قصص عن الصبر على المرض تساهم في تعزيز الثقة بفرج الله بعد الشدة لدى المرضى، وإدراك حسن الجزاء في الآخرة، حيث إننا عبر موقع مخزن نذكرها إليكم للتعبير عن ضرورة التحلي بالإيمان القوي والثبات عليه عند الوقوع في البلاء.
هناك حكمة شائعة نرددها دائمًا دون أن نستشعر معناها ألا وهي “الصبر مفتاح الفرج”، حيث إن هذه الحكمة تساهم في زيادة الوعي بأهمية الصبر على البلاء لا سيما المرض وضعف البدن، كما تساهم في تعزيز الرضا بالقضاء والقدر والذي لا يأتي بعدهما سوى الفرج والجزاء، ففي حقيقة الأمر هذه الحكمة تجلت في بعض القصص المنقولة عمن عانوا من مختلف الأمراض، حيث إننا سوف نسرد هذه القصص في السطور التالية للتأكيد على أهميتها:
قصة الشاب الحلاق
يُحكى أنه كان هناك شاب وسيم يعمل في صالون حلاقة صغير، وكان هذا الشاب متزوجًا ولديه طفلان.
ومن المؤسف أن دخله كان قليلًا للغاية، ومع ذلك فلقد سعى جاهدًا في عمله إلى أن تمكن من الالتحاق بعمل جديد في صالون آخر كبير يرتاده المشاهير، حيث عرفه كل الزبائن وأصبحوا لا يأتون سوى إليه لتلقي الخدمات المميزة منه، وهو ما جعل دخله يزداد ومعيشته تتحسن بشكل كبير.
وفي يوم من الأيام شعر صاحب الصالون بالغيرة من الشاب نظرًا لارتباط الزبائن به وليس بالمكان، وقرر أن يطرده من العمل، وأصبح الشاب فقيرًا مرة أخرى، فما كان أمام سوى أن يعود للصالون الصغير الذي كان يعمل فيه في البداية.
ولكن زوجته بدأت تتذمر نظرًا لضيق العيش وقلة دخله، إلى أن حدثت المعجزة وجاءه أحد الزبائن ذات يومًا وعرض عليه أن يجعله مديرًا على الصالون الكبير الذي يرغب في فتحه.
وبدء الشاب في العمل في الصالون الجديد، ولكنه بعد مرور فترة قصيرة من الزمن شعر بأنه غير قادر على العمل بسبب إصابته بالإعياء الشديد من أقل مجهود.
وهو ما أدى إلى اتهام صاحب الصالون له بالإهمال، والتفكير في طرده، فعزم الشاب على الذهاب للطبيب للتحقق من السبب وراء التعب الذي يعاني منه.
حيث علم حينها بأنه مصاب بسرطان المعدة وعليه أن يبدأ العلاج على الفور، فأصبحت الحياة مظلمة بالنسبة له بسبب عدم توفر عمل بدخل مناسب له وبسبب عدم قدرته على توفير النفقات لأطفاله.
وخضع الشاب لجراحة كبيرة، وعلى الرغم من تعبه وشعوره باليأس وتمنى الموت إلا أنه قرر أن يصبر على الابتلاء وأن يباشر حياته بشكل طبيعي.
فعاد للعمل مرة أخرى إلى أن تمكن من الحصول على مبلغ مناسب من المال وتأسيس مشروعه الخاص وتسديد ديونه، وتعلم حينها بأن الصبر على الابتلاء مفتاح الفرج.
قصة الرجل الأعمى
مر ذات يومًا رجل من الصالحين على رجل آخر مصاب بالشلل النصفي، حيث كان الدود يتناثر بكثرة من جنبيه.
وكان هذا الرجل مصاب بالعمى والصم، فوجده الصالح وهو يردد “الحمد لله الذي عفاني مما ابتلي به العديد من خلقه”، فتعجب بشدة.
وهذا ما جعله يقول له “يا رجل ما الذي عافاك الله – عز وجل- منه، فلقد شاهدت جميع المصائب والأزمات وقد تزاحمت عليك”.
فغضب الأعمي وأمره بألا يشغل باله بأمره وقال له “إليك عني يا رجل فإن الله عافاني عندما أطلق لي لسانًا يوحده دائمًا وقلبًا يذكره في كل وقت”.
قصص السلف في الصبر عن البلاء
لقد ذكر السلف الصالح بعض القصص عنهم لتوضيح مدى صبرهم عن البلاء والمرض، ففيما يلي سوف نذكر هذه القصص بالتفصيل:
قال يونس بن محمد المكي بأنه ذات يومًا زرع رجل من أهل الطائف زرعًا وعندما بلغ أصابته آفة حيث اخترق، فلما دخل عليه هو وباقي السلف لتسليته فبكى، ثم قال إنه لا يبكي لما هو عليه ولكنه سمع الله – عز وجل- يقول (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ) [آل عمران، 117]، حيث إنه يخاف أن يكون من أهل هذه الصفة وهو ما أبكاه.
ومرض كعب في يوم من الأيام فزاره رهط من أهل دمشق وسألوه ماذا تجد نفسك يا أبا إسحاق فأخبره بأنه بخير، وبأن جسده أخذ بذنبه، فإن شاء الله – تعالى- لعذبه أو رحمه، وأن بعثه خلقًا جديدًا أي لا ذنب له.
وزار رجل من المهاجرين مريضًا حيث أخبره بأن للمريضًا أربعًا يرفع عنه القلم، ومن ثم يكتب له الأجر كما كان يعمل في صحته، ومن ثم يتبع المرض كل الخطايا من مفصل من مفاصله حتى يخرخها، فإن عاش أصبح مغفورًا له، وإن مات فهو مغفور له أيضًا، فقال المريض حينها اللهم لا أزال مضطجعًا.
ولقد قال علي بن الحسن أنه كان هناك رجلًا بالمصيصة لم يبق منه سوى روحه في بعض جسده لأنه نصف الأسفل ذاهب، وكان ضريرًا على سرير مثقوب، حيث دخل عليه ذات يومًا وسأله كيف أصبح يا أبا محمد فقال له إن مالك الدنيا منقطع إلى الله – سبحانه وتعالى- وأنه ماله إليه من حاجة إلا أن يتوفاه على الإسلام.
الصبر على المرض ابن باز
لقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله- إن المريض إذا صبر واحتسب على مرضه له أجر عظيم، ولقد استدل على ذلك بقول النبي – صلى الله عليه وسلم- “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له.”.
فمن يفعل عند المرض ما لا يخالف الشرع كالنواح وشق الثياب وغيرها من الأمور، ويتكلم بالكلام الطيب رضا الله عنه – عز وجل- وأرضاه، فإن الله يحب من لا يشكو للناس ويلجأ إليه ويشكوه، والشكوى هنا لا تشمل إخبار الطبيب بما يعاني منه الجسد حتى يتم معالجته أو إخبار الناس بما تم الإصابة به، فالشكوى غير المستحبة تتضمن لطم الخد أو نتف الشعر أو الصياح، فهذا لا يجوز.
حديث الصبر على المرض
وردت في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحث المسلمين على الصبر على البلاء والمرض للحصول على الأجر والثواب، فمنها ما يلي:
عن اللجلاج بن حكيم السلمي والد خالد عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- “ إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغهَا بعملهِ ابتلاهُ اللهٌ في جسدِهِ أو في مالهِ أو في ولدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ من اللهِ تعالى”.
عن أنس بن مالك عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- ” إنَّ اللَّهَ قالَ: إذا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ منهما الجَنَّةَ. يُرِيدُ عَيْنَيْهِ.”.
عن عبد الله بن عمر عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- “من رأى مبتلًى فقال : ” الحمدُ للهِ الذي عافاني مما ابتلاكَ به ، و فضَّلني على كثيرٍ ممن خلق تفضيلًا ” ، لم يُصِبْهُ ذلك البلاءُ”.
عن عائشة أم المؤمنين عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- “ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ”.