نعيش في عالم متسع الأفق متعدد الشخصيات والطبائع والتصرفات، فلا يُمكن أن يبقى البشر على وتيّرة واحدة في طبائعهم وصفاتهم التي يتصرفون من خلالها في المواقف الحياتية المختلفة، فهناك الشخص التلقائي العفوي، الطيّب، المرّن، المتسامح وهناك أشخاص تسود عليهم صفات القوة والتي يخطئ البعض في الخلط بينها وبين التسلّط أو حب التملك والقيادة، لذا يُمكننا التفرقة بين الشخصية القوية والشخصية المتسلطة في النقاط الآتية:
تُعد الشخصية القوية هي التي يتعامل صاحبها مع ما يمر به من أحداث أو ظروف حياتيه بحكمّة وذكاء ومنطقية وهدوء، فلا يُمكنها أن تمنح الشيء أكثر من حقّه، وتتسم الشخصية القوية بالعديد من الصفات الإيجابية على رأسها القدرة على تحمّل المسئولية، الهدوء، الرزانة، عدم تقليّد الآخرين، ذات أسلوب خاص في التعامل، فهي لا تسعى على الإطلاق لتقليد شخص ما، بل أن الآخرين هم من يسعون لتقليدها ومحاكاة تصرفاتها، فهي دوماً شخصية ناجحة نظراً لكونها صاحبة مبادئ وقيّم إيجابية في الحياة.
بينما الشخصية المتسلطة تُعد شخصية سلبية الطبائع، تحب فرض سيطرتها على جميع المحيطين بها والأخذ برأيها وتطبيقه حتى وإن لم يكن صحيحاً، فهي تحب فرض سيطرتها على الجميع وأن تكون المُحرك الأول للأحداث والأشخاص من حولها وفقاً لرغابتها الشخصية، الشخصية المتسلطة ترى جميع الأشياء من منظورها الخاص، ولا يُمكنها تقبّل أفكار الآخرين أو أراءهم في أي شيء، لتكون هي دائماً صاحبة الحق والصواب وما غير ذلك فهو خطأ.
صفات الشخصية القوية
الشخصية القوية شخصية إيجابية ذات سمات إيجابية تجعلها قادرة على النجاح في الحياة وتحديّ الصعوبات أيما بلغت درجتها، فهي دوماً تسعى للوصول بمشاركة الآخرين، وترى أن النجاح عملية جماعية لا يُمكن لأحد بلوغها بمفرده، ومن أبرز صفات الشخصية القوية:
شخصيّة متحديّة ذكية منفتحة للغاية، دوماً ما تبحث عن التحديات الجديدة في الحياة لتُثبت قوتها للآخرين، كما أنها تتقبل آراء الآخرين وتستفيد من تجاربهم.
الشخصية القوية لا تؤمن أن الحق بالرأي الواحد على الإطلاق، فتتقبل الآراء والحوار مع أطراق أخرى وتعود للحق إن ثبّت لها أنها كانت على خطأ.
دوماً ما يتمسك أصحاب الشخصية القوية بالقيم والمبادئ في الحياة، ويكونا هما السبب الأول في قوتها,
تعتمد الشخصية القوية على نفسها في حياتها، وتتسم بالحزم والقوة في قراراتها، إلا أنها تسمح بالمشاركة والمناقشة والتعرف على آراء الآخرين في اتخاذ القرارات المهمة.
كما تتسم الشخصية القوية بالطيبة، السخاء، تقبّل النقد، التصرف بإيجابية مثالية في القرارات,
تعتمد الشخصية القوية في اتخاذ قراراتها على الحكمة والرزانة، حسن التصرف، مما يجبر المحيطين بها على احترامها الشديد حال التحدث معها والتعرف عليها.
صفات الشخصية المتسلطة
على نقيض الشخصية القويّة تأتي الشخصية المتسلطة التي ترغب في فرض قوتها وسيطرتها على الآخرين دون حق، وترى أنها هي فقط الصواب وما يخالف أفكارها فهو خطأ لا يُمكن قبوله، وتتسم بعدة صفات سلبية من بينها:
أجمع كافة الأشخاص الذين تعرضوا للتعامل مع الشخصيات المتسلطة على أنها شخصية غير سوية تحمل في حياتها شعار كبت حرية الآخرين خشية من أن يتم نسيانها أو تجاوزها فتفرض تسلطها عليهم دون وجه حق.
تحب الشخصية المتسلطة فرّض نفوذها وسيطرتها على جميع المتواجدين في نطاق حياتها أو العمل، وذلك سواء كان بطريقة قانونية أم غير قانونية.
لا تتقبل الحوار مع الأطراف الأخرى، ودوماً ما تتجاهل آراء ومقترحات غيرها من الأشخاص، كما أنه لا يُمكنها تقبل النقد حتى وإن كان نقداً بناءً على حق.
لا تتمسك الشخصية المتسلطة بالقيم والمبادئ على الإطلاق، وفي الكثير من الأوقات تهرّب من المواجهة خشية ظهور ضعفها أمام الآخرين.
الشخصية المتسلطة دوماً ما تكون متغطرسة في التعامل مع غيرها، وترى أن قراراتها فقط واجبة النفاذ.
لا تسمح لأي أحد بأن يشاركها المناقشة أو يخالفها الرأي.
نظراً لحماقة الصفات التي تتسم بها الشخصية المتسلطة فهي دوما ما تكون منبوذة في المجتمع الذي تتواجد به سواء كان العمل، الأسرة، محيط الأصدقاء.
الأسباب التي تجعل الإنسان شخصية متسلطة
عادةً لا يولد الشخصة بشخصية متسلطة على الإطلاق، فالله ـ عز وجل يخلق الإنسان على الفطرة الطيبة النقية، إلا أنه هناك عدة أسباب فسيولوجية وأسباب مكتسبة تحوّل الإنسان إلى شخصية متسلطة، والتي من بينها:
هناك العديد من الأهالي التي يقع على مسئولياتهم أمر نحوّل أبنائهم إلى شخصية متسلطة غير سوية، وذلك من خلال تعليم الأبناء الاستحواذ وحب السيطرة وفرض الآراء على الآخرين دون حق.
القدوة السيئة من المحيطين بالطفل، فتجد الطفل يحاول تقليد الكبار المحيطين به في صغر سنه، وحينما يكون أحدهم شخصية متسلطة أو يشاهد الأفلام العدائية، فتجد الطفل يحاول محاكاة ما يراه.
تسلّط الأم أو الأب على الأبناء، فتجد أن كلا الوالدين أو أحدهما يقوم بقمع الطفل وآراءه ويفرض عليه اختيارات حياته، ولا يعمد إلى تعليمه الصواب من الخطأ، فيجد الطفل نفسه دائماً معرض للضرب والعنف دون سبب، فيلجأ إلى فعل ذلك مع الآخرين.
هذا الطفل عندما يتقدم في العمر ستجده يفعل نفس الأمر ويحاول فرض سيطرته على المحيطين به.
كيف تتعامل مع الشخصية المتسلطة
قد نجد أن الكثير من الأشخاص يلجؤون إلى تجنب الشخصية المتسلطة والتعامل معها بحذر من خلال تنفيذ ما تريده بها فوراً، إلا أن هذا الأمر خاطئ على الإطلاق ويجعلها تشعر بالمزيد من السلطة والتسلط على الآخرين وأنها تستطيع أخذ ما تريد وقتما تريد، لاذ يجب عدم التجاوب معها وعدم منحها ما ترغب فيه بسهولة حتى لا تتجاوز في الأمر، وبٌمكن التعامل معها على النحو الآتي:
عوضاً عن منح الشخصية المتسلطة ما تريد، يُمكن محاولة التوصل معها لحل وسطي يرضي جميع الأطراف، بحيث لا يتم الخضوع لها ولا إشعارها بأن سلطتها هي الأمر السائد ولا تطمع في المزيد من الأمور.
فمن خلال ذلك ستجد أنها أصبحت تتعامل بطريقة أفضل بكثير، لذا فإن علاج الشخصية المتسلطة في التجاهل والتام ومحاولة تقليل التعامل معها قدر الاستطاعة، أو جعل التعامل في حدود قليلة.
أسئلة شائعة
ما هو علاج الشخصية المتسلطة ؟
يكمن الحل في التعامل مع الشخصية المتسلطة في الحذر التام في التعامل معها وتجاهلها وعدم تنفيذ كافة أوامرها حتى لا تشعر بأنه سلطتها هي الأمر السائد في الحياة.
