أرض القصيم حينها كانت تمتاز بأنها رملية للغاية، فهذا ما جعل الأمير ابن رشيد يرفض أن يجازف ويقوم باستخدام خيوله في تلك الخلافات التي نشبت بين جيشه وبين أهالي القصيم.
ونتج عن هذا الخلاف مقتل حوالي 85 مقاتلاً من جيش ابن رشيد، وهذا ما أحزن، وأغضب الأمير ابن رشيد للغاية، وجعله يستمع إلى اقتراح أمير بني عمرو الأمير عمرو على ابن رشيد الذي كان يضمن بأن يقوم الأمير ابن الرشيد بمغادرة موقع المعركة والسير في الاتجاه الجنوبي الغربي نحو المليداء من أجل السيطرة عليها وخاصةً بعد خضوع أهل المليداء.
وهذا الاقتراح لاقى قبولاً عند الأمير ابن الرشيد، وبدء في التنفيذ فوراً، وقام جيش ابن مهنا وابن سليم بالتوجه ناحية الجنوب الخاص بمليداء بعد معرفتهم بتحرك الأمير ابن رشيد.
ولكن سرعان ما بدأ الأمير ابن الرشيد بالرحيل إلى الجزء الشمالي للمليداء في يوم الثاني عشر من جمادى الثاني، وفي هذه الفترة قد بذل الأمير ابن الرشيد عدة مجهودات جعلته أكثر استعداداً عن الفترات السابقة حيث أنه قام بإعداد الجيوش والخيول وغيرها.
وفي صباح يوم معركة المليداء بدأ نشوب عدة معارك بين الطرفين بدايةً من الصباح وحتى بداية العصر، وخلال تلك المعارك تم مقتل الأمير زامل بن سليم وقائد الفرسان في جيش القصيم.
وهذا ما جعل القتال يشتد أكثر وأكثر حيث أصبحت المليداء مغطاة بالكامل بالبارود، واستمر القتال حتى قام الجيش الخاص بالأمير ابن رشيد بمحاصرة أهل القصيم من الخلف، حتى لا يستطيعوا الفرار، ولكن استطاع الأمير حسن آل مهنا الفرار إلى بريدة، ولكنه وجد أن جميع من فيها تم قتلهم، وبعدها تم القبض عليه من قبل الأمير ابن رشيد، وقام بنفيه إلى حائل، وظل مقيماً فيها مع عائلته، حتى توفي في عام 1320 هجرياً.
تراوحت أعداد الضحايا من أهل القصيم حوالي من بين 800 قتيل إلى ثلاثة آلاف قتيل تقريباً؛ وبذلك قد تكون انتهت معركة المليداء لصالح الأمير محمد بن عبد الله الرشيد الذي تمكن من السيطرة على كافة أنحاء نجد.
هل من نتائج معركة المليداء انتهاء عهد الدولة السعودية الثانية؟
الإجابة نعم، حيث أن هذه النتيجة تعتبر من أهم النتائج الخاصة بمعركة المليداء، هذا بجانب أن تلك المعركة جعلت القادة يستطيعون تأسيسي المملكة العربية السعودية، حيث أنهم تمكنوا من القيام بتأسيسها تحديداً في عام 1891 ميلادياً والموافق لعام 1308 هجرياً، علماً بأنه في حال عدم وقوع معركة المليداء ما كان سوف يتمكن القادة من تأسيس المملكة العربية السعودية نهائياً.
إلى جانب أن هناك مجموعة من النتائج الأخرى الخاصة باندلاع معركة المليداء مثل أن أهل القصيم تعرضوا لفقدان مئات، بل آلاف القتلى، وتعتبر هذه المعركة الوحيدة التي تسببت ونتج عنها حدوث خسائر وقتلى من أهل القصيم.