هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله الثوري الكوفي.
حيث إنه ينتمي إلى قبيلة ثور التابعة لمضر، ولقد وُلد سنة 97 من الهجرة.
وحصل على الكثير من الألقاب من قِبل أهل العلم نظرًا لعلمه الرائع مثل:
شيخ الإسلام.
إمام الحُفاظ.
سيد علماء زمانه.
أمير المؤمنين.
فلقد طلب الثوري العلم منذ أن كان صغيرًا وظل يفنى عمره فيه، إلى أن اتجه البعض إلى اتخاذ الفتوى منه على الرغم من عدم ظهور الشعر في وجهه.
إذ إنه أخذ العلم عن والده فلقد كان من أحد أهم شيوخه لكونه محدثًا وصادقًا.
ومن الجدير بالذكر أن الثوري عُرف بشدة الذكاء وسرعة الحفظ، حيث إنه كان لا يسمع أي شيء سوى ويحفظه.
لذا ومن هذا المنطلق كانت والدته تعزل لتحصل على المال لكي يتمكن من طلب العلم وكانت توفر له الدعم بوصاياها.
فالبيت الذي نشأ فيه كان بيت رائع جعله يحصل على العلم بفاعلية والتنقل من مكة والمدينة وبيت المقدس واليمن لتحصيله إذ إن عدد شيوخه بلغوا 600 شيخ.
صفات سفيان الثوري
امتلك أبو سفيان الثوري – رحمه الله- العديد من الصفات المحمودة، فمن أبرزها ما يلي:
التواضع والكرم
عندما ذهب الثوري إلى بيت المقدس أرسل إليه البعض لكي يأتيهم ويتحدث إليهم بعلمه كاختبار لتواضعه.
فاستجاب لهم وذهب إليهم وأخبرهم بما يريدون ليدل على تواضعه وكرمه.
فلقد كان يحب التواضع ولا يفتخر على غيره بعلمه ابدًا.
تقدير علم الحديث
قيل عن سفيان الثوري أنه كان كان يحب علم الحديث.
حيث إنه قبل أن يكتب الحديث تعبد نحو 20 سنة.
العلم والعبادة
لم يكن محبًا للعلم فقد بل كان محبًا للعبادة.
حيث إن الأقاويل التي وردت عنه لتشير إلى أنه عالمًا وعابدًا ما يلي:
(سفيان الثوري عالم الأمة وعابدها).
(سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث).
الخوف من الله تعالى
كان الثوري شديد الخوف من الله – سبحانه وتعالى-.
حيث كان يراعيه في كل خطوة في حياته، وهذا ما جعل صاحبه في أحد الليالي يقول:
(ما عاشرت في الناس رجلاً أرقّ من سفيان الثوري، وكنت أراقبه في الليلة بعد الليلة ينهض مرعوباً، ينادي: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات).
الصبر في المحن
لقد صبر في زمن أبي جعفر المنصور على المحنة التي أصابته ألا وهي طلب الخليفة له للقضاء.
وفر من البلاد هاربًا، وظل يطارده أبي جعفر ويرسل له الجنود ووضع الكثير من الجوائز المالية لمن يحضره.
فلقد عاني كثيرًا الثوري من المحنة التي لاقاها ولكنه بفضل الله لم يلتقِ بأبي جعفر إلى أن مات.
علم أبي سفيان ومناقبه
تجلى علم أبي سفيان ومناقبه في الأمور الآتية بوضوح:
كان – رحمه الله- يشير على منهج الصحابة وكذلك التابعون – رضي الله عنهم-.
حيث إنه اتبع عقيدة أهل الحديث، ولقد سعى لطلب العلم من خلال تنقله بين مكة المكرمة والمدينة وبيت المقدس كما أسلفنًا ذكرًا.
وتمكن من أن يصبح أعلم الناس في زمانه، إذ روى عنه ما يعادل 100 شخص.
ومن الجدير بالذكر أنه كان من أكثر الناس حفزًا للحديث النبوى.
ومن أكثرهم تماثلًا بأقواله وأفعاله، فما كان يسمع أي حديث شريف للرسول – صلى الله عليه وسلم-إلا وكان ينفذه.
قصة سفيان الثوري مع أبو جعفر المنصور
سنشير فيما يلي إلى تفاصيل قصة سفيان الثوري مع الخليفة أبو جعفر المنصور:
لقد طلب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور من الثوري طلبًا ذات يومًا ألا وهو أن يتولى القضاء.
لكن الثوري رفض الأمر، فأصر عليه أبو جعفر بشدة وهدده بأنه سوف يقتله، وبالفعل أتى بالسيف والنطع أي قطعة الجلد التي تُفرش على الأرض لكيلا تتلوث بالدم ليقتله.
فلما علم سفيان أنه سيواجه الموت قال له أنظرى إلى يوم غد وستجدني بزي القضاة، ثم ذهب مسرعًا لحمل متاعه على بغله وخرج هاربًا من الكوفة.
فلما علم الخليفة بهذا الأمر أمر بالسعى وراء الثوري من خلال الإرسال إلى كل الولايات لإحضاره ميتًا أو حيًا.
لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الثوري نظرًا لذهابه إلى اليمن ولعمله في قرية لدى صاحب بستان فيها.
ولقد واجه العديد من التحديات حينها، حيث إن صاحب البستان اتهمه ذات يومًا بأكل الرطب الموجود في بستانه فأخبره الثوري بأنه لا يستطيع أكل شيئًا من الحرام، فظن حينها صاحب البستان أنه سفيان الثوري وأخبر صديقه المقرب.
فعندما أحس الثوري بهذا الأمر هرب مرة أخرى، وعمل في مكان آخر ولكن اتهموه أصحاب المكان بالسرقة.
وأرسلوه إلى والي اليمن، وحينها سأله الوالى عن اسمه وعلم أنه سفيان الثوري.
لكنه لم يفضح أمره وقال له يقيم كيفما يشاء في اليمن، إلا أن الثوري خرج منها وتوجه إلى مكة.
فعلم حينها أبو جعفر بمكانه وأرسل جنوده إليه ليقتلوه ويعلقوه على مدخل الحرم.
فدعا سفيان ربه ألا يدخل أبو جعفر الكعبة، وبالفعل قُبضت روحه ومات أبو جعفر على حدود مكة وحملوا نعشه وصلوا عليه في الحرم.
وفاة سفيان الثوري
عندما جاء ملك الموت إلى سفيان الثوري شعر بالخوف والجزع، حيث إنه هدأ من عنده وأخبره بأنه سوف يقابل الله – سبحانه وتعالى-، فهدأ كثيرًا، وأوصى بأن يقوم بالصلاة عليه عبد الرحمن بن عبد الملك، حيث خرج إلى الناس بجنازته بشكل مفاجئ فشهده الخلق، ثم نزل به هو وخالد بن حارث في قبره، وكان مكان وفاته والتاريخ كالآتي: