الدليل على ذلك قول زيد بن ثابت: “أول هدية أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل دار أبى أيوب، أنا جئتُ بها، قصعةٌ فيها خبز مثرود بلبن وسمن، فقلت: أرسلت بهذه القصعة أمي. فقال: بارك الله فيك وفي أمك، ودعا أصحابه فأكلوا”، والجدير بالذكر أن هذه الهدية تحمل الكثير من المعاني الإنسانية لما فيها من خير وكرم ونبل.
فضل الهدية في الإسلام
الهدية هي التمليك في الحياة دون عوض ويمكن إطلاق كلمة هدية على الهبة والعطية، ولكن الجدير بالذكر أن الهدية في مفهومها تختلف عن الصدقة، ومما لا شك فيه أن التهادي بين الناس من الأمور المرغوبة والتي حثنا عليها الإسلام فهي وسيلة من وسائل كسب القلوب وترسيخ العلاقات.
لتقديم الهدايا أثر عظيم في النقوس فهي تساعد على استجلاب المحبة وهي وسيلة من وسائل إثبات المودة وتآلف القلوب، وهي دليل الحب وصفاء النية، وفيها إشعار بالتقدير والاحترام، ونظرًا لهذا الأثر العظيم أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بمهاداة بعضنا البعض فعن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال أن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: {تَهادَوا تحابُّوا}.
كذلك أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءنا هدية ونحن في مجلس أن نتقاسمها مع بعضنا البعض حيث قال صلة الله عليه وسلم: {من أُهديتْ إليه هديةٌ فجلساؤه شركاؤه فيها}، وكذلك قال {مَن أُهدِيَتْ إليه هديَّةٌ وعندهُ جماعةٌ فهُمْ شركاؤُه}، وهو ما فعله النبي حينما استلم هدية زيد بن حارثة رضي الله عنه حيث اقتسمها مع أصحابه.
الهدية التي لا ترد
أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم رد الهدية وقبولها فقد كان يفعل ذلك ويقبل الهدايا من الجميع، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تناقلها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدعوا إلى قبول الهدية ومنها: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أجيبوا الداعيَ ولا تَرَدُّوا الهديةَ ولا تَضْرِبُوا المسلمينَ}.
في هذا الحديث إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم بقبول الدعوى على الطعام وعدم ردها سواء أكان لوليمه أو لعرس أصو خلافه، وفيه أمر بقبول الهدية لأنها تزيد من تآلف القلوب وهي وصلة رحمة بين المتهادين، أما الأمر الثالث في الحديث فجاء في عدم التعدي على المسلمين بدون وجه حق، وفيه إشارة إلى ضرورة التلطف معهم سواء بالقول أو بالفعل.
ضوابط التهادي في الإسلام
نتناول معكم عبر هذه الفقرة أهم الضوابط التي حددها الإسلام فيما يخص التهادي بين المسلمين فالمسلم الحق هو الذي يتبع الأحكام الشرعية سواء مما جاء في آيات القرآن الكريم أو ما جاء في السنة النبوية، ومن خلال فقرتنا هذه نستعرض لكم ضوابط إهداء وقبول الهدية فتابعونا عبر السطور التالية:
- لا يجوز قبول أو إهداء الهدية إذا كانت من المحرمات كالخمر والصلبان والشعارات الدينية التي تحملها الديانات الأخرى بخلاف الإسلام والخنزير، وإذا كان استعمال الهدية محرم كالحرير مثلًا فيجوز قبولها وبالتصرف فيها سواء بالبيع أو بالإهداء.
- كذلك لا يجوز للمقترض أن يقدم للمقرض هدية فالهدية هنا تقع محل الربا، فكل قرض يجر نفعًا يُعد ربا، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تُشير إلى حرمانية الربا فعن على بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبا ، ومُوكِلَهُ ، وكاتِبَهُ ، ومانِعَ الصدَقَةِ}، والجدير بالذكر أن الهدية التي يقدمها المقترض للمقرض قبل السداد فيها شبهة بالربا خاصة إذا لم تجري العادة بينهم على التهادي.
- يحرم على المسلم مهاداة الكفار بهدايا مرتبطة بعقائدهم الباطلة كالهدايا المرتبطة بأعيادهم الدينية أو شعار ديانتهم، ففي هذا الفعل تعظيم لشعائر الكافرين وهو أمر غير جائز.
- يجوز للمسلم أن يقبل الهدايا من الكفار ما لم تتضمن هذه الهدايا على محظور شرعي.
- كذلك يحرم على المسؤول أو صاحب الوظيفة العامة قبول هدية جاءته بحكم مسؤوليته إلا إذا أذنت له جهة العمل المشغلة له بقبول هذه الهدية، وبذلك نستخلص الحكم الشرعي في قبول الهدايا وهي أن تكون مهداه لشخصه وليس لنفوذه أو سلطته.
بهذا نصل وإياكم متابعينا الكرام إلى ختام حديثنا عن ماهي اول هديه اهديت للرسول ؟ وجميع الأحكام المتعلقة بالتهادي في الإسلام مستشهدين في ذلك بما ورد لنا من أحاديث في السنة النبوية، وفي الختام نأمل أن نكون استطعنا أن نوفر لكم محتوى مفيد وواضح يتضمن جميع استفساراتكم حول الهدية والتهادي ويغنيكم عن مواصلة البحث، وإلى اللقاء في مقال آخر من مخزن المعلومات.