مخزن أكبر مرجع عربي للمواضيع و المقالات

ابحث عن أي موضوع يهمك

قصص عن عبادة السر

بواسطة: نشر في: 20 مايو، 2023
مخزن

قصص عن عبادة السر تساهم في معرفة أن هذه العبادة هي الزاد من الدنيا إلى الآخرة، حيث إنها تفرج الكربات وتكفر السيئات كما تمسوا الدرجات، فعبر موقع مخزن سوف نشير إليها بوضوح كما سنبين من خلالها ثمرات طاعة الخفاء وبعض النماذج منها.

قصص عن عبادة السر

تُعرف عبادة السر باسم الخبيئة الصالحة، حيث إنها العبادة التي يتقرب فيها العبد إلى الله في الخفاء دون أن يطلع عليها أحد، وذلك لطلب الأجر والثواب لأنها تكون خالصة لوجه – عز وجل- وخالية تمامًا من الرياء، فهي دليل الصدق وعلامة المحبة والإيمان، إذ لا تخرج سوى من قلب نقي ونية صافية، فلقد عُرف عن السلف الصالح التزامهم بهذه العبادة وبسعيهم وراء إخفاء أعمالهم الصالحة خوفًا من النفاق وسوء الخاتمة، والدلالة على ذلك ما سنسرده في السطور التالية من قصصهم الشائعة:

القصة الأولى

  • لقد اعتاد عبد الرحمن بن أبي ليلى الصلاة في بيته، حيث إذا شعر بأحد كان يقطع صلاة النافلة ويجلس على فراشه كأنه نائم.
  • فيدخل عليه الداخل ثم يقول هذا لا يفتر مطلقًا من النوم؟ غالب وقته نائمًا على فراشه؟
  • وما علم أحد أنه يصلي ويخفي ذلك عليهم خوفًا من الرياء وابتغاءه لوجه الله – عز وجل-.

القصة الثانية

  • ذهب ذات يومًا رجلًا يُدعى حمزة بن دهقان إلى العابد الزاهد المعروف وهو بشر الحافي وطلب منه أن يخلوا معه يومًا، حيث قال له لا بأس بأن يحدد يومًا لذك.
  • إذ قال حمزة إنه دخل عليه يومًا دون أن يشعر قرآه قد دخل إلى قبة ومن ثم صلى فيها 4 ركعات، ويذكر بأنه لا يُحسن أن يصلي مثلها.
  • وسمعه حينها يقول في السجود “اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل -يقصد بالذل عدم الشهرة- أحب إلي من الشرف.. اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إليَّ من الغنى.. اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أُوثر على حبك شيئاً”.
  • فأخذه الشهيق ثم بكى، فقال بشر الحافي “اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا لم أتكلم”.

القصة الثالثة

  • يذكر أبو عبد الله خادم أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي، أن أبو السن كان يدخل بيتًا ويغلق بابه ويأخذ معه كوزًا من الماء، ولم يكن يدري حينها ما يصنع.
  • حيث سمع ذات يومًا ابنه الصغير يبكي بكاءه، فنهته حينها أمه، فلما قال لها أبو عبد الله ما هذا البكاء أخبرته بأن أبا الحسن يدخل إلى هذا البيت ويقرأ القرآن الكريم ثم يبكي.
  • فإذا سمعه الصبي يحكيه، فإن أراد الخروج يغسل وجهه حتى لا يُرى عليه أثر البكاء.

القصة الرابعة

  • كان علي بن الحسين زين العابدين يحمل إلى بيوت الأرامل والفقراء في المدينة في الليل على ظهره الطعام والصدقات، ويضعها لهم دون أن يعلموا من وضعها.
  • وكان لا يستعين أبدًا بأي خادم أو عبد حتى لا يطلع عليه أحد، ولقد ظل كذلك سنوات طويلة حيث كانت الأرامل والفقراء لا يعلمون كيف يأتي إليهم هذا الطعام.
  • ولما مات وجدوا آثارًا من السوداء على ظهره فعلموا حينها أن السبب وراء هذه الآثار ما كان يحمله على ظهره، إذ إن صدقة السر لم تنقطع في المدينة إلى أن مات زين العابدين.

القصة الخامسة

  • كان عبد الغني المقدسي المحدث الشهير وكما روى صاحب طبقات الحنابلة مسجونًا في فلسطين في بيت المقدس، حيث كان يقيم الليل صادقًا مع الله – عز وجل- ومخلصًا.
  • ففي يوم من الأيام أخذ يصلي وكان معه في السجن قوم من النصارى واليهود، فبكى أثناء صلاته حتى الصباح.
  • فلما رأى أولئك النفر هذا العابد المخلص توجهوا إلى السجان وأمروه بأن يطلقهم قائلين بإنهم قد أسلموا ودخلوا في دين عبد الغني المقدسي.
  • فسألهم السجان هل دعاهم إلى الإسلام، قالو لا ولكن بتنا معه في ليلة رائعة ذكرنا بيوم القيامة.

نماذج من عبادات السر

إن العبادة الخفية لا تقتصر على عمل واحد، حيث إنها تشمل كل طاعة تُفعل في السر ولا يطلع عليها سوى الله – عز وجل-، ففيما يلي سوف نشير إلى أبرز النماذج عنها:

صدقة السر

  • يعد إسرار الصدقة بمثابة أفضل عمل مقارنةً بإظهارها، وذلك لأنه أبعد عن النفاق والرياء.
  • ويُستثنى من ذلك إن كان الإظهار يترتب عليه مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، حيث يكون حينها أفضل من هذه الحيثية.
  • والدليل على أهمية صدقة السر قوله تعالى (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة، 271].

قيام الليل والنوافل

  • إن قيام الليل والالتزام بالنوافل من أعظم أعمال السر بل وأحبها إلى الله – عز وجل-.
  • فلقد أثاب الله – تعالى- على صلاة الليل على وجه التحديد أصحابها من جنس عملهم وذلك في قوله (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)) [السجدة].
  • والرسول – صلى الله عليه وسلم- حث عليه كما هو في الحديث الشريف:
    • عن بلال وأبو أمامة وأبو الدرداء عن النبي – صلى الله عليه وسلم- “عليكُم بقيامِ اللَّيلِ ، فإنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحينَ قبلَكُم ، و قُربةٌ إلى اللهِ تعالى ومَنهاةٌ عن الإثمِ و تَكفيرٌ للسِّيِّئاتِ ، ومَطردةٌ للدَّاءِ عن الجسَدِ”.

الصيام

  • لقد عظم الله – سبحانه وتعالى- أجر الصيام وثقل ميزانه فهو من أعظم عبادات السر أيضًا نظرًا لأنه لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره.
  • حيث إنه عمل باطني لا يعلم به سوى الله – عزل وجل- فهو بمثابة نية قلبية وفعل سري بين العبد وربه، إذ إنه لا يعني ترك الطعام والشراب فمن خلاله يتم ترك الشهوات والإقلاع عن الذنوب والمعاصي.
  • والدلالة على فضل الصيام قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ”.

تلاوة القرآن

  • لقد روى عقبة بن عامر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “الجاهرُ بالقُرآنِ كالجاهرِ بالصدقةِ، والمُسِرُّ بالقُرآنِ كالمُسِرِّ بالصدقةِ”.
  • حيث يوضح هذا الحديث الشريف أن الإسرار في تلاوة القرآن الكريم أفضل من الجهر لأنه أبعد عن الرياء ويجعل العبد يتدبر الآيات بشكل أكثر بعقله.
  • فما الجهر يكون أفضل سوى في حالة عدم تأذي أحد كالنائم أو المصلي بصوت القارئ.

الذكر في الخلوة

  • إن أحب أعمال الخفاء إلى الله – عز وجل- هو الذكر في الخلوة سواء بالقلب أو اللسان، وذلك لأنه عندما يكون الفرد خاليًا لا يلتفت إلى غير الله – تعالى- حتى لو كان في ملأ.
  • ولقد تم الاستدلال على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية كالآتي:
    • قال تعالى (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف، 205].
    • عن أبو هريرة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ في خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إلى نَفْسِهَا، قالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُ”.

الدعاء والمناجاة

  • أفضل الدعاء هو الذي يكون بين العبد ومولاه أي خفيًا، ولقد ثُبت ذلك في العديد من الآيات القرانية:
    • قال تعالى (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)) [مريم].
    • قال تعالى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف، 55].
  • حيث إن الدعاء والمناجاة في الخفاء يتم بخشوع القلب وباليقين بوحدانية الله – عز وجل- وربوبيته، وبقدرته على قول كن فيكون لكل الأشياء متى يشاء.

خدمة الضعفاء

  • إن الصالحون الأخفياء لم يكتفوا بعباداتهم القاصرة على أنفسهم، بل عزموا على إفادة غيرهم في الخفاء كما فعل علي بن الحسين زين العابدين عندما كان يحمل الطعام على ظهره وينقله للفقراء في السر.
  • كذلك كان يفعل عمر – رضي الله عنه- فلقد كان يذهب إلى عجوزًا عمياء مقعدة ويخرج الأذى من بيتها أي يقوم بحالها ويكنس البيت ويرعاها، كما كان يطعم امرأة وصبيانها كان يتضاغون من الجوع.

فضل عبادة الخلوات

لعبادة الخلوات العديد من الثمرات والفضائل، ففي النقاط التالية سوف نشير إليها:

  • بلوغ مرتبة عالية من الإحسان.
  • القدرة على الثبات في المحن والشدائد والتخلي عن الشهوات إلى جانب الشعور بلذة العبادات.
  • البعد عن الرياء، لأن هذه العبادة يكون غرضها ابتغاء وجه الله.
  • الحصول على الأجر الأكثر والثواب العظيم.
  • تطهير القلب من السواد واستقامته.
  • الخروج بسهولة من أحلك الظروف، فالخبيئة الصالحة هي الطريق للفرج.
  • توريث الخشية من الله – عز وجل-.
  • الثبات على الإيمان والتوحيد.
  • زيادة الثناء على الله – تعالى- لجعل صاحب العبادة له قبول كبير في الأرض.
  • مراقبة الله دائمًا.
قصص عن عبادة السر

جديد المواضيع