من الأمور الهام التعرف عليها هي حكم عمليات تجميل الانف قبل الإقدام على إجرائها، فكثيرًا ما نرى المشاهير من الممثلين وغيرهم يتجهون إلى تلك العملية التجميلية لتحسين صورتهن أمام الشاشات، ولعدة أسباب أخرى، وفي المقابل نجد من يجريها بغرض العلاج وليس الشهرة، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن حكمها والضوابط المشروعة فيها، لذا من خلال موقع مخزن نتعرف على الآراء المذكورة في هذا الشأن ونستدل عليها بالأدلة الشرعية، إلى جانب عرضنا لأنواع عمليات التجميل ومضاعفاتها السلبية.
في ظل التطور التقني الطبي زاد الإقبال على عمليات التجميل بنسبة تصل إلى 98%، ولم تعد عملية تجميل الأنف وغيرها من الإجراءات التجميلية بشكل عام مقتصرة على السيدات فقط، بل كلا الجنسين الذكر والأنثى، لكن وجب على المقدم على إجرائها اللجوء إلى العمليات الأقل ضررًا، والتعرف على حكمها الشرعي أولًا الذي يعتمد على دافعه في عملها، فالأمر واسع وملمّ بتفصيلات وضوابط عدة.
لا يجوز إجراء عمليات التجميل بغرض تغيير خلق الله وزيادة تحسين الهيئة، ومباح إجراؤها في بعض الحالات العلاجية كإزالة عيب زائد عن الحد يصل إلى تشوّه المظهر أو التأثير على الصحة بالسلب.
بالتالي فإن عمليات تجميل الأنف التي تهدف إلى رجوع جزء مشوه إلى الاعتدال، وليس بغرض التحسين والتجميل، فلا حرج فيها -بإذن الله-.
فالأصل إذًا هو التحريم في تغيير خلق الله ما لم يكن هناك سبب يوصل إلى حد الإباحة، وينبغي تتبع الضوابط الشرعية حال الإقبال على عملية تجميلية علاجية.
حكم عمليات التجميل دار الإفتاء
قامت دار الإفتاء في جمهورية مصر العربية بالتأكيد على عدم جواز عمليات التجميل بغرض تحسين الشكل وزيادة جماله، لكن يستثنى من ذلك حالات محددة.
فعملية تجميل الأنف كما ذكرت دار الإفتاء محرمة إلا إذا كان العضو كبير جدًا، ويظهر في هيئة غير مقبولة وغير طبيعية.
كما ذكرت المبرر في ذلك وهو الأذى النفسي الذي يكون المصاب بالتشوه عرضةً له، فلا مانع حينها من إجراء عملية التجميل.
ضوابط وشروط عمليات التجميل
بعد التعرف على حكم عملية التجميل للأنف وجب الإلمام بالشروط والضوابط الشرعية الواجبة حال الاضطرار إلى إجرائها، وهي كالآتي:
تجنب القيام بأمور محرمة للتجميل؛ كالنمص، والوشم، والتفليج، وتشبه الرجال بالنساء والعكس، وغيرها من الأمور المغيرة لخلق الله -عز وجل- والمخالفة للعقيدة.
السير على الضوابط الشرعية للتداوي؛ ومنها عدم الخلوة، وعدم كشف العورة إلا لضرورة.
الحجز مع طبيب متخصص وماهر وله خبرة في هذا المجال، إلى جانب رغبة المصاب ورضاه عن إجراء العملية التجميلية.
تحقيق المصالح والأسباب التي أباح لها الشرع لقيام بالعملية التجميلية، ومنها إصلاح العيب أو العودة إلى شكل ووظيفة طبيعية.
يجب أن يشرح الطبيب للمصاب المضاعفات التي قد يتعرض لها حال إجرائه العملية، فيكون المصاب على معرفة بالأخطار قبلها.
أن يكون المصاب قد لجأ إلى عملية التجميل بعد تجربة الطرق الأقل ضررًا، أو عدم تواجد سبيل آخر.
والضوابط المتعلقة بعملية تجميل الأنف على وجه التحديد هي:
إصلاح تشوه الأنف الناتج عن عوامل لاإرادية كالحوادث، والحرائق، وغيرها.
إرجاع الأنف إلى الشكل الطبيعي، وذلك حينما يؤثر كبر الأنف على نفسية الشخص وجسده بالسلب.
إصلاح التشوه والعيب؛ كاعوجاج وانحناء الأنف بصورة كبيرة.
تغيير خلق الله وجراحة التجميل
إن تغيير خلق الله هو من الأفعال المحرّمة الناتجة عن عمليات التجميل لغرض التحسين، ومن ذلك نفخ الشفاه أو تكبير وتصغير الثدي، أو تصغير الأنف، أو رفع الجفون والحواجب، وغير ذلك، ومن الأدلة الواردة في هذا الشأن:
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: “لعَنَ اللهُ الواشِماتِ والمُستَوشِماتِ، والمتنَمِّصاتِ، والمتفَلِّجاتِ للحُسنِ، المغَيِّراتِ خَلقَ اللهِ، ما لي لا ألعَنُ مَن لعَنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو في كتابِ اللهِ؟!”.
قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) -سورة التين آية 4-.
قال تعالى: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ) -سورة النساء آية 119-.
يقصد إبليس وتضليله للمسلمين.
أنواع عمليات التجميل
يختلف حكم عمليات تجميل الانف تبعًا لأهداف العملية وأغراضها، حيث تنقسم عمليات التجميل إلى فرعين رئيسيين؛ أحدهما يتخصص في إصلاح العيوب وترميمها، والآخر في التعديل بغرض التجميل، ونشرحهما تفصيلًا فيما يلي:
الجراحة بغرض الترميم
تنحصر أهداف الجراحة المرممّة في إصلاح العيوب الجسدية المتضمنة الوجه والأنف، حيث تحدث العيوب الخلقية بفعل عوامل كثيرة منها التشوهات والإصابات الرضحية والمرضية، ومن المجالات التجميلية العلاجية المرممة ما يلي:
ترميم الثدي: الكثيرة من السيدات يصبن بسرطان الثدي المؤدي إلى استئصاله، بالتالي تضطرهنّ الظروف الصحية إلى إعادة بناء الثدي بعمليات الجراحة الترميمية.
أيضًا قد يتسبب كبر حجم الثدي الزائد إلى زيادة الحمل على الظهر، فتلجأ المرأة إلى عملية الجراحة الترميمية لتصغير الثدي.
ترميم الجروح: باستخدام التقنيات الطبية الحديثة يتم إجراء عمليات إصلاح الشقوق بترقيع الجلد، وعلاج الحروق، خاصة إن كان الجزء المتضرر بالجرح كبيرًا.
ترميم أجزاء الوجه: قد يصاب البعض بانشقاق الشفة إلى نصفين، أو إلى تشوه في الأذن، أو الإصابات المؤدية إلى التهاب مزمن في الجيوب الأنفي.
جراحة مجهرية: قد تُحدث السرطانات أو إصابات أخرى ضررًا في جزء بالجسم، لذا يتم اللجوء إلى تقنيات السديلة الحرة، والتي تعوض الجزء المصاب.
ترميم الأيدي والأقدام: نتيجة عوامل كثير قد تتشابك أصابع الأيدي أو الأقدام، كما قد يصاب البعض بمتلازمة النفق الرسغي.
الجراحة بغرض التجميل
تهدف الجراحات التجميلية إلى إحداث تغييرات وتعديلات على أجزاء مختلفة بالجسم، ويدخل من ضمنها إجراءات التجميل المختلفة كالليزر لإزالة الشعر وغير ذلك، وعملية تجميل الأنف هي الأكثر استهلاكًا بين السيدات، وتشتمل الجراحة بغرض التجميل على عدة مجالات، منها:
شفط الدهون: من خلال العمليات التجميلية يتم إدخال أنبوب مجوّف إلى المنطقة المراد شفط الدهون منها، كالبطن، والأرداف، والرقبة، وغير ذلك.
تكبير وتصغير الثدي: هي من عمليات التجميل الشائع إجراؤها، وتتم من خلال حقن محلول ملحي، أو هلام السيليكون، مع العلم أن ذلك يزيد احتمالية الإصابة بسرطان الثدي.
تجميل أجزاء الوجه: كلما تقدمت السيدات في العمر ظهر على وجههن تغيرات كثيرة كالتجاعيد وتدلّي الجفن، بالتالي يلجأن إلى تحسين المظهر عبر العمليات التجميلية وحقن البوتكس.
عمليات تجميل البطن والأرداف: منها شد البطن للحصول على جسم متناسق أكثر، وتكبير الأرداف باستخدام الدهانات أو مواد السيليكون.
مضاعفات عمليات التجميل
في سياق التعرف على حكم عمليات تجميل الانف فوجب العلم بأن الشخص عليه تجنبها قدر الإمكان وقايةً من المضاعفات والتوابع التي قد تصيبه، حيث يوجد الكثير من الأعراض والأزمات الصحية والشكلية التي تعرض لها نسبة كبيرة من الخاضعين لعمليات التجميل بأنواعها، ومن تلك المضاعفات السلبية ما يلي:
احتمالية الإصابة بورم دموي مؤلم مشابه للكدمة، ولعلاجه ينبغي الخضوع لعملية تصريف الدم المخزن به.
قد تظهر ندوب سطحية نتيجة العملية الجراحية.
يكون الشخص الخاضع لعملية التجميل معرضًا لتلف الأعصاب المصاحب للتنميل.
من المضاعفات الشائع حدوثها لدى نسبة كبيرة ممن خضعوا لعمليات التجميل هي العدوى.
تجلط الأوردة الداخلية التي تجعل الشخص عرضة للإصابة بالانصمام الرئوي حال تفككها، وأكثر جزء معرض للتجلط هو الساق.
قد تكون نتيجة العملية التجميلية غير مرضية بشكل كافي، وقد يكون الشكل الطبيعي السابق أفضل بكثير.
إذا تم تخدير الشخص الخاضع لعملية التجميل بنسبة مضاعفة فإنه يكون عرضة لبعض الأزمات، مثل الالتهاب الرئوي، ونوبات القلب، والسكتة الدماغية، وفي حالات نادرة الوفاة.
أثناء العملية الجراحية قد يتم ثقب الأعضاء الداخلية مما يؤدي إلى تضررها وتلفها.
فقدان نسبة كبيرة من الدم خلال مراحل العملية التجميلية، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم.
الإصابة بتورم مصلي، والذي ينتج عن التجمعات الدموية الداخلية، مما يجعل الشخص عرضة للشعور بالألم والإصابة بالعدوى.
إلى هنا نكون قد تعرفنا على حكم عمليات تجميل الانف والمضاعفات التي قد تحدث تبعًا لها، فلا يذكر الإسلام حكمًا إلا وبه حكمة ومصلحة عامة للفرد والمجتمع.