مخزن أكبر مرجع عربي للمواضيع و المقالات

ابحث عن أي موضوع يهمك

لماذا كان الرسل من البشر ولم يكونوا من الملائكة

بواسطة: نشر في: 16 يونيو، 2021
مخزن

لماذا كان الرسل من البشر ولم يكونوا من الملائكة هو أحد الأسئلة التي أحياناً ما يتم تداولها فيما بين العباد فقد بعث الله تعالى الرسل والنبيين مبشرين ومنذرين للخلق يهدونهم إلى الطريق المستقيم وينهونهم عن الشرك بالله وإتيان ما يعصيه، لكن الكثير من الناس قد كفر وصد عن دعوة الأنبياء، ومن الكافرون من كانت حجتهم أن الله تعالى لماذا قد يرسل الرسل والأنبياء من البشر يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ويتزوجون، ولم يبعثهم من الملائكة، ولأن كل شيء قدره الله تعالى بقدر وله في أمره حكم وعظة، نجيبكم على ذلك السؤال تفصيلاً في مخزن.

لماذا كان الرسل من البشر ولم يكونوا من الملائكة

كان لأعداء الرسل والرافضين لدعوتهم اعتراض يقيمون عليه حجتهم في عدم اتباعهم لهم وهو أن الله تعالى لماذا قد يرسل الأنبياء والرسل من البشر وهو ما أتى فيه قول الله تعالى في سورة الإسراء الآية 94 (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً)، بل وقد اعتبروا أن مسألة اتباع الدعوة والرسالة التي يحملها بشراً مثلهم هو تقليل من شأنهم واستهزاءً بهم، ففي سورة المؤمنون الآية 34 يقول الله تعالى (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مّثْلَكُمْ إِنّكُمْ إِذاً لّخَاسِرُونَ)، وفي سورة القمر الآية 24 يقول تعالى (فَقَالُوَاْ أَبَشَراً مّنّا وَاحِداً نّتّبِعُهُ إِنّآ إِذاً لّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ).

وكان لأعداء الرسل رأي واقتراح يدعون أنه الأقرب للحق والصواب وهو أن الرسل الذين يبعثهم الله يكونوا من الملائكة يشاهدونهم بأعينهم، أو أن يرسل الله مع الرسول من البشر رسول من الملائكة يقوي موقفه ويساعده على الدعوة وكأن ذلك هو ما كان سيقنعهم باتباع رسالة الرسول، ففي سورة الفرقان الآية 21 يقول تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا)، ونادوا أن كيف للرسول المشي في الأسواق وتناول الطعام مثلهم وهو ما جاء في سورة الفرقان الآية 7 في قوله تعالى (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً)، ويمكن الرد على أولئك الكافرون من وجوه عدة على النحو الآتي:

اختار الله الرسل من البشر وليس الملائكة اختباراً وابتلاءاً وتفضيلاً

لم يترك القرآن الكريم صغيرة ولا كبيرة إلا وناقشها ومنه يمكن الرد على سؤال لماذا أرسل الله تعالى الرسل من البشر ولم يخلقهم من الملائكة، فقد اختار الله جعل وعلا الرسل بشر لأن في ذلك أعظم اختبار وابتلاء، وهو ما ورد في الحديث القدسي (إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك).

ومن وجه آخر فقد اختارهم الله حتى يكونوا من عباده الصالحين المكرمين ففي اختيار الرسول من البشر تفضيلاً وتكريماً له، وهو ما ورد ذكره في سورة مريم الآية 58 (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا).

الرسل من البشر أقدر على التوجيه والقيادة

حينما يكون الرسول من البشر فإنه يكون ذو مقدرة أكثر على قيادة من مثله من البشر وتوجيههم إلى ما فيه الرشد والصواب، كما يكون هو الأصلح للتأسي والاقتداء به ممن حوله، فكان من الضروري إرسال الرسل والأنبياء من البشر لكي يتمكن الخلق من الفقه عنهم ومخاطبتهم، والفهم منهم في أمور دينهم ودنياهم، ولو أن الله بعثه الرسل من الملائكة لما أمكنهم ذلك، والدليل على هذا الأمر ورد في القرآن الكريم في سورة الإسراء الآيات 94:95 (ومَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَسُولاً).

ولكن إن كان الله قد أراد لسكان الأرض أن يكونوا من الملائكة وليس البشر لكان الله تعالى أرسل فيهم الرسل من جنسهم لكي يسهل عليهم التعامل والتواصل معهم ويسهل عليهم فهمهم، ولم ليكن يرسل بينهم بشر غريب عنهم التعامل معه، والقوة والشكل والهيئة متفاوت بينه وبينهم فينفرون عنه.

صعوبة الاتصال بالملائكة ورؤيتهم

إن رؤية الملائكة من الأمور الصعبة، فحينما كان يطلب الكفار أن يكون الرسل والأنبياء من الملائكة لم يكونوا على دراية لا بطبيعة الملائكة ولا بهيئتهم، فلم يكونوا مدركين إلى مدى المشقة والعناء الذي سيلحق بهم إذا ما حدث ذلك.

فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أحسن الخلق والذي خلقه الله تعالى على قدر عظيم من القوة النفسية والجسمية حينما رأى النلك جبريل على هيئته وصورته أصيب بالهول الشديد وعاد إلى بيته يرجف فؤاده، وكان في كل مرة يتصل الوحي بالرسول صلى الله عليه وسلم يكون الأنر صعب عليه وشديد، فكيف يكون الحال بالنسبة للعباد.

وفي ذلك أتى قول الله تعالى في سورة الفرقان الآية 22 (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ)، حيث لا يرى الكافرون المجرمين إلا وقت الموت، أو الوقت الذي يأتيهم به العذاب، فإن قدر الله تعالى لهم أن يرون الملائكة لكان ذلك هو اليوم الذي أذن الله فيه بهلاكهم.

اختيار الله الأنبياء من البشر

كان من الضروري أن يرسل الله تعالى الأنبياء والرسل من البشر حتى يتمكن قومهم من الحديث معهم، ولأن سكان الأرض والمستهدفون من دعوة الرسل والأنبياء من البشر فقد اقتضت الحكمة أن يكون الأنبياء من البشر وهو ما قال به الله تعالى في سورة آل عمران الآية 164 (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ).

حيث لا يستطيع البشر رؤية الملائكة وبالتالي لا يتمكنون من التلقي عنهم بسهولة ويسر، وإن كان الله شاء إرسال الملائكة رسل إلى الخلق لكان أرسلهم على هيئة رجال، وهو ما أتى في قول الله تعالى في سورة الأنعام الآية 9 (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مّا يَلْبِسُونَ)، فقد أكد الله تعالى في الآية الكريمة أنه جل وعلا حتى وإن أراد إرسال الرسل من الملائكة لبعثهم على هيئة بشر لكي يصبح من الممكن التحدث معهم والانتفاع بما أرسلوا به، وإن كان ذلك هو ما حدث لالتبس الأمر على الناس.

والالتباس في تلك الحالة ينتج عن أن الملك أرسل على هيئة بشر وتلك ليست حقيقته مما يجعلهم غير قادرين على التحقق من أنه ملك، وحتى وإن حدث ذلك فما الفائدة في تلك الحالة من إرسال الملائكة على كرسل على هيئة بشر، حيث لا يحقق ذلك الغرض المطلوب من البعثة حيث لا يقدر الرسول إن كان ملك على الشعور بالبشر وفهم ما يمرون به من انفعالات وعواطف وذلك حتى وإن تشكل الملك على صورتهم.

إلى هنا أعزائنا القراء نكون قد انتهينا من عرض مقالنا في مخزن والذي أجبنا من خلاله لماذا كان الرسل من البشر ولم يكونوا من الملائكة، والذي استندنا في الإجابة عنه إلى الآيات القرآنية الكريمة التي بينت الحكمة من اختيار الرسل بشراً، والسبب في عدم اختيارهم من الملائكة، الأمر الذي يبين أن حكمة الله تعالى هي الصحيحة والصائبة دائماً وأبداً، وبها مصلحة جميع العباد.

المراجع

1

لماذا كان الرسل من البشر ولم يكونوا من الملائكة

جديد المواضيع