ابحث عن أي موضوع يهمك
كرّم الله ـ عز وجل ـ الإنسان في الحياة وجعل له حقوقاً وواجبات في الدين الإسلامي الحنيف، فالله قد ميّز الإنسان عن جميع مخلوقاته بالعقل والتفكير، كمّا ميّزه في موته، فيُكرم الميت بعد وفاته بالغُسل والدفن وفقاً لما ورد في الشريعة والسُنة النبوية الشريفة من أحكام لغُسل الميت وكيفية أداءه، وقد يتساءل البعض عما إذا كان حكم تغسيل الميت فرض كفاية أم فرض عين، فالميت له حقوق يجب تأديتها عند وفاته والتي يجب عدم التغافل عنها أو التهاون في أدائها، وذلك ما سنتعرف عليه تفصيلاً في السطور التالية من موقع مخزن المعلومات، فتابعونا.
أتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة بالإجماع على أن حُكم تغسيل الميت فرض كفاية، فإن قام أحد بتغسيل الميت فإن هذا الأمر يسقط عن الباقين، وجاء وجه الدلالة على هذا الأمر أن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بغُسل الميت، فدل هذا الأمر على وجوبه، وإن قام به بعض المسلمين يسقط هذا الفعل عن البقية لتمام حدوث الأمر المقصود وهو غُسل الميت وتطهره، كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال (كانَ رَجُلٌ واقِفٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَفَةَ، فَوَقَعَ عن رَاحِلَتِهِ – قالَ أَيُّوبُ: فَوَقَصَتْهُ، وقالَ عَمْرٌو: فأقْصَعَتْهُ – فَمَاتَ فَقالَ: اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْنِ، ولَا تُحَنِّطُوهُ، ولَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ، قالَ أَيُّوبُ: يُلَبِّي، وقالَ عَمْرٌو: مُلَبِّيًا.).
فقد أمرنا النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغُسل الأموات، ويقوم بهذه المهمة الموثوق والأمين من المسلمين، فيُغسل الرجل الميت الرجال، ومهمة تغسيل النساء تقوم بها النساء، كما يحق للزوج غُسل زوجته إن رغب في هذا الأمر، كما يجوز للزوجة غُسل زوجها، وجاء وجه الدلالة على هذا الأمر أن الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قام بغسل زوجته السيدة فاطمة بنت النبي ـ رضي الله عنها ـ كما قامت السيدة أسماء بنت عميس بتغسيل زوجها الصحابي أبو بكر الصديق، ويكون غُسل الطفل الذكر الصغير الأقل من سبع سنوات جائزاً للرجال والنساء وذلك لأنه ليس له عورة كالرجال، بينما إن بلغ الطفل السبع سنوات يكون غسله للرجال فقط.
ورد في السُنة النبوية الشريفة أن الصلاة على الميت المسلم فرض كفاية، فإن قام شخص واحد عاقل بالغ بالصلاة على الميت فهذا يكفي، كما أوضح لنا خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كلما زاد عدد الجمع في الصلاة على الميت وكثُر عدد المصلين كلما كان هذا أفضل، فقد ورد في الحديث النبوي الشريف عن عائشة وانس بن مالك ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (ما مِنْ ميِّتٍ يُصَلِّي علَيْهِ أمَّةٌ مِنَ المسلمينَ ، يبْلُغُونَ أنْ يكونوا مائَةً ، فيشْفَعونَ لَهُ ، إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ)، كما جاء عن سَلمةَ بنِ الأَكوعِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بجِنازةٍ ليُصلِّيَ عليها، فقال: هل عليه مِن دَينٍ؟ قالوا: لا، فصلَّى عليه، ثم أُتِيَ بجِنازةٍ أخرى، فقال: هل عليه مِن دَينٍ؟ قالوا: نعمْ، قال: فصلُّوا على صاحبِكم. قال أبو قتادة: عليَّ دَينُه يا رسولَ الله، فصلَّى عليه).
وهذا الأمر يدل على أنه يكون وجود عدد أكبر من المصلين في الصلاة على الميت يكون أفضل له وأنفع له في عمله، حيثُ يحصل بصلاتهم على الشفاعة والرحمة من الله ـ عز وجل ـ وفي حالة لم يكن هناك جماعة للصلاة على الميت فالتكليف أن يُصلي شخص واحد، لذا يكون من الفضل لأهل الميت عند وفاته والصلاة عليه، أن يقوموا بالبحث عن المساجد التي يتواجد بها عدد كبير من المصلين حتى يكون ذلك أنفع لميتهم ثواباً.
جاء في مذهب جمهور علماء الحنفية والمالكية والشافعية وكذلك قول ابن الباز والإمام أحمد أنه يجوز أن يتم أخذ الأجرة عن غُسل الميت، وذلك لأن هذه الأجرة التي يأخذها من يقوم بغُسل الميت تكون في مقابل العمل الذي يقوم به، فهو عمل متعدي للغير، والعمل المتعدي للغير يجوز أن يتم أخذ الأجرة عليه.
أتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة الشافعية، المالكية، الحنابلة، الحنفية أنه يجب على الغاسل أن يقوم بستر ما يراه من سوء أو قبيح رآه على الميت، وجاء دليلاً على ذلك في السُنة النبوية الشريفة أنه عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ).
أتفق علماء مذهب الجمهور الشافعية والمالكية والحنابلة أنه يُكره أن يحضر غُسل الميت من لا يساعد في غُسله، فلا حاجة تدعو لحضوره، وذلك لأنه يُكره النظر إلى الميت إلا لوجود حاجة تدعو لذلك.
أتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفية، المالكية، الحنابلة، الشافعية) على استحباب الاغتسال من غُسل الميت، وذلك لما جاء عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فلْيغتَسِلْ ) .
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: (كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ؛ فمِنَّا من يَغْتَسِلُ، ومنَّا مَن لا يغتَسِلُ).
وفقاً للسُنة النبوية الشريفة فإنه هناك عدد من الأمور التي يجب مراعاتها عند غُسل الميت، والتي جاءت على النحو التالي:
تجريد الميت من ثيابه
ستر عورة الميت
عصّر بطن الميت
توضئة الميت
غسّل الميت بالسدر
غسل جميع جسم الميت، وتحرّي اليمين
وضع الكافور في الغسلة الأخيرة
تقليم أظافر الميت
وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد وصلنا بكم إلى ختام مقالنا الذي تعرفنا معكم خلاله إلى أن حكم تغسيل الميت فرض كفاية ، وللمزيد من الأحكام الشرعية تابعونا في موقع مخزن المعلومات.