لا يوجد دليل على وجوب رفع اليدين في الدعاء وإنما هي من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وهي مستحبة أي تعد سبب من أسباب استجابة الدعاء ولكنها ليست واجبة ويجوز الدعاء بدونها فإذا كنت تقرأ دعاء من على تليفونك المحمول أو من كتابِِ ما وتعسر عليك رفع يديك فلا حرج في ذلك ولكن إذا تمكنت من رفع يديك فذلك أولى والله أعلم.
ورفع اليدين عند الدعاء يكون لإظهار الافتقار والانكسار لله -عز وجل- طمعاً في استجابة الدعاء ، والدعاء له فضل كبير ومن ذلك ما رواه النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدُّعاءُ هوَ العبادةُ قَالَ رَبُّكُمُ ادعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال صلى الله عليه سلم (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم).
ولكننا ننصح برفع الأيدي عند الدعاء، فلقد وردت بعض النصوص ومنها قوله – صلى الله عليه وسلم -: «إن ربكم حيي ستير يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا» فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على أنه من أسباب استجابة الدعاء هو رفع اليدين لما فيهما من علامات الخشوع والرجاء والتذلل لله سبحانه وتعالى ولكن لا يعني هذا أن من لم يرفع يديه في الدعاء لا يجيب الله حاجته فهناك بعض المواقف التي لا تسمح للشخص برفع يديه أثناء الدعاء.
حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعه
وقد جاء في حال الخطيب يوم الجمعة أنه إذا صعد على المنبر وبدأ بالدعاء فعلية الإشارة بإصبعه السبابة فقط دون رفع يديه وقد قال بعض الصحابة عن الخطيب الذي يرفع يده: عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ أنه رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَهُوَ يَدْعُو فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَقَالَ: ( قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ ).
وقال الإمام النووي:(أَنَّ السُّنَّة أَنْ لا يَرْفَع الْيَد فِي الْخُطْبَة وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ )، وفي تحفة الأحوذي :(وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى الْمِنْبَرِ حَالَ الدُّعَاءِ).
وعليه فإن المأمومين يقتدون بالخطيب في الصلاة وفي جميع أفعاله فإذا كان لا يجوز للخطيب رفع يديه في الدعاء فلا يجوز للمأمومين أيضاً اقتداء به.
وبناءً عليه فإن رفع الأيدي أثناء خطبة الجمعة غير جائز فيما عدا الدعاء للاستسقاء فإنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه يدعو الله عز وجل بالغيث وهو في خطبة الجمعة ، ورفع الناس أيديهم معه ، باستثناء ذلك فإنه لا ينبغي رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة والله أعلم.
حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة
لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع كفيه مباشرة بعد صلاة مفروضة أو بعد صلاة النافلة فعن (عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه أن رجلاً رفع يديه بالدعاء قبل أن ينتهي من صلاته، فلما فرغ قال له عبد الله: (إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه بالدعاء إلا بعد أن يفرغ من صلاته).
لكن غالبية الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عموماً تنص على أن رفع اليدين يعد سبب من أسباب إجابة الدعاء فإنه لا حرج من رفعها فإذا فرغ المرء من صلاته رفع يديه يطلب التوبة والغفران من الله سبحانه وتعالى فلا بأس فى ذلك.
فعن أنس بن مالك قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما من عبد بسط كفيه في دبر كل صلاة ثم يقول: “اللهم إلهي وإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وإله جبريل وميكائيل وإسرافيل أسألك أن تستجيب دعوتي فإني مضطر، وتعصمني في ديني فإني مبتلى، وتنالني برحمتك فإني مذنب، وتنفي عني الفقر فإني متمسكن إلا كان حقاً على الله عز وجل أن لا يرد يديه خائبتين).
فرفع اليدين مستحب وكل مستحب أولى بالتطبيق فنحن نقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبع سنته فهو قدوتنا الحسنه فالله عز وجل قال ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه بعد السلام من الصلاة) وهو مستقبل القبلة فقال: ( اللهم حرر المستضعفين من المسلمين من أيدي المشركين ).
ذهب معظم الفقهاء أنه من الغير مستحب رفع اليدين عقب التسليم من صلاة الفريضة وورد أنه يكون من المستحب البدء بالدعاء بعد الإتيان بالأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم رفع اليدين عند زيارة المقابر
ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جواز رفع اليدين أثناء الدعاء للمتوفى عند زيارة المقابر، وقد روت زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن موقف أثناء زيارة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمقابر البقيع في المدينة المنورة حيث رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه الطاهرتين وشرع في الدعاء والاستغفار لأموات المسلمين أجمعين، وتذكر أنه رفع يديه وساعديه حتى إظهار الإبطين.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كانت ليلتي التي كان النبي – صلى الله عليه وسلم – فيها عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات.
الرفع ببطن أو ظهر الكفين
وقد ورد في صحيح مسلم عن الدعاء بظهر الكف أن النبي صلى الله عليه وسلم: (استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء)
وقد ذكر الإمام النووي رحمة الله عليه في شرحه لصحيح مسلم: (قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء).
وقد اختلف العلماء في تفسير الحديث الذي ورد في صحيح مسلم في كيفية دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء وهل أنه جعل ظاهري كفيه إلى السماء فقال فخرج جماعة من أهل العلم بقولهم : ( إن الدعاء إذا كان لجلب نعمة، فالمشروع أن يكون ببطون الأكف، وإذا كان لدفع نقمة، فالمشروع أن يكون ببطون الأكف، جمعاً بين فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، وبين نهيه عن السؤال بظهور الأكف).