إذا كنت تتساءل عزيزي القارئ عن حكم الإحصار في الحج فعليك بمتابعة مقالنا اليوم في مخزن فالحج ركن أساسي من أركان الإسلام الخمس وقد ورد في صحيح السنة النبوية ما يثبت ذلك {بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا} ؛وقد أوجب المولى عز وجل على المسلمين أداء مناسك مخصوصة للحج، وأمر الحجاج بأن يُتموا حجهم، وهناك أحكام محددة للحج، وموضوع حديثنا اليوم عن حكم الإحصار:
ما حكم الإحصار في الحج ؟
جـ/ من أحرم بالحج وجب عليه إتمام حجه ودليل هذا ورد في آيات القرآن الكريم في قول المولى عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
ولكن في حال منع الحاج مانعًا من إتمام حجه وكان قد اشترط التحلل عند الإحرام إذا أحصر فإنه يحل بالنية والحلق والتقصير ودليل هذا قول الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
أما إذا لم يشترط الحِل عند الإحصار فالواجب على المسلم اختلف فيه أهل العلم وانقسمت آرائهم إلى رأيين، هذه الآراء نعرضها لكم عبر سطورنا التالية …
الرأي الأول
ذهب جمهور أهل العلم في هذا الرأي إلى أن الجاح إذا أحصر ولم يكن قد اشترط الحِل عند الإحرام وجب عليه ذبح الهدى إلى جانب نية التحلل والحلقِ والتقصير، واستدلوا على صحة رأيهم بقول المولى عز وجل {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ} [سورة البقرة: 196].
الرأي الثاني
ذهب المالكية إلى أن الحاج إذا أحصر ولم يكن مشترط للحل عند الإحرام وجبت عليه نية التحلل ولا يشترط عليه سواها، واستدلوا على صحة هذا الرأي بأن الهدي والتقصير سُنة وليست شرط في هذه الحالة.
دليلهم على هذا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أحصر في صلح الحديبية لم يأمر من لم يكن معه الهدي بالذبح وقالوا أن الهدي وقت الإحصار لو كان واجب لأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم.
تعريف الإحصار
تنقلنا إجابة استفساركم اليوم لتوضيح ما هو الإحصار:
الإحصار لُغة يعني المنع والحبس.
أما الإحصار اصطلاحًا فيشير إلى منع المحرمِ بحج أو عمرة من إتمام أركان تلك العبادة.
قبل اختتام فقرتنا هذه تجدر بنا الإشارة إلى الحالات التي يتم فيها الإحصار:
الإحصار يحصل بالعدو ودليل هذا نزول آية: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ} [سورة البقرة: 196] فقد نزلت الآية لمنع المشركين للمسلمين من إتمام حجهم وصدهم عن البيت الحرام.
الإحصار يحدث بالمرض وذهاب النفقة عند الحنفية واستدل أهل العلم في صحة هذا على أن الإحصار لفظ عام يندرج تحته كل ما يمنع إتمام الحج.
حكم زوال الإحصار
ننتقل معكم خلال فقرتنا هذه لتوضيح حكم زوال الإحصار فمن الممكن أن يزول الإحصار عن الحاج وفي هذه الحالة يقف متسائلًا حكم عن الزوال:
أشار أهل العلم إلى أن من أحرم بالحج ثم منعه مانع من إتمام حجه، ثم زال المنع والحبس عنه قبل التحلل والإحرام وجب على المسلم أن يُتم مناسك الحج.
وإذا زال الإحصار بعد فوات الحج على الحاج أن يتحلل من إحرامه وهذا بإجماع من أهل العلم.
شروط الحج وحكمه
قبل اختتام مقالنا اليوم تجدر بنا الإشارة إلى شروط الحج وحكمه فالحج ركن أساسي من أركان الإسلام وهو فرض واجب على كل مسلم مقتدر ودليل هذا قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ} [سورة آل عمران: 97]، والجدير بالذكر أن وجوب الحج على العبد مقترن بمجموعة من الشروط، هذه الشروط نذكرها لكم عبر سطور نا التالية:
الإسلام: حج البيت عبادة خاصة بالمسلمين لذا يعتبر الإسلام شرط من شروط وجوب الحج.
العقل: الحج فرض على العاقل دون المجنون فالمجنون يسقط عنه التكليف وقد ورد في صحيح السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم: {رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ المغلوبِ على عقلِه وعن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ وعن الصَّبيِّ حتَّى يحتلِمَ}.
البلوغ: يعتبر البلوغ شرط أساسي من شروط وجوب الحج فالصبي غير مُكلف بأداء مناسك الحج وقد ورد في صحيح السنة النبوية المطهرة ما يثبت ذلك فعن مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (قالَ: رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، أَلِهذا حَجٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ).
الحرية: الحج غير واجب على العبد المملوك نظرًا لعدم استطاعته فالمسلم الحر هو من يجب عليه الحج، وللاستطاعة ثلاث شروط نذكرها لكم فيما يلي:
الاستطاعة المالية: تتمثل في القدرة على تحمل تكاليف الحج من زاد ونفقة وخلافه، وينبغي أن يكون المال فائض عن الديون والاحتياجات الأساسية فإذا توفر لدى المسلم الماء الزائد عن الحاجة وكانت له حرية التصرف فيه وجب عليه الحج.
الاستطاعة البدنية: تتمثل في القرة على تحمل أعباء السفر وأداء مناسك الحج من مشي وركوب.
الاستطاعة الأمنية: يقصد بها أن يكون الطريق للحج آمنًا.