الفرق بين الشخصية والسلوك من الأمور التي تعتبر من مواضع الجدل في علم النفس، وبعض الدراسات القديمة كانت تتعامل معهما على أنهما وجهان لعملة واحدة، ومع تطور العلم وظهور نظريات جديدة يمكن إخضاعها للتجربة تمت عملية الفصل بين مفهوم الشخصية والسلوك وتوضيح كل منهما بشكل وافٍ، لذلك في مقالنا اليوم على موقع مخزن نوضح لكم أهم الفروقات بينهما بشكل مبسط.
لمعرفة الفرق بين الشخصية والسلوك يجب أن نشير إلى أن هذا الفارق كان على مستوى المفهوم والتطبيق والدراسة أيضًا، لذا نقوم بتوضيح هذا الفرق فيما يلي:
تبعًا لتعريف اليوناني أبقراط -أبو الطب- فإن الشخصية هي إحدى الظواهر النفسية الإجتماعية التي تقوم بعملية تحليل للسمات المعرفية والخصائص وتوضح سلوك الفرد وهي مزيج من الأنماط الفكرية، بينما السلوك هو تصرف أو استجابة الكائن الحي للمثيرات الخارجية أو المدخلات الخاصة به.
الفرق بين الشخصية والسلوك بالنسبة لعالم النفس رايت هي أن الشخصية تعتبر الجانب الثابت المستقر في الفرد والتي تمييزه عن غيره من الأفراد أو ما يمكن تسميته إيجازًا بالفروق الفردية، بينما السلوك هو الإستجابة لمؤثر ما يؤثر على الفرد، وقد يكون السلوك منبعثًا من الشخصية ومعتقداتها وقد يكون وليد الموقف بشكل يتفق مع طبيعة المؤثر وسرعة تأثيره.
بالإضافة لاعتبار الشخصية هي الجانب المستقر في مقابل السلوك وهو الجانب المتغير في النفس البشرية، فإن السلوك بشكل عام يعتبر جزء من الشخصية، ويمكننا القول أنه الجزء القابل للقياس في الشخصية..
أيضًا يجب الإشارة إلى أن الفرق بين الشخصية والسلوك هو أن الأولى يختص بها الإنسان فقط الذي كرمه الله على سائر المخلوقات، بينما السلوك هو أمر مشترك في الكائنات الحية جميعها بل وبعض الجوامد مثل المواد الكيميائية خلال تفاعلها مع غيرها من المواد.
مكونات الشخصية السليمة
على ذكر الفرق بين الشخصية والسلوك، نشير لاجتهاد كثير من العلماء في تحديد مكونات الشخصية، ولعل أهم هؤلاء العلماء هو فرويد -مؤسس مدرسة التحليل النفسي-، لذلك نستعرض مكونات الشخصية في نظره وفي نظر الإسلام، وذلك فيما يلي:
رأى فرويد أن النفس أو الشخصية تنقسم لثلاث مكونات رئيسية وهي: الأنا، والأنا العليا، والهو؛ ولكل من هذه الجوانب دورًا كبيرًا في تحديد ملامح الشخصية وذلك تبعًا لطغيان جانب منهم على الآخر.
الأنا العليا: يمكن اعتبار أنها هي الوزاع الأخلاقي والمثالي في النفس البشرية، والذي يقوم بإحكام قبضته على الإنسان، ويمكن القول أيضًا بأنه الضمير الحي ولكن بشكل أقرب للمثالية، والذي يقوم بسعيه المستمر نحو الكمال والبعد عن أبسط الأخطاء.
الهو: هو الجزء الذي وصفه فرويد بالحيواني في الإنسان، والذي يجري خلف ملذاته ورغباته باستمرار دون التقييد بأي شيء آخر سوى تلبية الحاجة البشرية لأقصى حد ممكن.
الأنا: اعتبرها فرويد هي ربان السفينة في النفس البشرية، والمسئول عن إصدار ردود الأفعال المتزنة التي تلبي للإنسان القدر المناسب لحاجته بما يتسق مع معتقداته والبيئة التي نشأ فيها، ويمكن القول بأنها الوسيط بين رغبات الهو وتحكمات الأنا العليا، ويمكن وصفها أيضًا بأنها مركز الوعي لدى الإنسان.
من وجهة نظر علم النفس الإسلامي، فإن مكونات الشخصية لدى الإنسان -كما جاء في الذكر الحكيم- هي النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء والنفس المطمئنة، وتتشابه هذه المكونات مع مكونات فرويد ولكنها أكثر تفصيلًا وفهمًا لطبيعة الإنسان التي فطره الله عليها.
جدير بالذكر أن علم النفس الإسلامي أيضًا قد فصل بشكل واضح في مسألة الفرق بين الشخصية والسلوك، وأوضح أن السلوك يمكن تقويمه وتعديله بمصطلح آخر في الإسلام وهو التوبة والعمل الصالح.
استكمالًا للحديث عن الفرق بين الشخصية والسلوك، نشير إلى أن علم نفس الشخصية هو إحدى فروع علم النفس المرتبطة بدراسة الشخصية والظواهر السلوكية الانفعالية واختلافها بين الأفراد، أما عن أنواع الشخصية في علم النفس فنذكر منها الآتي:
الشخصية الإنبساطية: هو نوع من الشخصيات تتسم بسرعة اتخاذ القرارات والمعاملة الطيبة والثقة بالنفس وبالناس، وفي مقابل ما يحمله من صفات جيدة فهو لا يلتزم بالمواعيد أو بنظام محدد ويكره الترتيب، يُعرف عنه عدم كثرة الحديث وكره المجاملات.
الشخصية الإيجابية: من أكثر أنواع الشخصيات الجيدة والأقرب للشخصية السوية، ويتسم صاحبها باتخاذ القرارت الحاسمة ووضوح الموقف، كما أنه شخص عقلاني للغاية ومصغي لمن حوله ويسعى لتقديم المساعدة لمن يحتاجها.
الشخصية المتزنة أو السوية: وهنا يجدر بنا الإشارة إلى أن مفهوم الاتزان هو وجود الصفات ونواقضها بنسب معتدلة، فالشخص السوي أيضًا يغضب وينفعل ولكن بدرجة معقولة تتسق مع إنسانيته وطبيعته البشرية، وهذه هي الشخصية المقبولة من قبل جميع المحيطين بها.
الشخصية الهيستيرية: شخصية تحمل كثير من الصفات السلبية مثل الكبر والبخل والرغبة في إيذاء من حولها، وهي شخصية تتسم بالطباع الحادة والإنفعال الشديد.
الشخصية شبه الفصامية: يطلق عليها هذا الاسم لأنها تحمل كثير من صفات مرض الفصام ولكن بدرجة أقل بكثير فلا يتم اعتبارها مرض، وهي شخصية غريبة الأطوار وشديدة التقلب والحساسية.
الشخصية النرجسية: السمة الرئيسية لهذه الشخصية هي حب الذات والغرور والتقليل من شأن الآخرين، وغالبًا ما يكون هذا الشخص وحيد حيث لا يحب الأسوياء التقرب إليه.
بعد أن قمنا بمعرفة أهم النقاط الخاصة بعلم نفس الشخصية في إطار حديثنا عن الفرق بين الشخصية والسلوك، نتطرق الآن للتعرف على مكونات السلوك الإنساني وهي كالتالي:
العواطف: هي نوع من الشعور الذي يعقبه نشاط عقلي مفرط ويستمر لمدى زمني غير طويل، وهو إحدى الدوافع أو محفزات السلوك.
الفعل: وهو صورة السلوك التي يمكن رؤيتها على الأشخاص من خلال قيامهم به، وفيه ينتقل الإنسان ما بين الحالات الإنسانية المختلفة، ويتم دراسته وقياسه.
الإدراك: وهو المكون غير قابل للقياس، وفيه يقوم الإنسان بعملية تجميع وتحليل لأفكاره وتصوراته الحالية بخصوص موضوع ما.
العوامل المؤثرة في السلوك الإنساني
وختامًا للحديث عن الفرق بين الشخصية والسلوك، لا بد أن نشير للمؤثرات التي يترتب عليها تغير السلوك الإنساني، ويمكننا القول أنها مجموعة المدخلات والمؤثرات الخارجية مجتمعة، بمعنى أن البيئة والثقافة والعادات تعتبر مؤثر في السلوك الإنساني، كما أن الجنس يؤثر في السلوك الإنساني وذلك لاختلاف طبيعة كل من الرجل المرأة.
كذلك فإن الأفعال أو المثيرات الخارجية تعتبر من أهم العوامل المؤثرة في السلوك الإنساني -والذي يمكن اعتباره في علم النفس رد فعل مقابل-، كما أن تكرار المؤثر يعني اختلاف السلوك، وهنا يتضح جليًا الفرق بين الشخصية والسلوك والذي سبق ووصفنا الأولى بالثابتة بينما السلوك هو من أهم المتغيرات في علم النفس.
أسئلة شائعة
من امثلة السلوك؟
الحركات الإرادية واللاارادية، الكلام، التفاعل مع البيئة.
ما هو أنواع السلوك؟
ينقسم السلوك إلى نوعين: سلوك ظاهري قابل للملاحظة مثل الكلام، وسلوك غير ظاهري وغير قابل للملاحظة مثل التفكير أو الشعور.
متى تظهر شخصية الإنسان؟
تتشكل شخصية الإنسان منذ لحظات ميلاده الأولى، وتستمر في النمو والتطور عند مروره بالمراحل المختلفة وحتى النضج، أي أن شخصيته تكون قد اكتملت في تمام عمر الخامسة والعشرين.