الصفات التي يتحلى بها ابو هريره عديدة، حيث إنه يعد من الصحابة الذين شهد الله – عز وجل- لهم بطهارة القلوب، وكذلك صدق الإيمان، فلقد أحل عليه الرضوان بل وأعد له فسيح الجنان لتميزه بصفات أخلاقية رائعة، فعبر موقع مخزن سوف نشير إلى هذه الصفات بالتفصيل وسنعرض أهم المعلومات عنه.
يعد أبو هريرة – رضي الله عنه- بمثابة أكثر الصحابة ملازمةً للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- حيث إنه كان يحبه كثيرًا ويثق به ويحفظ كلامه وتصرفاته بأدق تفاصيلها، كما يُعد من الصحابة الذين أحل الله عليهم رحمته ورضوانه وذكرهم في كتابه العزيز في قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة، 100]، وذلك بسبب صفاته الأخلاقية المتميزة، فلقد اشتهر بها وكذلك بصفاته الخَلقية، حيث إننا في السطور التالية سوف نشير إليها:
صفات أبي هريرة الأخلاقية
كان أبو هريرة – رضي الله عنه- حريصًا على التحلي بالصفات التي تعلي منزلته في الآخرة، فمنها:
محبة العلم وأهله
درس أبي هريرة كثيرًا في العلم الشرعي حيث إنه فقيه وراوٍ للحديث.
ولقد كان موهوبًا للغاية، إذ كان يُحسن التلقين والفتوى ويتقن الحفظ.
إذ إن المروان بن حاكم حينما كان واليًا للمدينة حاول اختبار حفظه وجعل أحد الأشخاص يكتب ما يُحدث به دون أن يعلم، ثم بعد مرور عام كامل طلب منه أنه يُحدثه بما حدثه في السابق ففعل ذلك ولم يخطئ مطلقًا في حرف واحد.
ومن أهم الشواهد على قوة علمه الذين رووا عنه من الصحابة الكرام والتابعين – رضي الله عنهم- الحديث، فلقد زعم الإمام البخاري بأن عدد الرواة عن أبي هريرة قد يزيد عن 800 راوٍ.
إذ إن الصحابة ممن روى عنه هم:
أبو رافع مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
أنس بن مالك – رضي الله عنه-.
أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه-.
عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنه-.
جابر بن عبد الله – رضي الله عنه-.
أبي بن كعب – رضي الله عنه-.
عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه-.
عبد الله بن عمر – رضي الله عنه-.
عبد الله بن عباس – رضي الله عنه-.
أبو أيوب الأنصاري – رضي الله عنه-.
زيد بن ثابت – رضي الله عنه-.
بينما التابعين هم:
نافع مولى ابن عمر – رحمه الله-.
عكرمة – رحمه الله-.
ابن سيرين – رحمه الله-.
الشعبي – رحمه الله-.
مجاهد – رحمه الله-.
عطاء بن أبي رباح – رحمه الله-.
أبو سلمة بن عبد الرحمن – رحمه الله-.
سالم بن عبد الله بن عمر – رحمه الله-.
عروة بن الزبير – رحمه الله-.
سعيد بن المسيب – رحمه الله-.
الفقر والزهد
لقد سعى أبو هريرة إلى طلب العلم وتحصيله حيث هاجر إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- في صغره وترك خلفه حب المال والتجارة والعيش الرغيد.
فلم يكن حينها فقيرًا عن عجزه في طلب الرزق ولكنه كان مصاب بالفقر لعدم تفرغه لطلب الرزق طوال فترة ملازمته للرسول – صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يتفرغ سوى للجهاد وطلب العلم.
ومن الجدير بالذكر أنه كان ينتمي إلى أهل الصّفة الذين لا يملكون مال ولا ولد حيث كانوا يجلسون على صُفة في مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم- وكان أغلبهم من المهاجرين وأخيار الصحابة.
وهناك موقفًا عظيمًا صحّ عن أبي هريرة، حيث إنه في يوم من الأيام اشتد عليه الجوع فلما علم الرسول – صلى الله عليه وسلم- بذلك دعاه إلى منزله وأهدى إليه قدح من اللبن وأمره بأن يأتى بأهل الصفة لينالوا أيضًا نصيبًا من اللبن.
حيث أمره – صلى الله عليه وسلم- بأن يسقيهم من اللبن واحدًا تلو الآخر، وبعدما انتهى من ذلك لم يتبق غيرهما فأخبر النبي بأن يشرب قبله فلما شرب أمره بأن يشرب مرة أخرى.
إذ تعجب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو يأمره بأن يشرب حتى يمتلئ بطنه، ثم منحه القدح فشرب ما بقي منه.
التعلق الشديد برسول الله
لقد تعلق أبي هريرة – رضي الله عنه- بالرسول – صلى الله عليه وسلم- بشدة حيث رافقه 4 أعوام طالبًا للعلم ولخدمه.
وكان حينها زاهدًا في الدنيا ولم يطلب سوى ما عند الله – عز وجل- من أجر وثواب.
كما كان يجلس إلى أنس بن مالك – رضي الله عنه- وهو خادم الرسول – صلى الله عليه وسلم- ليحدثه عن حياته قبل هجرته إلى المدينة.
وكان أيضًا حريصًا على معرفة أخبار سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- باستمرار إذ كان يغبط أصحابه المقربين مثل عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- وكان يرغب في أن يكون منهم.
كثرة العبادة
عُرف أبو هريرة – رضي الله عنه- بأنه رجلًا ورعًا وتقيًا حيث كان كثير الذكر والعبادة.
فمن مظاهر عبادته أنه بات عند الرسول – صلى الله عليه وسلم- سبع ليال فكان يصوم في النهار ويقوم في الليل.
عن أبو هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- “تَضَيَّفْتُ أبَا هُرَيْرَةَ، سَبْعًا، فَكانَ هو وامْرَأَتُهُ وخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أثْلَاثًا: يُصَلِّي هذا، ثُمَّ يُوقِظُ هذا”.
ولقد اجتمعت فيه مجموعة من الصفات الحميدة كُحسن الأخلاق والتسامح والزهد في الدنيا وابتغاء ما عند الله – تعالى- فحسب.
بر أمه
لقد كان أبو هريرة – رضي الله عنه- يحب أمه كثيرًا ويبرها، حيث حرص على دعوتها إلى الإسلام.
إذ مرت رحلة دعوتها للإسلام بمرحلة نوعية كما هو في الحديث الشريف:
عن أبو هريرة “كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إلى الإسْلَامِ وَهي مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فأسْمعتْنِي في رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما أَكْرَهُ، فأتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إلى الإسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا اليومَ فأسْمعتْنِي فِيكَ ما أَكْرَهُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إلى البَابِ، فَإِذَا هو مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقالَتْ: مَكَانَكَ يا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاءِ، قالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجِلَتْ عن خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ البَابَ، ثُمَّ قالَتْ: يا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الفَرَحِ”.
ولقد كان يبكي بشدة لما قالته أمه له إلى أن أسلمت فذهب إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- ليخبره وهو يبكي من شدة الفرح بإسلامها.
صفات أبي هريرة الخَلقية
كان أبو هريرة – رضي الله عنه- صحابي ذو هيبة ووقار، حيث إنه كان رجلًا عريض المنكبين، ولها أسنان مفروقة، وشعره مضفر على اثنتين، وبشرته سمراء اللون بسبب أشعة الشمس، ولقد اتبع سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في شعر الوجه حيث كان يطلق لحيته بينما يحف شاربه، وفي بعض الأحيان كان يُصفر لحيته أو يتركها حمراء اللون.
اسم أبي هريرة ونسبه
سنشير في النقاط التالية إلى أهم المعلومات عن الصحابي أبو هريرة – رضي الله عنه:
اسمه: يعود اسمه إلى قبيلة دوس ولكن اختلف العلماء في تحديده حيث هناك 3 احتمالات وهي:
عمير بن عامر بن عبد ذي شرى.
عبد الله بن عامر أو عبد الله بن شمس.
عبد شمس في الجاهلية، وعبد الرحمن أو عبد الرحمن بن صخر بن عبد ذي شرى في الإسلام.
النشأة والإسلام: نشأ في اليمن وظل هناك حتى عمر الثلاثين وكان فقيرًا وجاهليًا ثم في السنة السابعة للهجرة هاجر إلى الرسول وحصل على مكانة كبيرة في الحديث والفقه أما عن وقت إسلامه فلقد اختلف فيه العلماء أيضًا:
الرأي الأول: أسلم في السنة السابعة للهجرة ثم هاجر مع الرسول – صلى الله عليه وسلم- وشهد خبير.
الرأي الثاني: أسلم عندما كان عمره 23 على يد واحد من قبيلته وهو الطفيل بن عمرو الدوسي ثم هاجر بعد سنين عدة إلى المدينة.
الكنية: كُنى بأبو هريرة وثُبت ذلك في الحديث الشريف عن عبد الله بن رافع ” قُلْتُ لأبي هُرَيرةَ: لِمَ كُنِّيتَ أبا هُرَيرةَ؟ قال: أمَا تفرَقُ منِّي؟! قُلْتُ: بلى واللهِ، إنِّي لَأهَابُكَ، قال: كُنْتُ أرعى غَنَمَ أهلي، وكانَتْ لي هُرَيرةٌ صغيرةٌ، فكُنْتُ أضَعُها باللَّيلِ في شجَرةٍ، فإذا كان النَّهارُ ذهَبْتُ بها معي فلعِبْتُ بها، فكنَّوْني أبا هُرَيرةَ”.
الوفاة: توفى عن عمر 78 ولقد ذكر البعض بأنه ذلك في السنة السابعة والخمسين للهجرة والبعض الآخر قالوا في السنة الثامنة والخمسين أو التاسع والخمسين.