ابحث عن أي موضوع يهمك
قصص عن الكرم عند العرب نعرضها في مخزن حيث يُعدّ الكرم أبرز الخصال عند العرب بالعصر الجاهلي، ويشار لأنّ مفهوم الكرم له ارتباطًا وثيقًا مع الالتزامات التي يشعر المضيف بها تجاه ضيوفه، وهو ما يرجع لطبيعة البيئة الاجتماعية والصحراوية والنظام القبلي الذي كان سائد بالمنطقة وهو ما عزز أهمية التكافل الاجتماعي لديهم.
كان العرب يخصصون ما يقرب من نصف أملاكهم من الثروة من أجل ترفيه الضيف، وفيما يلي أشهر القصص عن كرم العرب.
ورد عن سهل بن سعد أنّه أتت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم بعباءة وقالت له: هل أعطيها لك، وما كان من الرسول الكريم إلا وقد أخذها ولَبِسها وكان محتاج لها، فرأى أحد الصحابة العباءةَ، فقال يا نبي الله ما أجمل تلك، فهل أعطيتها لي فقال النبي: نعم.
وحين ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ألقوا الصحابة اللوم على صاحبهم بأن أخذ العباءة وهو يدرك أن النبي في حاجة لها، ويعلم كذلك أنّه لا يُطلَبُ أي شئ ولا يُعطيه، فأجابهم “أردتُ بركتَها حين لبِسَها محمد صلى الله عليه وسلم، لعلي أُكفَّن فيها”، وقيل إنه قد كُفن بها وفق رواية سهل.
أقرأ أيضًا: قصص عن التوبة
سأل شخص ما حاتم الطائي: هل يوجد من هو أكرَم منك؟ وكان حاتم الطائي معروف بالكرم فأجابه: نعم، هناك فتى كنتُ ضيفًا عندَه، وكان لديه عشرة أغنام فقام بذبح واحدة منها وأعدّ الطعام ثم قدّمه لي، وكان من بينه مخّ الذبيحة، وحين تذوقتُها وجدتها طيّبة المذاق.
فقلت له: مذاقها لذيذ جدًا، فأسرع بالخروج وبدأ في ذبح الأغنام جميعها بدون علمي واحدة تلو الأخرى، وقدّم لي مخ أغنامه العشرة، وحين خرجت لكي أغادر وجدتُ دماءًا كثيرة تحيط بيته، حيث كان قد ذبح كل أغنامه لكي يقدم أدمغتها لي التي أعجبني مذاقها.
فقلت: لماذا فعلت هذا، فقال سبحان الله يا رجل أيعجبك شيءٌ لدي فأبخلُ به عليكَ، إنّ هذا لشيء قبيح، فسُئل حاتم وبماذا قد عوّضتُه؟ فقال له: أعطيته خمسمائة رأس من الغنم وثلاثمائة ناقة حمراء، فقيل له: بذلك تكون أنت أكرمُ منه، فأجاب حاتم الطائي: لا هو أكرم؛ فقد أعطاني جميع ما يملك، وأنا ما تكرّمت سوى بقليلٍ ممّا لدي.
شاهد أيضًا: قصص الصحابة في رمضان
سمع واحدٌ من قياصرة الروم بشدة كرم حاتم الطائي، وأنّ حاتم لديه فرسًا أصيلًا، فأرسل له من عنده رسولًا يطلب الفرس منه، فلما وصل الرسول لدار حاتم الطائي، أحسنَ استقباله وقد رحّب به ترحيبًا كبيرًا، دون معرفة أنّه حاجب القيصر، في حين كانت الأغنام بالمرعى.
فقام حاتم الطائي بنحر فرسه دون يتردّد وحضّر له الطعام، ودخل به على ضيفه فأخبره الحاجب بكونه رسول القيصر له، وأن القيصر أرسلع في طلب فرسه وحينها استاء حاتم الطائي لأنه لم يعلمه مُسبقًا قبل نحرها للتوّ حتى يقدّم الطعام له، فعَجِب لأمره الحاجب وقال له: والله إنا قد رأينا منك أكثر ممّا سمعنا.
حين قدم المهاجرون للمدينة، كانوا يشترون من بئر رومة ماء الشرب، الذي كان يُعتبر أعذب مياه الآبار بالمدينة، وكذلك كان أتعبَهم، وما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا وقد أوصى الصحابة الأجلاء بشراء البئر ثم التبرع للمسلمين به، ووعد مَن يقوم بذلك أنه سيكون له عينًا بالجنة، فاشتراه عثمان بن عفان وجعله للمسلمين وقفًا.
هو أبو دؤاد كعب بن مامة بن عمرو بن ثعلبة الإيادي، ويرجع نسبه لقبيلة إياد، وقد اشتهر بكرمه ما بين قومه، وضرب المثل به في السخاء والكرم والجود، ويعرف عنع بأنه كان صاحب القصة المشهورة بالكرم والآثار وسميت بقصة “اسق أخاك النمري” فقد جاد بنفسه، واستئثر رفيقه بالماء إلى أن هلك من العطش، وقصة المثل تقول: ” أن كعباً قد سافر ونفراً بقيظ شديد، فأعوزهم الماء دون شيئاً يسيراً قد اقتسموه، وكان هناك رجل مع كعب من النمِر قاسط، وحين بلغ بكعب النوبة بالشُّرب نظر النمري إليه، فقال كعب لذلك الساقي: “اسق أخاك النمري، ففعل هذا مراراً، حتى نفذ الماء، وعندها سقط كعب وقد مات عطشاً”.
كان الكرم من أبرز الصفات عند العرب، بل أنهم كانوا يتباهون بالسخاء والكرم والجود، وكانوا يصفون عظماء القوم من العرب بالكرم وهم اللذين رفعوا مكانة العرب، وضرب بالعرب المثل بتلك الصفة الحميدة، إلى أن أصبحوا مضربًا للمثل عن السخاء والكرم، وهناك الكثير من أسباب الكرم لدى العرب منها:
انتشر بالبيئة العربية الكثير من الصفات الحميدة، وكانت من أبرزها صفة الكرم، ومن أسبابها فعل الآباء والأداء، حيث تربى العربي وقد أحب ارتباط ذكره بما يحبه الناس من هذه الخلال، والكرم كان أشدها تأثيراً بالنفوس.
وكان للحروب والنزاعات المستمرة التي خاضها العربي، وأدت لانتشار الفقر والبؤس والحاجة بالبلاد، فشعروا بالبرد والجوع، وبدأ الطعام ينفذ فسارع العرب بتقديم المساعدة على قدر استطاعتهم، وخاصةً لعابري السبيل وتقديم كل ما يحفظ للإنسان حياته، ويسد رمقه، ويروى غلته، ولذا عظموا إطعام الطعام، والكرم، ووصفوا عظماء القوم بالكرم.
امتازت البيئة العربية بكونها بيئة صحراوية قاحلة، وترحال سكانها المستمر؛ نتيجة الكلأ وقلة موارد المياه؛ ولذلك السبب قد أدرك العربي مدى قيمة إكرام الضيف ونصرة المظلوم وإعانة المحتاج وما إلى نحو ذلك من القيم النبيلة، فكان يتشبث بتلك القيم إلى أن تنتشر وتعم ويرجع لهم بالنهاية خيرها كما ويشمله أثرها.
عُرف الكرم بكونه الفضيلة الأبرز والأهم بالعصر الجاهلي وكانت تلك الفضيلة مبعثًا بين القبائل للتفاخر والتباهي، وقد قام الشعراء بالرفع من مكانة الكرماء والكرم، وسوف نوضح فيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
كان حاتم الطائي هو أكثر من عُرف عنه الكرم والسخاء، إلى أن أصبح مضربًا للمثل في ذلك، وفي ذلك أنشأ أبياتًا قد وجهها لزوجته التي ألقت اللوم له من شدة الكرم، فقال:
مهلًا نوار أقلِّي اللَّوم والعَذَلا
ولا تقولي لشيء فات: ما فعلا
ولا تقولي لمال كنت مهلكه
مهلًا، وإن كنت أعطي الجنَّ والخَبَلا
يرى البخيل سبيل المال واحدة
إنَّ الجَوَاد يرى في ماله سبلا
لا تعذليني في مال وصلت به
رحمًا، وخير سبيل المال ما وصلا
ومن بين القصص الشائعة حول الكرم بالعصر الجاهلي قصة حاتم الطائي حين أصاب القحط قومه، وكانت أطفاله جياع والليالي باردة، وحينما حل الظلام أتته جارة طلبت طعامًا منه لأطفالها الجياع، وعلى الفور وعدها بتوفير الطعام لها ولأولادها، فقام حاتم لفرس عنده ذبحها ثم أشعل النار وشواها وقدمها لهم وأطعمهم دون أن يأكل شيئًا منها.
وهو أحد الكرماء المشهورين بالعصر الجاهلي، وأول من عمل للضيف الفالوذ وقد قال به أمية بن أبي الصلت ما يلي:
له داع بمكَّة مُشْمَعِلٌّ
وآخر فوق دارته ينادي
إلى درج من الشِّيزَى ملاء
لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
وقد قال أيضًا في كرمه الأبيات الآتية:
إنِّي وإن لم ينل مالي مدى خُلُقِي
وهاب ما ملكت كفِّي مِن المال
لا أحبس المال إلَّا ريث أتلفه
ولا تغيِّرني حال عن الحال
كان حاتم الطَّائي أشهر مَن عُرِف لدى العرب بالكرم والجُود إلى أن أصبح مضرب المثل بذلك.