نصيب الام من الميراث في الإسلام يرتبط بعدة حالات، إذ يتمثل أبرزها فيما إذا كان يوجد للابن أو الابنة الميتة فرع وارث أما لا، فلقد ذُكر هذا النصيب في العديد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث إننا من خلال موقع مخزن سوف نشير إليه، كما سنوضح الحالات التي من الممكن أن تتسبب في حجب الأم من الميراث.
إن الدين الإسلامي أتى بنوره لكي يكرم المرأة ويمنحها كامل حقوقها، بل ويُحذر تمامًا من التعدي على حقها، حيث تجلى ذلك الأمر في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا …) [النساء، 19]، كما أنه أقر لها مثلما أقر للرجل حقها بالميراث، فقال تعالى (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء، 7]، ففيما يلي سوف نسلط الضوء على توضيح قيمة ميراث الأم في الإسلام:
حالات ترث الأم فيها السدس
الحالة الأولى: تُمنح الأم سُدس الميراث في حالة إذا تعدد الإخوة أو الأخوات، أي وُجد أخوان فأكثر، أو أختان فأكثر، أو حتى أخ وأخت، وذلك سواء إن كانوا أشقاء أم غير أشقاء أي إخوة لأب أو إخوة لأم، ويُستدل على الأمر من قوله تعالى في محكم التنزيل (… فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ …) [النساء، 11].
الحالة الثانية: تأخذ الأم سُدس ميراث الابن أو ابنة إذا كان يمتلك أي منهما فرع وارث أي ابن أو بنت، أو بنت الابن، أو ولد الابن وإن نزل، وهذا وفقًا لقوله تعالى (… وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ …) [النساء، 11].
حالات ترث فيها الأم الثلث
الحالة الأولى: ترث الأم فرضًا ثلث الميراث في حالة إن لم يتعدد الإخوة أو الإخوات سواء كانوا أشقاء أم إخوة لأب أو لأم أي غير أشقاء، ذكورًا وإناثًا، حيث يُقصد بذلك كمن توفي وترك أخًا وأمًا لأب، ويعزى السبب وراء الأمر إلى عدم تعدد الإخوة وعدم وجود الفرع الوارث.
الحالة الثانية: تُمنح الأم فرضًا ثلث الميراث في حالة عدم وجود الفرع الوارث إطلاقًا كالبنت أو الابن، أو بنت الابن وإن نزل، أو ابن الابن وإن نزل، وذلك وفقًا لقوله تعالى (… فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ …) [النساء، 11].
حالات ترث فيها الأم ثلث الباقي من التركة
الحالة الأولى: إذا كانت المتوفاة هي امرأة ولم يكن لديها جمع من الإخوة والأخوات، ولا فرع وارث، وتركت خلفها زوجًا وأمًا، فهنا يكون نصيب الأم ثلث الباقي من الميراث بعدما يحصل الزوج على نصيبه من التركة.
الحالة الثانية: إذا توفي الزوج ولم يكن لديه جميع من الإخوة والأخوات، ولا فرع وارث، وترك خلفه أبًا، وأمًا، وزوجة، فهنا يكون نصيب الأم من الميراث ثلث الباقي بعدما تحصل الزوجة على نصيبها الشرعي المُقدر لها.
الجدير بالذكر أن الأم ترث ثلث الباقي في المسألة الغراوية أو المسألة العمرية، حيث تم تسمية هاتان الحالات بالعمريتين نظرًا لقضاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- بهما، كما أن هناك جمع من الصحابة – رضي الله عنهم- وافقوه على ذلك وسُميت بالغراوين نظرًا لاشتهراهما ووضوحهما مثل الكوكب اللامع المُعروف باسم النجم الأغرّ.
ميراث الزوجة من زوجها ولها أبناء
ترث الزوجة التي لها أبناء من زوجها المتوفي الثمن، وذلك لوجود فرع وارث له وهو الابن وابن الابن وإن نزل، أو البنت وبنت الابن وإن نزل، والدلالة على ذلك قوله تعالى (… فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ …) [النساء، 12].
أمثلة على حساب نصيب الأم من الميراث
إن عملية احتساب نصيب الأم من الميراث تعتمد بشكل أساسي على وجود جمع من الإخوة والأخوات أو على وجود الفرع الوارث من عدمهم كما سنبين في الجدول الآتي:
المثال
نصيب الأم من الميراث
توفي رجل وترك مبلغ 140000 دينار وذلك عن أم وثلاثة إخوة لأب
يكون نصيب الأم السدس نظرًا لوجود جمع من الإخوة
توفي رجل وترك مبلغ 30000 دينار وذلك عن أم وعم
يكون نصيب الأم الثلث لعدم وجود جمع من الإخوة أو الأخوات ولعدم وجود الفرع الوارث
توفيت امرأة عن أم وأب وزوج وتركت مبلغ قيمته 25000 دينار
يكون نصيب الزوج الربع، بينما ترث الأم ثلث الباقي، حيث عُرفت هذه الحالة باسم المسألة العمرية
توفي رجل عن أم وأب وزوجة وترك مبلغ 60000 دينار
يكون نصيب الزوجة الربع، وترث الأم ثلث الباقي بعد الربع
توفي رجل وترك 9000 دينار عن أم وثلاثة إخوة أشقاء
يكون نصيب الأم السدس بسبب وجود جمع من الإخوة
توفي رجل وترك مبلغ 7000 دينار عن أم وابن وبنت
يكون نصيب الأم السدس لوجود الابن والبنت أي الفرع الوارث
توفي رجل وترك مبلغ 5000 دينار عن أم وأخ شقيق
يكون نصيب الأم الثلث لعدم وجود جمع من الإخوة أو الأخوات
توفي رجل وترك مبلغ 1000 دينار عن أب وأم وبنت ابن
يكون نصيب الأم السدس لوجود فرع وارث وهي بنت الابن
متى تحجب الأم من الميراث
هناك مجموعة من الحالات تعتبر بمثابة موانع ذُكرت في الشريعة الإسلامية، حيث إنها تتسبب في حالة وجود أي منها في حجب الأم عن الميراث، وهي كالآتي:
المشاركة في قتل المورّث، فلقد روى عبد الله بن عمرو عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “ليس للقاتلِ شيءٌ، وإن لمْ يكن لهُ وارثٌ، فوارثهُ أقربُ الناسِ إليه، ولا يرثُ القاتلُ شيئًا”.
في حالة إن كانت الأم من الرق، حيث إن العبد ليس له مال حتى ولو ربطته صلة قرابة بالمورّث، إذ يكون ماله لسيده ولا يُمكن أن يورّث.
إذا اختلف الدين بين الأم والابن المورثّ، حيث لا يرث المسلم الكافر، كما أن الكافر لا يرث المسلم وفقًا للشريعة الإسلامية، ولقول الرسول – صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف الذي رواه أسامة بن زيد “لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ”.
ما هي شروط الميراث
تتمثل الشروط التي لا يصح أن يوزع الميراث في حالة عدم توفرها فيما يلي:
التحقق من أن الوارث عند وفاة المورّث لا ما زال على قيد الحياة، كما في قوله تعالى (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء، 7]، فحرف اللام في كلمة للرجال والنساء دلالة على الملكية.
أن يتحقق السبب الرئيسي للميراث وهو الزواج، أو القرابة، أو الولاد، والله أعلم.