أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، هي من لقبت بذات النطاقين.
ولدت أسماء بت أبي بكر في تاريه 27 ق.هـ / 595م، وتوفيت في تاريخ 73 هـ/ 692، وكان مولدها قبل الهجرة النبوية بقرابة سبعة وعشرين عام.
فذات النطاقين هي ابنة أبي بكر الصديق، وزوجة الزبير بن العوام، وأخت عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي محمد، وكانت أسنَّ من عائشة بما يقرب من عشرة سنوات، وهي أم عبد الله بن الزبير الذي بويع له بالخلافة، وأم لأول مولود للمهاجرين بالمدينة المنورة.
فأسماء بنت أبي بكر هي أم لخمسة أولاد هم: عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن: خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة.
شهدت أسماء بنت أبي بكر معركة اليرموك مع ابنها عبد الله بن الزبير وزوجها الزبير بن العوام، وثم طلقها الزبير.
ومن الجدير بالذكر أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها عاشت حتى إن تولى ابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الخلافة وقتل بعدها، ومن ثم أصبحت كفيفة على أن تجاوزت المائة عام وتوفيت.
وفي حقيقة الأمر أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تعد أخر المهاجرات وفاةً، ومن الجدير بالذكر أنها روت عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسندها ثمانية وخمسون حديثًا، واتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثًا، وانفرد البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بأربعة.
لماذا سميت أسماء بنت أبي بكر الصديق بذات النطاقين
ولكن لماذا سميت أسماء بنت أبي بكر باسم ذات النطاقين؟ ففي حقيقة الأمر أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تعد أوائل السيدات اللائي أسلمن واتبعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقبت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بذات النطاقين لأنها؛ قامت بشق نطاقها إلى جزئين وربطت به سفرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبوها أبي بكر الصديق رضي الله عنها حين خرجا مهاجرين إلى يثرب (المدينة المنورة الآن).
صفات أسماء بنت أبي بكر
من أبرز الصفات التي عرفت عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، أنها كانت سخية النفس، وهذا ما أشار إليه زوجها الزبير بن العوام حين قال: (ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيئا لغدٍ).
أما فاطمة بنت المنذر فقالت عنها: (إن أسماء كانت تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها)، فكانت أسماء بنت أبي بكر تقول لبناتها ولأهلها: (أنفقن وتصدّقن ولا تنتظرن الفضل، فإنّكنّ إن انتظرتنّ الفضل لم تُفضلن شيئًا، وإن تصدّقتنّ لم تجدن فقده).
ومن أفضل الصفات التي كانت تتميز بها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، هي تقوى الله في جل الأمور، كانت إذا أصابها الصداع وضعت يدها على رأسها وتقول: (بَذَنبي وَمَا يَغْفِرُ اللَّهُ أَكْثَرَ).
ويقول عنها الركين بن الربيع: (دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي. اقْعُدِي. افْعَلِي).
كما أن أسماء بنت أبي بكر كانت حريصة على الالتزام بارتداء الزي الشرعي الإسلامي، فيقول هشام بن عروة: (أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ فَأَرْسَلَ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِكِسْوَةٍ من ثياب مروية وقوهية رقاق عتاق بعد ما كُفَّ بَصَرُهَا. قَالَ: فَلَمَسَتْهَا بِيَدِهَا ثُمَّ قَالَتْ: أُفٍّ! رُدُّوا عَلَيْهِ كِسْوَتَهُ. قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أُمَّهْ إِنَّهُ لا يَشِفُّ. قَالَتْ: إِنَّهَا إِنْ لَمْ تَشِفَّ فَإِنَّهَا تَصِفُ. قال: فَاشْتَرَى لَهَا ثِيَابًا مَرْوِيَّةً وَقَوْهِيَّةً فَقَبِلَتْهَا وَقَالَتْ: مِثْلَ هَذَا فَاكْسُنِي).
والجدير بالذكر أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها كانت شديدة الشجاعة في مواجهة اللصوص بعد الهجرة إلى يثرب وخاصة في زمن والي المدينة سعيد بن العاص، وفي الوقت نفسه كانت أسماء بنت أبي بكر تجعل خنجرا تحت رأسها، فقيل لها: (ما تَصْنَعين بِهَذا؟) فقالت: (إِذا دَخَلَ عَلَيَّ لِصٌّ بَعَجْتُ بَطْنَه).
نسب أسماء بت أبي بكر
هي أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بن أبي قحافة عُثْمَان بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشيّة التيميّة.
أبوها هو أبو بكر الصديق الخليفة الراشد الأول رضي الله عنه، وأمها قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي.
أما عن أخوات أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فكان لها ثلاثة إخوة وأختان من أبيها وكان منهم أخ واحد شقيق من أبيها وأمها، وهم:
عبد الله بن أبي بكر، وهو أخوها الشقيق من أبيها وأمها، وهو الذي كان يأتي النبيَّ وأباه أبا بكر بالطعام وبأخبار قريش في غار ثور كل ليلة أثناء الهجرة النبوية، توفي أول خلافة أبي بكر في شوال سنة 11 هـ.
عبد الرحمن بن أبي بكر، هو أكبر ولد أبي بكر الصديق، وأمه أم رومان، تأخر إسلامه حتى صلح الحديبية، وهاجر قبل الفتح، وشهد اليمامة واليرموك، وتوفي سنة 58 هـ.
محمد بن أبي بكر، أمه أسماء بنت عميس، من أصحاب علي بن أبي طالب، شهد الجمل وصفين، وولاه علي على مصر، وقتل سنة 38 هـ.
عائشة بنت أبي بكر، أمها أم رومان، من أمهات المؤمنين وزوجة النبي محمد، ومن أكثر رواة الحديث النبوي.
أم كلثوم بنت أبي بكر، أمها حبيبة بنت خارجة، آخر أبناء أبي بكر الصديق، وُلدت بعد موت النبي.
دور أسماء بنت أبي بكر في الهجرة النبوية
أما عن دور أسماء بنت أبي بكر في الهجرة النبوية فتمثل دورها في طبخ الشاة التي اشتراها وذبحها أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
فكانت تخفي تلك الشاه في جراب، وقامت بشق نطاقها لنصفين من أجل وضع السفرة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الدور الذي قامت به أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها جعلها لقبت باسم ذات النطاقين.
وهذا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرها بأن الله تعالى أبدلها بنطاقين في الجنة، حيث قال لها صلى الله عليه وسلم: (أَبَدَلَكِ اللَّهُ بِنِطَاقِكِ هَذَا نِطَاقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ).
فتقول تقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: (ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجتُ إليهم فقالوا: «أين أبوك يا ابنة أبي بكر؟»، قلت: «لا أدري والله أين أبي»، فرفع أبو جهل يده وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي ثم انصرفوا).
زواج أسماء بنت أبي بكر من الزبير بن العوام
زوج أبي بكر الصديق ابنته أسماء من الزبير بن العوام رضوان الله عليهم أجمعين، وكان ذلك الزواج قبل أن يخرج الزبير مهاجرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجدير بالذكر أن الزبير بن العوام كان غيورًا، وكانت أسماء تخشى غيرته، فتقول عنه:
(تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شي غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأخرز غربه وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: (إخ إخ). ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك خادم يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني).
وبعد زواجها من الزبير بن العوام هاجرت معه إلى يثرب وكانت في الوقت نفسه خاملا بابنها عبد الله بن الزبير، فولدته بقباء في شوال سنة 1 هـ، وكان هو أول مولود للمهاجرين في المدينة، وقد استبشر المسلمون به.
طلاق أسماء بنت أبي بكر من الزبير بن العوام
وكما ذكرنا فيما سبق أن الزبير بن العوام كان شديد الغيرة على زوجته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وكانت تشكوه إلى أبيها، فقال لها: (يَا بُنَيَّةُ اصْبِرِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ صَالِحٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَلَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ).
ويقول أبو واقد الليثي عن شهود أسماء بنت أبي بكر لمعركة اليرموك مع زوجها الزبير: (وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ مَعَ الزُّبَيْرِ. قَالَ: فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ لِلزُّبَيْرِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَدُوِّ لَيَمُرُّ يَسْعَى فَتُصِيبُ قَدَمَهُ عُرْوَةُ أَطْنَابِ خِبَائِي فَيَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ مَيِّتًا مَا أَصَابَهُ السِّلاحُ).
فلقد أنجبت أسماء من الزبير؛ عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن: خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة، وكان ابنهما عروة هو آخر عروة الذي ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وطلقها الزبير وأخذ عروة وهو صغير السن، وفي الحقيقة أن سبب الطلاق اختلفوا فيه:
فقيل: إن عبد الله قال لأبيه: (مثلي لا توطأ أمه! فطلقها).
وقيل: (إن الزبير ضربها فصاحت بابنها عبد الله، فأقبل إليها، فلما رآه أبوه قال: أمك طالق إن دخلتَ. فقال عبد الله: أتجعل أمي عرضة ليمينك؟! فدخل فخلصها منه).
وقيل: (بل اختصمت هي والزبير، فجاء عبد الله ليصلح بينهما، فقال الزبير: إن دخلت فهي طالق، فدخلت فبانت).
وفاة أسماء بنت أبي بكر
وتوفيت أسماء بنت أبي بكر وهي بالغة من العمر مائة سنة، وماتت أسماء بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بليالٍ، وكان قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين للهجرة.