فضل قراءة سورة الزلزلة ورد في السنة النبوية، فلقد أشار رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إلى أن هذه السورة تؤثر على نفس الإنسان المسلم بالإيجاب، نظرًا للحكم والمواعظ العديدة التي تحتوي عليها، فعبر موقع مخزن إليكم المزيد من التفاصيل.
شملت سورة الزلزلة العديد من الفضائل والنفحات القرآنية المباركة، ففيما يلي سوف نوضح أبرزها:
معرفة أن الأرض التي يحيا عليها الإنسان سوف تزول ذات يوم، كما ستتدمر عندما يأتي يوم القيامة، فعلى المسلم أن يدرك بأنه عابر سبيل فيها لا أكثر.
العلم بأن كل ما يفعله الفرد من خير أو شر سوف يجزى عليه يوم الحساب، لذا فلا بد وأن يستكثر ويدخر أعمال الخير لهذا اليوم، وأن يتجنب المنكرات والظلم وأعمال الشر لأن عقابها سيكون وخيمًا.
اليقين بأن يوم القيامة قادم لا ريب فيه، مع عدم الالتفات إلى أقوال الأشخاص الذين ينكرون النشور والبعث، فإن الله – عز وجل- لا يخلف معادًا قد وعده.
إدراك بأن القدرة على تحمل أعباء الحياة الدنيا تتمثل في معرفة أن هنالك يوم سيأتي وسيحاسب كل شخص فيه على أعماله، إذ ينبغي وأن يصبر المؤمن على أي أذى أو ظلم يتعرض له لأنه سيأخذ حقه في الآخرة.
التأكد من أن الله – سبحانه وتعالى- يحب العبد التوّاب أي الذي يُذنب ثم يعود ويستغفر الله ويتوب عما فعل.
حديث صحيح عن فضل سورة الزلزلة
لقد أتى في فضل سورة الزلزلة العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، ولكن ليست جميعها صحيحة، فإن الأحاديث الصحيحة تمثلت في الآتي:
عن عبد الله بن عباس – رضى الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “من قرأ إذَا زُلْزِلَتْ فنصفُ القرآنِ ومن قرأ قُلْ يَا أيُّهَا الكَافِرُونَ فربعُ القرآنِ وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ثلثُ القرآنِ”.
عن عبد الله بن عمرو “قال: أتَى رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: أَقْرِئْني يا رسولَ اللهِ، قال له: اقرَأْ ثلاثًا مِن ذاتِ الر، فقال الرَّجُلُ: كبِرَتْ سِنِّي، واشتَدَّ قلبي، وغلُظَ لِساني، قال: فاقْرَأْ مِن ذاتِ حم، فقال مِثلَ مَقالتِه الأُولَى، فقال: اقرَأْ ثلاثًا مِن المُسبِّحاتِ، فقال مِثلَ مَقالتِه، فقال الرَّجُلُ: ولكنْ أَقْرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةً جامعةً، فأقرَأَه: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ}، حتى إذا فرَغَ منها، قال الرَّجُلُ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لا أَزيدُ عليها أبدًا”.
التعريف بسورة الزلزلة
سنشير في النقاط التالية إلى أهم المعلومات عن سورة الزلزلة:
سورة الزلزلة هي واحدة من السور المكية أي التي نُزلت في مكة المكرمة.
ويأتي ترتيبها في المصحف الشريفة بعد سورة البينة أي أنها السورة رقم 99.
وترتبط سورة الزلزلة مع سورة البينة ارتباطًا وثيقًا، إذ إن سورة البينة انتهت بالحديث عن يوم القيامة وجزاء المؤمنين والكافرين في حين أن سورة الزلزلة بدأت واستكملت بنقل الأحداث في يوم القيامة وما يتضمنه الجزاء والحساب.
وتتضمن سورة الزلزلة 8 آيات، ويعزى السبب وراء تسميتها بهذا الاسم إلى أنها افتتحت بلفظ الزلزلة.
ومن الأسماء الشائعة عن هذه السورة أيضًا هو الزلزال وذلك لأنها تحدثت عن حدوث الزلزال يوم البعث أي يوم القيامة.
أما عن الموضوعات التي تناولتها، فلقد تحدثت السورة بشكل أساسي عن يوم القيامة وما يسبق هذا اليوم من زلزلة الأرض بما عليها من جميع المخلوقات.
كما تحدثت عن محاسبة ومجازاة كل شخص عن عمله، حيث من كان عمله خيرًا سينال الخير ومن كان عمله شرًا فمصيره سيكون الشر.
وذكرت بأن الناس يوم القيامة سينقسمون إلى مؤمنين وكافرين ومستحقي الثواب ومستحقي العقاب، وكذلك السعداء والأشقياء، بالإضافة إلى من هو ذاهب إلى الجنة ومن هو هاوٍ إلى النار، وكل هذا وفقًا لأعمالهم في الدنيا.
تفسير سورة الزلزلة
تنقسم آيات سورة الزلزلة ووفقًا للموضوعات التي تناولتها إلى 3 أقسام كما سنبين في السطور التالية أثناء تفسير كل منهم:
(إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا): يتحدث الله – عز وجل- في هذه الآية عن زلزلة الأرض قبل يوم القيامة حيث يقول – تعالى- أنها ستتحرك من أسفلها وباطنها وستكون الحركة قوية وتؤدي إلى اضطرابها اضطرابًا عظيمًا مما يؤدي إلى تدمير كل شيء عليها.
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا): كما يوضح الله – تعالى- بأن زلزلة الأرض ستجعل الأرض تُلقى ما في داخلها من الدفائن بل وإنها ستخرج من كان فيها من الموتى.
(وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا): في هذه الآية يتضح رد فعل الإنسان عند زلزلة الأرض، إذ سيتعجب كل فرد ويتساءل باندهاش عن سبب هذه الزلزلة وذلك نظرًا لشدة ما يهوله ذلك الموقف.
(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا): تظهر الآية أن وقت الزلزلة سينطق الله – عز وجل الأرض حيث ستتكلم عما حدث عليها من الخير والشر.
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا): يؤكد الله – سبحانه وتعالى- في هذه الآية أنه هو من ألهم الأرض وأذن لها وأمرها بالشهادة والكلام.
آيات بعث الناس من قبورهم
قال تعالى (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ) [الزلزلة، 6].
يشير الله – عز وجل- في هذه الآية إلى أنه في اليوم المضطرب الذي سيعقبه الخراب والدمار ويُقصد به زلزلة الأرض سيقوم الناس ومن ثم يخرجون من قبورهم حتى يشهدوا الحساب.
وسيكونون حينها متفرقين وكذلك مختلفين من حين الهيئة والحال، وينقسمون إلى الآتي:
المؤمن المطمئن.
المؤمن الخائف.
الكفرة الخائفون.
العُصاة النادمون.
حيث سيرى كل منهم أعماله أمامه كما ستعرض عليه صحائفه، ففريق منهم سيكون في الجنة وفريق في السعير.
آيات جزاء الأعمال يوم القيامة
قال تعالى (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)) [الزلزلة].
في هذين الآيتين يتم ترغيب أهل الخير بينما ترهيب أهل الشر وذلك بعد الفراغ من إثبات الجزاء والبعث لهما في الآيات السابقة.
حيث يُقصد بالمثقال هنا هو ثقل الشيء ووزنه، وبينما الذرة يُقصد بها النملة الصغيرة.
أي مثقال ذرة تعنى وزن الذرة، وهذا التركيب يُستخدم بهدف التعبير عن أقل القليل.
فلقد وصف رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هذين الآيتين بالجامعة الفاذة، وذلك عندما تحدث عن أنواع الخيل الثلاثة وأنها لرجلٍ أجر ولرجلٍ ستر وكذلك لرجلٍ وزر، ثم سُئل فيما بعد العم الحُمر فقال – صلى الله عليه وسلم- “ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فيها إلَّا هذِه الآيَةَ الفاذَّةَ الجامِعَةَ {فمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8]”.
ومن الجدير بالذكر أنه ورد لهما سبب نزول، حيث قيل إن المسلمين خافوا ألا يحصل لهم أجر أو يُكتب لهم ثواب في حالة إذا ما تصدقوا بشيء قليل.
وفي المقابل فهناك أشخاص آخرون لا يلومون أنفسهم على الرغم من أنهم مذنبون ولكنهم يعتبرونها ذنوب صغيرة بنظرهم كالغيبة والنميمة والكذبة والنظرة المحرمة.
ويقولون إن الله – سبحانه وتعالى- ما جعل النار إلا عقوبة على الكبائر وليس على الصغائر، لذا نزلت الآيات ليتضح من خلالها أن أعمال الخير وأعمال الشر يتم كتابتها وسيجزي الإنسان على كل منهما مهما صغرت.