في طيات سطورنا القادمة تجد عزيزي القارئ حكم الكفر الأصغر وجميع التفاصيل المتعلقة بالكفر الأصغر والكفر الأكبر وأحكامهما فالكفر هو أشر الأعمال التي قد يقع فيها الفرد في حياته، وللكفر صور وأشكال متعددة، ويتمثل الكفر في عدم الإيمان بالله أو بالرسل أو بالكتب السماوية، والجدير بالذكر أنه من أخطر المعاصي التي قد يقع فيها الفرد فهو من الكبائر التي أمرنا المولى عز وجل باجتنابها.
خطورة الكفر لا تمكن في كونه من الكبائر فقط فهو أكبر الكبائر وأكثرها إثمًا فقد يتسبب الكفر في خروج الفرد من الملة وبالتالي يكن مصيرة جهنم وبئس المصير، ونحن حينما نتحدث عن الكفر وأنواعه بين الأصغر والأكبر لا يسعنا سوى الاستفاضة في الحديث فعلى الفرد أن يتجنب الوقوع في الشرك لما له من آثار سلبية وعواقب وخيمة سواء في الحياة الدنيا أو في الدار الآخرة، وفي هذا الصدد خصصنا المقال التالي في مخزن لتناول تفصيل الشرك وأنواعه وأحكامه.
الكفر بمختلف صوره وأنواعه من الكبائر التي نهانا عنها المولى عز وجل فهو ينتقص من إيمان العبد، ويتمثل الكفر الأصغر في عدة صور قد يفعلها المسلم بجهالة دون أن يعلم أو يفعلها على الرغم من علمه بأنها كُفر والجدير بالذكر أن الكفر كغيره من المعاصي يمتلك أحكام شرعية مححدة، وللكفر الأصغر حكم، هذا الحكم نوضحه لكم عبر سطونا التالية:
س/ ما هو حكم الكفر الأصغر ؟
جـ/ الكفر الأصغر غير جائر ويوجب الوعيد بالعذاب الأليم في الدار الآخرة دون الخلود في الآخرة، وعلى الرغم من أنه من الكبائر المنهي عنها إلا أنه لا يُخرج الفرد من ملة الإسلام.
هل الكفر الأصغر يخرج من الملة
الكفر الأصغر شكل من أشكال الكفر ولكنه ليس كالكفر الأكبر فهو لا يُخرج الفرد من الملة ولكنه يُنقص من إيمانه ويُضعفه، ولكن هذا لا يعني أنه ليس من الكبائر فالكفر بمختلف أنواعه من الكبائر التي أمرنا المولى عز وجل باجتنابها.
يقتضي الكفر الأصغر بتطبيق عقوبة الكفر التي توعد بها المولى عز وجل للآثمين وهي العذاب الأليم، لذا يقتضي على جميع من وقع في الشرك الأصغر التوبة إلى المولى عز وجل ليتوب ويعفو عنه، ويشترط لقبول التوبة أن تكون نصوحة (أن يكون الفرد نادمًا عازمًا على عدم العودة إلى الكفر).
أنواع الكفر الأصغر
للكفر الأصغر صور وأشكال متعددة يصعب حصرها فالشرك الأصغر نوع من أنواع الشرك، يندرج تحته عدة أنواع أخرى، من هذه الأنواع نذكر:
كفر النعمة: يتمثل في عدم اعتراف الفرد بالنعم التي أنعم بها عليه المولى عز وجل وفي هذا النوع ذكرت الكثير من الآيات كقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: (83)]، فهذا الفعل منافي للإقرار بنعم المولى عز وجل التي أنعم بها علينا جميعًا فقد قال تعالى في آيات كتابه الحكيم: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18].
كفران العشير والإحسان: يتمثل في نكران الإحسان وفي هذا النوع ذكر حديث النبي ﷺ عن عبد الله بن عباس {أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ قيلَ: أيَكْفُرْنَ باللَّهِ؟ قالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لو أحْسَنْتَ إلى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شيئًا، قالَتْ: ما رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ}
الحلف بغير الله: من الأخطاء الشائعة التي قد يقع بها المسلم دون العلم بأنها صورة من صور الكفر الأصغر ودليل ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر حيث قال: أن النبي ﷺ قال: {منْ حلفَ بغيرِ اللهِ فقدْ أشركَ}.
قتال المسلم: من أشكال الكفر الأصغر كذلك قتال المسلم لأخيه المسلم أو سبه عن عبد اله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ {سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ}، فهذه الأفعال منافية لصفات المسلم التي ذكرها لنا النبي ﷺ في حديثه الذي روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه حيث قال: {المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ}.
النياحة على الميت، الطعن في النسب: يتعبران من أشكال الكفر ودليل ذلك ما جاء في السنو النبوية المطهرة فعن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اثنتانِ في الناسِ هما بهم كفرٌ : الطعنُ في الأنسابِ ، و النِّياحةُ على الميِّتِ}.
الانتساب إلى غير الأب: نسب الأبن لغير أبوه شكل من أشكال الكفر ودليل وجوب انتساب الأبناء إلى أبائهم ما ورد في آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [سورة الأحزاب: (5)]..
حكم الكفر الأكبر
الكفر الأكبر هو من أكبر الكبائر التي قد يفعلها المسلم وهو الكفر الذي يخرج الفرد من الملة وحكمه الخلود في نار جهنم فهذا النوع من أنواع الكفر لا يغفره المولى عز وجل إلى بالتوبة.
دون التوبة عن الكفر الأكبر لا يُقبل عمل ولا تُجدي العبادات نفعًا دون توبة، ولهذا الكفر أشكال متعددة كالتكذيب بآيات الله تعالى والتكذيب بالرسل والكتب السماوية والشك في حكمة المولى عز وجل وعدله، والنفاق، وغيرهم الكثير من الأشكال.
الكفر الأكبر ذنب وخطيئة لا يغفرها المولى عز وجل فهي منافية لطبيعة الإيمان والإسلام والفطرة التي فطرنا عليها المولى عز وجل، وفيها عدم تصديق في وحدانية المولى عز وجل، والجدير بالذكر أن الكفر منافي لما أمرنا به المولى عز وجل في آيات كتابه الحكيم في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ} [النساء: 36].
الفرق بين الكفر الأكبر والأصغر
يختلف الشرك الأكبر عن الشرك الأصغر في العديد من جوانب، نذكر منها الآتي:
الشرك الأصغر
الشرك الأكبر
الشرك الأصغر لا يُخرج الفرد من المله فهو غير متناقض مع أصل التوحيد وإنما يُنقص من الإيمان فينول به الفرد درجة.
الشرك الأكبر يُخرج الفرد من لملة فهو منافي للتوحيد والإيمان اللذان يعتبران أساس العقيدة الإسلامية
الكفر الأصغر قد يغفره المولى عز وجل إذا شاء فهو لا يُخرج الفرد من المله، ولأنه ليس صورة من صور الشرك قد يغفره المولى ودليل ذلك قوله تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ} {النساء 48].
الشرك الأكبر لا يغفره المولى عز وجل إلا بالتوبة ودليل ذلك ما ورد في آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: (48)]، فإذا كان الفرد وهو كافرًا دون توبه بعذب عذاب أليم
لا يُحبط الشرك الأصغر الأعمال والأفعال فإذا كثرت الأفعال الحسنة وطغت الحسنات على السيئات يغفر له المولى عز وجل.
الشرك الأكبر لا تُجدي معه الحسنات نفعًا ولا تُقبل معه الطاعات مهما كثرت، ومصير من يُشرك بالله شرك أكبر جهنم.
لا يوجب الشرك الأصغر الخلود في النار فقد يُعذب صاحبه في النار فترة ولكن مآله إلى الجنة.