تضاربت أقوال علماء الدين حول حكم حلق الحواجب سواء من خلال قصها أو نتفها، وهذا ما عرف بنمص الحواجب، فهناك العديد من الناس الذين يقومون بنمص حواجبهم من أجل عدة أهداف مختلفة سواء هذه الأهداف تعتبر أهدافاً تجميلية، أو تكون من أجل أهداف أخرى.
فهناك مجموعة كبيرة من العلماء حددت أن أياً من العوامل التي تساهم في تغير شكل الحاجب سواء من خلال الحلق أو القص أو النمص تعتبر غير جائزة للمسلم أن يقوم بها حيث أن المسلم يجب أن يترك الحواجب على حالتها، دون أن يجري بها أي تغيير.
بل إن هناك عدداً من العلماء والفقهاء المنتمين إلى الحنابلة الذين قالوا أن النمص الذي يقوم على النتف هو فقط الإجراء الذي يعتبر من المحرمات، بل أن القيام بتخفيف الحواجب من خلال الحلق أو القص يجوز للمسلم أن يقوم به.
ففي ضوء قول الشيخ ابن عثيمين حيث أنه صرح بأن المسلم الذي يقوم بنتف أحد الحاجبين بأنه يقوم بفعل ذنب كبير، بل أن هذا يعتبر أحد الكبائر، فعلى المسلم الحق أن يتوقف عن فعل هذا الإثم، وأن يقوم بتخفيف الحواجب بأحد الطرق الأخرى الجائزة، والتي تتمثل في القيام بتخفيف الحواجب من خلال قصها أو حلقها.
ولكن هناك عدداً كبيراً من العلماء الذين يعتبرون أي طريقة من الطرق التي تساهم في تغير شكل الحاجب هي طريقة مكروهة حتى أن هناك بعضاً من علماء الدين يحذرون المسلمين ويحرصون على منعهم من إجراء أي أنواع إزالة الشعر الموجود في الحاجبين، إلا في حالة إن كان هذا الشعر كثيفاً للدرجة التي تجعله يعيق الشخص في الرؤية بسبب أنه قريب للعين.
حكم تشقير الحواجب
يُعد تشقير الحواجب هو القيام بتغيير لونهم أو صبغهم بلون قريب من لون الجلد، وهذا يتم من أجل محاولة إخفاء الحجم الفعلي والحقيقي للحواجب، وهذا يتم أيضا من أجل أن يتمكن صاحب هؤلاء الحواجب من رسمهم بعد ذلك حتى يستطيع رسمهم بشكل يجعلهم رفيعين، وهذا رغبة منه في إعطائهم شكل أجمل وأفضل.
يقوم التشقير على صبغ المنطقتين العلويتين والسفليتين لكل حاجب من الحواجب فقط، وهذا يجعل الشعر المتبقي من الحاجبين يظهر بشكله الطبيعي؛ مما يعطى منظراً طبيعياً للحاجب ويجعله أكثر رقة.
قال العديد من العلماء أن هذا التشقير جائز القيام به، ولكن بشرط ألا يتبعه أي إزالة لشعر الحاجب أو أي نوع من النمص أو القص، لذلك هناك عدد كبير من العلماء من هم سمحوا بالتشقير وخاصةً للنساء المتزوجات من أجل التجمل لأزواجهن، ولكن هناك العديد من العلماء من قالوا إن هذا الفعل يجب أن يكون مقتصراً فقط على المتزوجات، وأنه يجب على غير المتزوجات الامتناع عن القيام بهذا الفعل؛ لأنه يعتبر نوعاً من أنواع الزينة التي قد تسبب الفتنة والله أعلم.
حكم النمص في المذاهب الفقهية الأربعة
هناك أربعة من المذاهب الفقهية التي جاء بها حكم واضح وصريح للنمص وهذا ما سوف نعرضه في الأتي:
المذهب الحنبلي: قال العديد من العلماء المنتمين لهذا المذهب أن هناك عدة مواقف تجيز للمرأة فعل النمص، حيث أن قرار المرأة بالقيام بنمص الحواجب يجب أن يكون من خلال طلب واضح من قبل زوجها لها بفعل هذا.
المذهب المالكي: قال عدد من العلماء المنتمين لهذا المذهب أن النمص يعتبر من الأمور التي تنتمي للزينة التي تقوم المرأة بفعلها من أجل أن تزداد جمالاً، وهذه الأمور تساعد في زيادة الفتنة لذلك حرم العلماء المالكون المذهب القيام بهذا الفعل للمرأة الغير متزوجة، أو المرأة الأرملة التي فقدت زوجها أو المطلقة التي انفصلت عن زوجها، وجاء هذا وفقاً لهذا الحديث عنِ امرأة أبي إسحاقَ أنَّها دخلَت علَى عائشةَ وَكانت شابَّةً يُعجِبُها الجمالَ فقالتِ: المرأةُ تَحفُّ جَبينَها لزوجِها؟ فقالت: أميطي عنكِ الأذى ما استَطعتِ (الراوي عبد الله بن مسعود – ضعيف)
المذهب الحنفي: العلماء الأحناف هم أول من قاموا بتعريف النمص على أنه كل فعل تقوم به المرأة من نتف الشعر الموجود في وجهها وبالخصوص الموجود في حاجبيها من أجل الزينة، وحيث أن الزينة للغريب محرمة في الدين الإسلامي، فقد حرم العلماء الأحناف النمص، إلا في حالة إن كانت المرأة لديها شعر كثيف يجعل زوجها دائم النفور منها، وهذا السبب فقط هو من جعلهم يبيحون للمرأة إزالة شعر الحاجب، ولكن بأي طريقة أخرى غير النمص أو النتف، وهذا بسبب أن المرأة تؤجر على الزينة التي تقوم بها لزوجها.
المذهب الشافعي: حرم فقهاء المذهب الشافعي النمص للمرأة إلا من أجل أسباب معينة تمثلت هذه الأسباب في الآتي، في حين أن المرأة مصابة بكثافة في الشعر؛ مما ساهم ذلك في نمو لها لحية أو مجموعة من الشوارب، أو في حال أنها تقوم بالنمص من أجل علاج لإحدى الآفات أو الأمراض، أو من أجل إخفاء أحد العيوب، وكذلك فقد أتاحوا للمرأة القيام بالنمص من أجل الزينة لزوجها حيث أنها مطالبة بالتزيين لزوجها.
حكم إزالة الشعر الكامن بين الحاجبين
حيث قال العديد من العلماء أنه يجوز إزالة الشعر الموجود بين الحاجبين سواء للمرأة أو الرجل، ولكن في حالة أن يكون هذا الشعر يمثل منظراً قبيحاً في وجه الرجل أو المرأة.
ولكن هذا لا علاقة له بالنمص الذي مثبت في العديد من الدراسات الفقهية أنه محرم شرعاً وهذا في ضوء ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: “وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا” (النساء – 119).
وهذا بالإضافة للحكم الواضح الذي ورد في هذا الحديث حيث أن عن عبدِ الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: (لعن اللهُ الواشِماتِ والمُوتَشِماتِ، والمتنَمِّصاتِ، والمتفَلِّجاتِ للحُسنِ المغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ) وهذا يعتبر حكماً قوياً على تحريم النمص للمسلمين إلا في حالات معينة، على الرغم من أن هذه الحالات أيضا مستحب القيام بأي نوع من وسائل إزالة الشعر إلا هذه الوسيلة.