ابحث عن أي موضوع يهمك
جاء الزواج في الشريعة الإسلامية لضبط قوام المجتمع واستمراريته على وجه صحيح ، كما أن به ضمان لسيارة المودة والحب وحفظ الأنساب للأبناء، وقد يضطر الكثير من الرجال للسفر لبلاد أجنبيه للعمل أو الدراسة لفترة زمنية بعيدة، مما يضطرهم للزواج من امرأة من أهل البلد حفظاً لأنفسهم من الوقوع في الزنا، إلا أن بعضهم قد يشترط تطليق الزوجة حال رغبته في مغادرة بلادها لانتهاء سبب وجوده فيها، وفي هذا الشأن فقد أجاز علماء جمهور أهل العلم وقوع الزواج بنيّة الطلاق دون أن يكون هذا شرطاً في عقد الزواج، كما صدّر هذا الأمر في فتوى شرعية من اللجنة الدائمة بعضوية ابن باز ـ رحمه الله ـ وفي ذلك فقد جاء قول العلماء على النحو الآتي:
أصدرت اللجنة الدائمة فتواها برئاسة ابن باز ـ رحمه الله ـ بشأن جوا النكاح بنية الطلاق، وذلك في حالة كانت النيّة بين العبد وربه وليست مشروطة في عقد الزواج، فلا بأس لدى جمهور العلماء أن يضطر الرجل للزواج حين وجوده في الغربة للعمل أو الدراسة ليعّف نفسه من الوقوع في الزنا.
ويتمثل الفرق في هذا الزواج وزواج المتعة “المُحرم شرعاً”، بأن زواج المتعة يتم فيه شرطاً بتحديد مدة الزواج لشهر واحد أو شهرين أو غيره، فإن انتهت المدة المحددة فُسخ عقد النكاح، لذا فهو نكاح متعة باطل وليس زواجاً في الشريعة الإسلامية، بينما حين يتزوج الرجل من امرأة أجنبية على سُنة الله ورسوله، وفي قلبه ونيته أنه سوف يطلقها حين يزول سبب تواجده في بلادها، فهذا ليس فيه ضرر، وذلك لأن نيّة الرجل قد تتغير ويُحب هذه المرأة ويجدون المودة سوياً ويستمر زواجهما، فهذه معلومة وليست شرطاً، وهي بينه وبين الله فلن يضره الأمر في شيء، كما أن هذا من أسباب ابتعاد الشباب المسلم عن ارتكاب الفواحش والزنا ففيه مصلحة عامة وليس فيه ضرر.
يري الإمام ابن عثيمين أن الزواج بنيّة الطلاق مُحرم، وهذا ليس لكونه كزواج المتعة فهو لا يتم اشتراط فترة معينة لاستمراره ثم فسخ العقد، ولكن بسبب النيّة الكامنة في نفس الرجل بتطليق زوجها دون إخبارها بالأمر، فيرى ابن عثيمين أن في ذلك غش وخداع للزوجة وأهلها، ولا يجوز للرجل أن يفعل هذا بامرأة مسلمة وهو لا يرضى أن تكون ابنته أو أخته في نفس الوضع، وقد جاء ردّه على النحو الآتي:
هذا النكاح بنية الطلاق لا يخلو من حالين : إما أن يشترط في العقد بأنه يتزوجها لمدة شهر أو سنة أو حتى تنتهي دراسته فهذا نكاح متعة وهو حرام ، وإما أن ينوي ذلك بدون أن يشترطه ، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه حرام وأن العقد فاسد ، لأنهم يقولون : إن المنوي كالمشروط ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) ولأن الرجل لو تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثاً من أجل أن يحلها له ثم يطلقها فإن النكاح فاسد ، وإن كان ذلك بغير شرط لأن المنوي كالمشروط فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد . هذا هو قول الحنابلة . والقول الثاني لأهل العلم في هذه المسألة : أنه يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلد كهؤلاء الغرباء الذين يذهبون إلى الدراسة ونحو ذلك ، قالوا : لأن هذا لم يشترط والفرق بينه وبين المتعة ، أن المتعة إذا تم الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى بخلاف هذا فإنه يمكن لأن يرغب في الزوجة وتبقى عنده . وهذا أحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية .
وعندي أن هذا صحيح ليس بمتعة لأنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة ، لكنه محرم من جهة أنه غش للزوجة وأهلها ، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الغش والخداع ، فإن الزوجة لو علمت بأن هذا الرجل لا يريد أن يتزوجها إلا لهذه المدة ما تزوجته وكذلك أهلها . كما أنه هو لا يرضى أن يتزوج ابنته شخص في نيته أن يطلقها إذا انتهت حاجته منها ، فكيف يرضى لنفسه أن يعامل غيره بمثل ما لا يرضاه لنفسه”.
جاء قول المذاهب الفقهية الأربعة “الحنابلة، الشافعية، المالكية، الحنفية” بأنه يجوز الزواج بنية الطلاق دون اشتراط هذا الأمر صراحةً في عقد الزواج، أو التصريح بذلك أمام الناس، بل تكون نيّة كامنة في نفس الرجل وليست شرطاً.
زواج المُتعة مُحرم شرعاً في الإسلام، ويقوم على اتفاق طرفي الزواج على الزواج لفترة محددة ثم وقوع الطلاق بانتهاء هذه الفترة، وفي الإسلام هذا ليس زواجاً على الإطلاق، ويختلف عن الزواج بنية الطلاق في أن طرفي العلاقة يتفقا على التواجد معاً لفترة معينة أي يحدث النكاح برضاهما سوياً، لذا فهو محرماً شرعياً، وإنما الزواج بنية الطلاق لا يتم فيه الاتفاق بين الطرفي ولا يُصرح الرجل بنيته في الطلاق للزوجة لذا فهو جائز في حالة الضرورة منعاً للوقوع في الزنا.
أجاز جمهور علماء الإسلام الزواج من امرأة أجنبية حال التواجد في الغربة بنية تطليقها بعد زوال أسباب السفر، على ألا يكون الأمر مشروطاً في العقد، ولا يتم التصريح بنية الطلاق.
الزواج في هذه الحالة مُحرم، ولا يُعد زواجاً في الإسلام، فهو نكاح متعة مُحدد المدة بنية الطرفين واتفاقهما، لذا فليس زواجاً ويُعد من الزنا والعياذ بالله.