ابحث عن أي موضوع يهمك
نعرض لكم في مخزن دعاء الاستخارة الصحيح وهي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون الدعاء بها عقب السلام، وقد أوصى النبي الكريم جميع المسلمين على أن يستخيروا الله تعالى في كافة أمورهم وذلك لمدى ما تحتله من أهمية بالغة في حياة المسلمين، وقد ورد في ذلك الحديث الشريف عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ).
وقد حدثنا الرسول الحبيب أن الدعاء الذي يجب أن يتم قوله حين الاستخارة في قوله صلى الله عليه وسلم (إذَا هَمَّ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَهُ).
ومن الأمور التي أشار إليها فقهاء الإسلام أنه يفضل أن يتم افتتاح وختم دعاء الاستخارة بالحمد والثناء على الله جل وعلا، والصلاة على النبي الكريم صلى الله عله وسلم بصيغة الصلاة الإبراهيمية، وهو ما قد حث به النبي سواء اكن في دعاء صلاة الاستخارة أو غيره من الأدعية، وهو ما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ اللهِ والثَّناءِ عليه ثمَّ ليُصَلِّ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ ليَدْعُ بعدُ بما شاء).
ورد إجماع من قبل أئمة الإسلام الأربع على أن وقت دعاء الاستخارة وموضع قوله يكون بعد الانتهاء من الصلاة، بمعنى أنه بعد أداء الركعتين والانتهاء من السلام يتم الشروع في قول دعاء الاستخارة، وقد استدلوا في ذلك على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذَا هَمَّ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ…).
أما عن حكم صلاة الاستخارة فهي سنة بإجماع الفقهاء وهي مشروعة في الإسلام، ويكون العباد في حاجة إليها في الكثير من الأحوال والمواقف يكون العبد في حاجة إلى اللجوء إلى الله تعالى فيما يحيره من الأمور، حيث يرفع يديه إلى السماء مستخير الله بالدعاء، يرجوه أن يلهمه الصواب بالاختيار، وذلك مثل الحيرة في أمور الزواج والبيع والشراء والعمل وغيرها من أمور الدنيا المختلفة.
وقد قال في ذلك شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية (ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وثبت في أمره)، وهو وما قال فيه الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران الآية 159(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
على من يرغب في أن يستخير الله بأحد الأمور أن يقوم بأداء ركعتي صلاة في أي وقت نا عجا أوقات الكراهة، ومن المستحب أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون بعد الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة، وفي الركعة الثانية يتم قراءة سورة الفاتحة يليها سورة الإخلاص، وعقب الانتهاء من التشهد والتسليم، يتم بدأ دعاء الاستخارة بحمد الله والثناء عليه.
ثم يقوم المستخير بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالصلاة الإبراهيمية وهي (اللّهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ في العالمينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)، ثم يشرع المستخير في الدعاء الذي يرغب في أن يدله الله تعالى حول الأفضل له، ثم الشروع في قول دعاء الاستخارة السالف ذكره، والانتهاء بحمد الله والثناء عليه مرة أخرى والصلاة على الرسول الكريم بأي صيغة وإن كانت الصلاة الإبراهيمية هي الأفضل.
الاستخارة يقصد بها ما يطلبه المسلم من الله سبحانه في أن يرشده ويوفقه لاختيار الأصلح والأنسب له فيما يتعارض لديه من الأمور المندوبة والمباحة، والغير محرمة بالطبع، وقد اختلف العلماء حول ما ما يتم قرائته من سور قرآنية في ركعتي صلاة الاستخارة وهو ما أتى على آراء ثلاثة وهي:
- عقب الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة بالركعة الأولى يستحب أن يتم قراءة سورة الكافرون، أما بالركعة الثانية يفضل أن يتم قراءة سورة الإخلاص (قل هو الله أحد)، وهو ما قاله الشافعية والمالكية والحنابلة، وقد أوضح الإمام النووي السبب وراء ذلك ألا وهو أن مضمون السورتين يتناسب ويتوافق مع الغاية التي يرجوها العبد من الاستخارة، وهو إبداء الحاجة إلى الله والعجز والافتقار له.
- أن يقرأ المستخير بعد الفاتحة في الركعتين ما يرغب به من السور أو الآيات القرآنية، بغير تخصيص لأي منها، وهو ما قاله الحنابلة.
- يفضل في الركعة الأولى قراءة قول الله تعالى في سورة الآية القصص الآية 68، 69، 70 (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ، وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ، وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، وفي الركعة الثانية يتم قراءة (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا).
يمكن للعباد أن يقوموا بأداء صلاة الاستخارة بأي وقت من الأوقات خلال اليوم ويكن يشترط ألا يتم ذلك بأوقات الكراهة وهي الأوقات التي نهى الله المسلمين عن الصلاة بها، وتلك الأوقات تكون فيما بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وحين غروب الشمس أو شروقها، وفي الوقت الذي تتوسط به الشمس السماء، ولكن أكثر الأوقات المفضل أن يتم بها صلاة الاستخارة هو ما قبل الخلود إلى النوم.
هناك بعض العلامات التي يمكن من خلالها أن يدرك الإنسان نتيجة صلاة الاستخارة سواء من خلال علامات تظهر على المستخير أو تظهر إليه، مثل أن يشعر بانشراح الصدر أو ضيق الصدر، وكما ذكر العلماء فإن المستخير عقب صلاة الاستخارة تتعدد أحواله، وهو ما أتى على الآراء التالية:
- الرأي الأول: أن يقوم المستخير بتقديم ما قد عقد العزم عليه، فقد ييسره له الله، أو أن يبعده عنه وفي الحالتين يكون هو اختيار الله له وهو الأفضل والأخير بلا شك.
- الرأي الثاني: أن يجد المستخير الشعور بالانشراح في الصدر وهو ما يعد دليل على أن الأمر الذي استخار به قد اختاره الله له، أو أن يجد نفسه في حالة تردد، وهنا من الجائز له إعادة صلاة الاستخارة أكثر من مرة، كما يصح له أن يستشير الصالحين العقلاء في أمره.
- الرأي الثالث: ينقسم الرأي الثالث إلى أحوال ثلاثة يكون المسلم على أحدهم وهم:
- الشعور بارتياح أو نشاط بالنفس تجاه الأمر الذي تمت الاستخارة لأجله، مع عدم وجود تردد حيال القيام به، في تلك الحالة عليه أن يمضي بذلك الفعل.
- ألا يكون في النفس رغبة لذلك العمل، وعليه في تلك الحالة عدم المضي به لما يشعر به من قلة نشاط وهمه لفعله، إذ يُشرع له في الحالة تلك الانصراف عن أدائه.
- أن يظل المستخير في حالة شعور بعد الراحة والتردد وإن كان يرغب في المضي بتنفيذ الأمر الذي استخار من أجله فهو له، وإن لم يرغب بذلك وكان يميل للانصراف عنه فهو الأفضل.
- الرأي الرابع: أن يؤدي المستخير صلاة الاستخارة ودعائها، ثم المضي في أداء الفعل الذي استخار لأجله، وقد استدل ذلك الرأي على لفظ (ثم يعزم) التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاستخارة.
ومن خلال ما سبق ذكره يتضح أنه ما من علامة واضحة قاطعة للشك تدل على نتيجة الاسنخارة على المستخير أن ينتظرها بعد أداء الصلاة، حيث إنه قد لا يجد أي شيء أو دليل، كما قد يشعر بانقباض في صدره أو يشعر بالارتياح، فالانشراح علامة على قبول أداء ما تمت الاستخارة من أجله، أو أنها تدل على عدم أدائه، وفي جميع الأحوال على المسلم أن يثق في أن الله لا يختار له إلا الخير.
وإلى هنا نكون قد انتهينا من عرض مقالنا في مخزن والذي ذكرنا لكم به دعاء الاستخارة الصحيح مكتوب، وكيفية أدائها والوقت المفضل أن يتم أدائها به، وكيف يمكن للمستخير أن يعلم نتيجتها.