حكم تعلم العلوم الدنيوية يساعد على معرفة ما إذا كانت مفيدة للمسلم في آخرته أم لا، فلقد تعددت الآراء بشأن هذه العلوم ومنزلتها، وتم إثارة الجدل حول عدم الحصول على الثواب منها مقارنةً بالعلم الديني، فمن خلال موقع مخزن سوف نوضح حكم تعلمها كما سنشير إلى أهم المعلومات التي وردت من كبار الفقهاء وبالأدلة عنها.
إن العلوم الدنيوية أو ما يُطلق عليها العلوم غير الشرعية هي كل ما هو مغاير للعلم الشرعي الذي يدور أو يرجع إلى فلك الوحي، حيث إنها العلوم التي يُرشد إليها العقل مثل الحساب والسماع مثل اللغة والتجربة ثمل الطب، فلقد أشار فقهاء الدين إلى أن حكم تعلمها يتوقف على ما يعود من ورائها على الآخرين بالنفع أو الضر، إذ تمثل هذا الحكم فيما يلي:
العلوم الدنيوية تكون بمثابة فرض كفاية على المسلمين وجائزة إن كانت تساهم في تحقيق عمارة الأرض وكذلك طلب الرزق والسعي وراء كل ما يصلح الحياة ويقاوم ما يفسدها، في حين أنها تكون غير جائزة ومذمومة إذ كانت تُعطل المصالح وفيها ما يعرض النفس للهلاك بسبب إيذاء الناس بالخداع.
ويعزى السبب وراء اعتبار العلوم الدنيوية داخلة في فروض الكفايات إلى أن المسلمون يستعينوا بها على طاعة الله فضلًا على جهاد أعدائه – عز وجل- والاستغناء عمّا في أيدي الناس.
كما أنها فيها منفعة كبيرة للمسلمة إن كانت لله، حيث سيؤجر عليها وينال الثواب العظيم في الدنيا والآخرة.
ولكن ينبغي الانتباه إلى أن العلوم الدينية أهم بكثير، حيث ينبغي أن تأتي في المقدمة لكونها فرض عين، فالمسلم يجب عليه تصحيح عقيدته بالإضافة إلى تعلم أحكام عبادته الواجبة عليه مثل الصيام والصلاة والزكاة والحج وغيرها.
فالتفقه في الدين هو الأهم، وإذا تم الجمع بين الأمرين فهو بمثابة خيرٌ إلى خيرٍ ما دامت العلوم الدنيوية يتم التعلم منها ما يُنتفع به في الدنيا ويُمكن الاستعانة به على الدين وعبادة الله.
هل يؤجر طالب العلم الدنيوي
يطلب العديد من الأشخاص العلوم الدنيوية كالطب والهندسة وغيرها، فهل يؤجرون على ذلك؟ فلقد أجاب فقهاء الدين بنعم يؤجر طالب العلم الدنيوي على العلم الذي يتلقاه بأجر عظيم طالما نوي به صاحبه الخير كخدمة الدين والمجتمع، وذلك لأنه في هذه الحالة يكون قائمًا بفرض من فروض الكفاية والتي لا تقل أهمية في كثير من الأحيان عن فرض العين.
العلوم الدنيوية باعتبار الحكم الشرعي لها
لقد قسم العلماء ووفقًا للحكم الشرعي العلوم الدنيوية إلى عدة أقسام كالآتي:
ما هو فرض كفاية
يُقصد به العلوم التي يكون فيها قوام أمر الدنيا وكذلك انتظام مصالحها مثل الحساب والطب والصناعات كالخياطة والفلاحة
ما هو مندوب
هي العلوم التي تقتضي بالتعمق في دقائق الحساب بالإضافة إلى حقائق الطب غير ذلك مما يُمكن الاستغناء عنه ولكنه يكون مفيدًا في زيادة قوة في القدر المحتاج إليه
ما هو مباح
يتضمن علم الأشعار التي لا سخف وخداع فيها فضلًا عن تواريخ الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام- وما يجري مجراها
ما هو محرم
يشمل علوم السحر والطلاسم والشعوذة وغيرها من العلوم التي تؤذى الناس بالتمويه وبالأعمال الخفية أسبابها عنهم
الأدلة الشرعية على أهمية تعلم العلوم الدنيوية
هناك العديد من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تحث على وجوب تعلم العلوم الدنيوية التي يُحتاج إليها لأجل نفع المسلمين أو الاستغناء عن الكفار أو خدمة الدين من خلال مواجهة أعداء الله، فمن أبرزها ما يلي:
عن زيد بن ثابت ” أمرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ أتعلَّمَ له كتابَ يهودٍ قال إني واللهِ ما آمن يهودَ على كتابي ، قال : فما مر بي نصفُ شهرٍ حتى تعلمتُه له ، قال : فلما تعلمتُه كان إذا كتَبَ إلى يهودَ كتَبْتُ إليهم ، وإذا كتَبوا إليه قرأْتُ له كتابَهم”.
قال تعالى (… هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) [هود، 61].
قال تعالى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة، 10].
قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك، 15].