مخزن أكبر مرجع عربي للمواضيع و المقالات

ابحث عن أي موضوع يهمك

الفرق بين المأوى والمثوى في القرآن الكريم مع الشرح والدليل

بواسطة: نشر في: 2 أكتوبر، 2023
مخزن

قد ذكر في القرآن الكريم كلمتي مثوى ومأوى وبالطبع فإن هناك فرق بينهما قد يغفل البعض عنه، لذا سنتناول في هذا المقال مفردتي “المأوى” و”المثوى” في القرآن الكريم، وسوف نسلط الضوء على الفروق الدقيقة بينهما من خلال دراسة معانيهما واستخداماتهما في كتاب الله عز وجعل، كما سنقوم بالتعريف بكل مفردة على حدة، ومن ثم سنقوم بتحليل الآيات القرآنية ذات الصلة وكيفية استخدامهما في سياقات مختلفة، مع مراجعة واستنتاج أقوال علماء الدين حول هذا الموضوع عبر موقعكم مخزن.

الفرق بين المأوى والمثوى في القرآن

في اللغة، يُعرف المثوى على أنه المكان الذي يصل إليه الإنسان بعد جهد وعناء، وغالباً يكون دون تخطيط مسبق أو تدبير. قد يكون هذا المكان مليئًا بالتحديات أو يُعتبر مأوىًا للراحة والكرامة، أما المأوى، فيكون هو المأوى الذي يتحقق عندما يبذل الإنسان جهدًا ويسعى بنشاط للوصول إليه، وفي القرآن الكريم، ذُكرت كلمتا “المثوى” و”المأوى” في عدة آيات، وهي:

  • المثوى في سورة يوسف (الآية 23):
    قال الله تعالى: “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ.” في هذه الآية، يُستخدم مصطلح “المثوى” للدلالة على المأوى والمكان الذي يلجأ إليه الإنسان للحماية والأمان.
  • المأوى في سورة آل عمران (الآية 151):
    قال الله تعالى: “سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ.” في هذه الآية، يُستخدم مصطلح “المأوى” للدلالة على مكان اللجوء والمأوى النهائي للكافرين، الذي هو النار.
  • المأوى في سورة يوسف (الآية 69):
    قال الله تعالى: “وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخُوهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.” هنا، يُشير مصطلح “المأوى” إلى اللجوء واللجوء إلى يوسف للحصول على الحماية والرعاية.
  • المأوى في سورة القصص (الآية 45):
    قال الله تعالى: “لَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُر”
  • وفي سورة محمد: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )
  • وفي سورة النازعات: وقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ).

الفرق بين تعريف المثوى والمأوى

في اللغة، يُفهم المثوى هو المآل الذي يصل إليه الإنسان بدون تخطيط مُسبق أو جهد مُكثف، ويكون إما مصدرًا للراحة والكرامة أو مصدرًا للصعوبات والمشاق، وفيما يلي شرح أكثر لهما:

  • المأوى هو مكان اللجوء الذي يبلغه الفرد بفضل سعيه وجهده في التحقيق والوصول إليه.
  • في ضوء هذا المفهومين يُمكن القول إن المثوى يمثل الهدف النهائي الذي يصل إليه الإنسان بدون مجهود خاص، في حين يُظهر المأوى كمكان اللجوء الذي يُبنى على السعي الشخصي والجهد الفعّال.
  • هكذا تتنوع المعاني بين المثوى والمأوى حسب السياق اللغوي والظروف التي يتم فيها استخدامهما، ولكن في النهاية يُشير كل منهما إلى مكان يُسكنه الإنسان بطريقة معينة، إما بدون جهد كبير أو بفعل سعيه ومحنته.

معنى المثوى

كلمة “المثوى” هي مصطلح لا يحمل تحديدًا إيجابيًا أو سلبيًا، بل تعبر عن الحالة بشكل محايد، سواء كانت نهاية إيجابية أو سلبية حيث:

  • يمكن استخدامها لوصف الوضع الذي يصل إليه الشخص دون أن يكون لديه تخطيط مسبق أو جهد مبذول. على سبيل المثال، إذا كان شخصٌ يتجول في الصحراء ووصل إلى واحة باردة ومنزل مريح، فإن هذا المكان يُعتبر مثواه؛ حيث لم يكن يسعى إليه بنشاط.
  • في السياق القرآني، يُستخدم مصطلح “المثوى” في سورة يوسف للإشارة إلى المكان الذي وصل إليه يوسف في مصر. وفي هذا السياق، قال الله تعالى: “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ” (سورة يوسف، 23).
  • ففي رحلته إلى مصر بعد عناء ومكابدة، وصل سيدنا يوسف عليه السلام إلى بيت العزيز في مصر. كان هذا المكان مثواه، حيث كانت نهاية رحلته ومكان استقراره، وذلك دون أن يكون لديه تخطيط مسبق أو جهد مبذول للوصول إليه.
  • عندما وصل إليه، أحسن الله مثواه، وهذا يعكس أن المثوى قد يكون حسنًا أو سيئًا وفقًا للظروف.
  • وفي سياق آخر من القرآن الكريم، يتحدث الله عن سيدنا موسى عليه السلام، الذي خرج من مصر خائفًا ووصل إلى مدين بعد رحلة عناء، كانت مدين مثواه، وهو مكان استقراره بعد هروبه، وكان مثواه حسنًا حيث تزوج وأمن من فرعون وجنده، وهو ما يعكس تأثير الظروف على جودة المثوى حيث ققال تعالى: (لَٰكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)

ذكر المثوى وأهل النار

يظهر استخدام كلمة “مثوى” بشكل متكرر لوصف مستقر الذين كفروا وصلوا إلى مصير الشر، وذلك بعد تجربة حياتية مليئة بالعناء والمكابدة. تكشف هذه الكلمة عن وقوعهم في مكان يُعتبر نهاية سيئة لرحلتهم، حيث لم يكونوا يسعون إليه بوعي، بل كانوا يتصوّرون أن اتباعهم للضلال سيقودهم إلى وجهة غير ما وصلوا إليه.

إنه مثواهم ومستقرهم، الذين لو علموا ما ينتظرهم في الآخرة، لما أصروا على كفرهم حتى انتهت حياتهم في القبر ووجدوا أنفسهم في عذاب النار، حيث قال تعالى” ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ).

تشير الآية الكريمة التي ذكرتها إلى الفرق بين مصير المؤمنين والكافرين، حيث يُدخل الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تحتها الأنهار، بينما يُمتع الكافرين بأشياء محدودة في الدنيا، والنار تكون مثواهم في الآخرة.

استخدامات كلمة مثوى في القرآن الكريم

يسمى مكان استقرار الإنسان بعد وفاته “مثواه”، إذ يصبح القبر المكان الذي يستقر فيه بعد تجربته في الحياة. يُستخدم مصطلح “المثوى” لوصف مصير الإنسان بعد الممات، سواء كان ذلك مصيرًا حسنًا أو سيئًا، يعكس استخدام هذه الكلمة توجيه الله تعالى كلمته إلى المؤمنين والمنافقين، مُعلنًا أنه عالِم بمصير كل إنسان في نهاية حياته وعند وفاته.

حيث قال تعالى في سورة محمد: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)

في الآية المذكورة، يُتحدث الله عن الناس الذين يسمعون الحق ويتلقونه، ولكنهم ينصتون له بلا إيمان، ثم يستفسرون عنه لدى العلماء. الله يشير إلى أن هؤلاء هم الذين قد طبع الله على قلوبهم واتبعوا هواهم. بينما يزيد الله هدى الذين اهتدوا ويزودهم بتقواهم، وفي ختام الآية يدعو الله الإنسان إلى التوبة والاستغفار، ويطلب منه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين والمؤمنات. ويُظهر الله أيضًا علمه الشامل بتحولات الأفراد ومصائرهم.

المثوى وأهل الجنة

تظهر قلة استخدام مصطلح “المثوى” في النصوص الدينية عند الحديث عن أهل الجنة ويعود ذلك إلى أن أهل الجنة يعملون بجد لتحقيق الفضيلة والأعمال الصالحة بهدف الدخول إلى الجنة، ويسعون جاهدين لتحقيق هذا الهدف، فعندما ينالون الدخول إلى الجنة، يعتبرون قد تحققت لهم أمنيتهم وهدفهم، ولذلك قد لا يُشير لإقامتهم في الجنة باستخدام مصطلح “المثوى”؛ بل لسعيهم المستمر والعمل الصالح الذي قاموا به في الحياة الدنيا. ومن ثَمَّ، يتم اعتبار الجنة جائزة وفوزتحقق لهم، ولا يتم التعبير عنها بمصطلح “المثوى”.

معنى المأوى

المأوى في اللغة يمثل لملجأ الذي يُبلَغ إليه الإنسان بعد جهد وسعي، حيث يجد فيه الاستقرار والحماية، يُظهر ذلك في القرآن الكريم، حيث يُشير الله تعالى في سورة الكهف إلى قصة الفتية الذين استعاذوا بالكهف من الظلم والاضطهاد، وكان الكهف مأواهم، ففي الآية 10 من سورة الكهف: “إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً”، ويُظهر هذا المثال كيف سعى الفتية وبذلوا جهدًا للوصول إلى الكهف كملجأ لهم بهدف الحصول على رحمة الله.

وفي الآية 16: “وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا” وتوضح هنا الآية استخدام الكهف كمأوى بعد التفرق والابتعاد عن الأمور الضارة، وكان ذلك نتيجة لسعيهم وجهودهم السابقة.

آيات عن المآوى وشرحها

نقدم لكم في السطور التالية شرح أكثر لمعنى كلمة مآوى يمكنها أن تسهل علينا فهم الفرق:

  • وفي كتاب الله الكريم، في سورة هود، يُروى لنا قصة سيدنا نوح عليه السلام، الذي جهد وبذل جهدًا كبيرًا في صعود الجبل، يعتقد أنه سيكون مأوىًا آمنًا من الطوفان. يقول الله تعالى في الآية 43: “قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ”.
  • في هذا السياق، يظهر أن نوح عليه السلام كان يرى الجبل كمأوى يمكنه من النجاة من الطوفان ولكن الحقيقة كانت مختلفة، حيث قال الله تعالى إنه لا يوجد مأوى اليوم إلا لمن يرحمه، وحيث حال الموج بينه وبين الجبل فكان من المغرقين.
  • وفي سورة هود أيضًا، في الآية 80، يعبر نوح عن حزنه وتأسفه لعدم وجود قوة لديه يمكنه بها منع قومه من إيذاء الضيف أو اللجوء إلى مأوى آمن. يقول الله تعالى: “قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ”.
  • هنا يعكس المأوى مفهوم المستقر الآمن والملاذ الذي يحمي من الظلم، ويكون مكانًا يمكن اللجوء إليه للحماية من العدوان، وذلك باعتباره المكان الذي يكون فيه المرء محميًا من قوة المعتدين.

كلمة المأوى وأهل النار

في كتاب الله الكريم، في سورة التوبة، ينبه الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ” (الآية 73).

في تفسير ذلك يُظهر أن مأوى الكفار والمنافقين هو النار، وذلك عندما يُعرض عليهم مصيرهم الفعلي الذي لا يتفق مع توقعاتهم وجهودهم. يكون هذا المصير بالنسبة لهم “مثوى”، إذ يكون مصيرهم هو شيء غير متوقع ويختلف عن تصوراتهم وسعيهم. بالنسبة لله، يُنظر إلى مأواهم كمصدر للسخرية، حيث يُشير إليهم بكلمة “مأوى” بطابع الاستهزاء في عدة مواضع في القرآن.

مثال آخر يأتي من قصة ابن سيدنا نوح، الذي خطط للاحتماء بجبل الجودي ليحتمي من الطوفان، واعتبره “مأوى”، وعلى الرغم من هذا كان مصيره ومثواه هو الغرق، مما يظهر أن المآل النهائي والختام هو الذي يتحدد فيها مآل ابن آدم وما إذا كان مثوى أو مأوى وليست نيته أو مشيئتيه بل مشيئة الله جل علاه.

الفرق بين المأوى والمثوى في القرآن الكريم مع الشرح والدليل

جديد المواضيع