أعتنى الدين الإسلامي الحنيف بجميع أفراد المجتمع ولم يخل القرآن الكريم من ذكر أهمية صلة الرحم والعناية بالوالدين وكيفية الإحسان إليهما في حياتهما وبعد مماتهما، وفي حال كنت تتساءل عن من هو اليتيم في الاسلام ؟ وكيف يُمكن إظهار العناية باليتيم كما ورد في القرآن الكريم ،وما هو واجب المجتمع المسلم نحو الأطفال اليتامى فذلك ما سنتعرف عليه معكم في السطور التالية من موقع مخزن المعلومات، فتابعونا.
قد يعتقد البعض أن اليتيم هو الطفل ذو السن الصغير الذي فقد والده أو والدته أو كلاهما بالوفاة إلا أنه في الاصطلاح الشرعي فإن اليتيم هو الطفل الذي فقد أباه في سن صغير أي المرحلة العمرية ما قبل البلوغ وذلك استرشاداً بحديث علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ هم النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لا يُتْمَ بعد احتلام)، فإن احتلم المرء لم يعد يتيماً بعد وذلك وفقاً لقول بعض الفقهاء وعلى رأسهم الإمام ابن الباز بأن المرء إضا أكمل خمسة عشر عاماً من عمره أو أنبت عنده الشعر الخشن في منطقة الفرج وصار رجلاً أو نزل منه مني عن شهوة فإنه لا يُعد يتيماً بعد والأمر نفسه للفتاة.
ويتم إطلاق لفظ (اليتيم) مجازاً على الرجل الذي فقد زوجته أو المرأة التي فقدت زوجها ليكمل أياً منهم حياته في تربية الأبناء وقضاء متطلباتهم دون أن يكون في حاجة إلى عون من الآخرين، وقد أوصى الله ـ عز وجل ـ بالعناية بالأيتام وحفظ لهم حقوقهم من خلال تشريعاته الإلهية في القرآن الكريم كما أوصى عباده المؤمنين بالعناية بهم في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ)
العناية باليتيم في الإسلام
ورد في العديد من المواضع في القرآن الكريم ضرورة العناية بالأيتام وحفظ حقوقهم مع التحذير على الجور على حقوقهم أو ظلمهم أو الإجحاف بهم قولاً أو فعلا ومن أهم حقوق الأيتام التي جاءت في القرآن الكريم صراحةً:
ضرورة الحفاظ على مال الأطفال الأيتام ومحاربة أي فعل قد يعود على اليتيم بالاحتيال أو السوء والظلم وذلك ما ورد في قوله تعالى (عادةٍ قد تعود على اليتيم بالسوء والاحتيال، وقد اختصّ الله -تعالى- ذلك بقَوْله: (وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّـهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرون)، كما قال الله تعالى عن جزاء من يأكلون أموال أليتام ويظلمونهم عدواناً وظلماً (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).
يجوز أن تحدث الوصاية على أموال الأيتام والتصرف فيها وفقاً لما يحقق الخير والمنفعة له ولأهله على أن يتم ردّ حقوقه إليه حينما يبلغ سن الرشد وذلك ما أوضحه الله تعالى في قوله: (والخير له ولأهله، حتى يبلغ اليتيم سنّ الرُّشد، فقد بيّن الله -تعالى- ذلك بقَوْله: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا)، كما قال الله ـ عز وجل ـ في آية أخرى بخصوص الحفاظ على مال اليتيم وحفظه من الضياع والوفاء بالعهد والأمانة: (وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا).
أوصانا الله تعالى بمراعاة مشاعر الأيتام والعطف عليهم وملاطفتهم، وأن نتجنب الفسوة عليهم أو إلحاق الأذى بهم سواء كان قولاً أم فعلاً فقد حرم الله تعالى على عباده الإساءة وقهر اليتيم في قوله ـ جل شأنه ـ: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) وقَوْله تعالى: (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) وقَوْله تعالى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ).
الاهتمام برعاية الأيتام ونصحهم وإرشاده وتنشئتهم على الأخلاقيات الحميدة والقيم الإسلامية الرشيدة وذلك في قوله تعالى: ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
الاهتمام بخدمة اليتيم وقضاء احتياجاته فهذا الأمر من صفات المؤمن الحق، ومن الأدلة التي تشير إلى سمو قدر اليتيم ومنزلته عند الله تعالى ما جاء في قوله تعالى في قصة نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ مع الخضر : ((وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا).
أقرت الشريعة الإسلامية حق اليتيم في العديد من المواضع بالقرآن الكريم وذلك منعاً لما قد يتعرضون له من ظلم وجور أو عدم الرحمة بهم، فقد ضمن الله ـ عز وجل ـ حق اليتيم ومنعه من الضياع ونهى عن أي سلوك قد يُقلل من شأن اليتيم أو ينتقص منه وذلك ما جاء في قوله تعالى: ( (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ*فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ*وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)، وقال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
واجب المسلمين نحو الأيتام
أظهر ديننا الإسلامي الحنيف عناية قصوى بالأيتام وحث على ضرورة رعاية اليتيم وتربيته والدفاع عنه، حفظ حقوقه في المال والمعاملة الطيبة، والإحسان إلى الأيتام فهم يحتاجون إلى اللين والعطف ممن حولهم حتى يعوضونهم عن فقدانهم لسند الأب ورعايته، كما يلزم اليتيم أن تتم الرعاية به وبتربيته على النسق الإسلامي القويم وتوجيهه إلى فعل الخير في حياته لينشأ رجلاً صالحاً وفتاة طيبة الخلق في صورة قويمة تنم عن الأخلاق والصفات الطيبة، وذلك ما ورد في قول الله تعالى: ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).
كما جاء في السُنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تحث على رعاية حقوق الأيتام وكفالتهم والعطف عليهم ومنها حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن سهل بن سعد الساعديّ -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه أفضل الصلاة والسلام- قال: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى).
وفي ختام مقالنا أعزائنا القراء نكون قد تعرفنا معكم على من هو اليتيم في الاسلام وكيف يُمكن إظهار العناية باليتيم كما ورد في القرآن الكريم ، واجب المجتمع المسلم نحو الأطفال اليتامى، وللمزيد من الموضوعات تابعونا في موقع مخزن المعلومات.