فضل قراءة سورة الهمزة سنوضحه بالتفصيل عبر موقع مخزن، حيث إن هذه السورة من قصار السور ولكنها تحتوي على العديد من الفضائل والمواعظ والحكم، وغيرها من الأمور والتي تعود بالإيجاب على المسلمين عند المداومة على قراءتها.
ليس هناك أحاديث نبوية صحيحة وردت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة الكرام توضح فضل قراءة سورة الهمزة على وجه التحديد، فهي مثلها مثل جميع سور القرآن الكريم حيث إنه في قراءتها يتم الحصول على الأجر والحسنات والسكينة، ومع ذلك، فلقد اجتهد الفقهاء والعلماء إلى توضيح كيفية الاستفادة عمليًا من هذه السورة في الحياة من خلال تحويل آياتها إلى حكم ومواعظ وقول إن فضل سورة الهمزة يتمثل في:
تجنب المسلمين تمامًا اللمز، ويُقصد به الطعن في أعراض الناس، فهو من الأفعال القبيحة والتي تورث فيما بعد العداوة والأحقاد بين الناس، كما أن اللمز يعد ظلمًا من المسلم لأخيه المسلم.
الابتعاد عن النميمة وذم المسلمين، فلقد ذم الدين الإسلامي النمام في العديد من المواضع
الصراحة في القول والفعل مع جميع المحيطين سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين، وذلك بلا همز بالعين أو حتى باليد.
عدم الاستهزاء بالناس من خلال الإشارة لهم بالألقاب والأسماء التي لا يفضلونها تجبرًا عليهم كما كان يقوم بذلك الوليد بن المغيرة.
التعامل بلطف عند مخاطبة الناس، فمن المعروف أن القلب هو ألطف عضو يمتلك الإنسان، يحث لا يجوز إيذاؤه بأي كلام سيئ أو جارح، ومن الضروري أن ينتقي المسلم ألفاظه لكيلا يؤذي من حوله بلسانه.
جمع المال وإدراك بأنه لله – عز وجل- وبأنه لا يغنى عنده – تعالى- شيئًا فإن الغاية الحقيقية تكمن في القيام بالعمل الصالح واتباع الأوامر الإلهية واجتناب المعاصي والنواهي.
اليقين التام بأن الخلود لا يكون سوى في الدار الآخرة وبأنه لا بد من السعي له من خلال القيام بالعمل الصالح، فإن المال والبنون لا ينفعوا في شيء ولا يجعلوا المسلم بمأمن عن الموت.
سورة الهمزة
سنشير في النقاط التالية إلى أهم المعلومات عن سورة الهمزة:
تعد سورة الهمزة من السور المكية، وهي تأتي بعد سورة القيامة حسب زمن النزول.
ولقد قال ابن مردوية عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما- إن قول الله – تعالى- (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) [المهزة] نزل في مكة المكرمة.
ويبلغ عدد آيات هذه السورة 9 آيات، أما عن عدد كلماتها هو 34 كلمة، وهي تقع في الجزء الثلاثين بينما في الحزب الستين.
ويعزى السبب الرئيسي وراء تسميتها بسورة الهمزة إلى أن كلمة الهمزة أتت في بدايتها.
أما عن سبب مجيئها بعد سورة العصر فإنه يتمثل في أن سورة العصر وضحت جميع أوصاف العصاة وكذلك أسباب هلاكهم فجاءت بعدها سورة الهمزة حتى توضح أحوال الخاسرين.
ومن الجدير بالذكر أن محمد بن حزم – رحمه الله- أشار إلى أن جميع آيات سورة الهمزة من القرآن المحكم ولا تحتوي على أحكام النسخ.
أسباب نزول سورة الهمزة
لقد وردت العديد من الروايات بشأن سبب نزول سورة الهمزة، ففيما يلي سوف نذكر أهمها:
أنها نزلت في رجل يدعى الأخنس بن شريق
أشار إلى ذلك عطاء والكلبي وآخرون، حيث قالوا بإن الأخنس رجل اعتاد إيذاء الناس بيده ولسانه لا سيما النبي – صلى الله عليه وسلم-
أنها نزلت في الوليد بن المغيرة
قال هذا مقاتل، إذ ذكر بأنها نزلت في أحد سادة قريش الكبار وهو الوليد بن المغيرة عندما كان يتحدث بسوء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- من أمامه ومن ورائه
أنها نزلت في رجل يدعى جميل بن عامل الجمحي
ذكر هذا ابن جرير
أنها نزلت في أمية بن خلف
قال ابن المنذر عندما ذكر رواية عن محمد بن إسحاق أن أمية بن خلف كان يغتاب النبي – صلى الله عليه وسلم- ويعيب عليه إذا شاهده لذا فإن الله – عز وجل- أنزل السورة كلها
أنها نزلت في أبي بن خلف
ذكر ابن أبي حاتم عن الصحابيين الجليلين وهما عبد الله بن عمر وعثمان بن عفان – رضي الله عنهما- أنهما سمعا كثيرًا بأن سورة الهمزة تم نزولها في أبي بن خلف
شرح سورة الهمزة
حملت سورة الهمزة العديد من المقاصد في آياتها، فحتي يتم التعرض إليها سوف نقوم بشرح السورة كاملة:
الآية الأولى
قال تعالى (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) [الهمزة، 1].
قيل إن الويل هو عبارة عن وادٍ موجود في نار جهنم أعده الله – عز وجل- للعصاة من العباد.
حيث إنه في هذه الآية بيانًا على توعد الله – سبحانه وتعالى- لهم لا سيما لهؤلاء الذين يكثرون من الهمز واللمز ويسعون إلى الإفساد بين الناس.
أو يسعون إلى السخرية منهم بالإشارة أو بالنظرة أو بالكلام، فلقد خصص الله – تعالى- مكان في جهنم محددًا لمن يمشي يخوض في أعراض الناس.
الآية الثانية
قال تعالى (الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ) [المهزة، 2].
يواصل الله – عز وجل- الذم في الذين يلمزون، حيث يقول – سبحانه وتعالى- بأنهم استغرقوا وقتًا طويلًا من أعمارهم وبذلوا الكثير من الجهود لجمع وتكثير الأموال.
حيث مضى الواحد منهم كل حياته يجمع الكثير من الأموال ليجعلها لنوائب الدهر ومن ثم ينال العزة بين الناس اعتقادًا منه بأن التفاضل والتمييز بين الناس قائمًا على كثرة امتلاك الأموال.
الآية الثالثة
قال تعالى (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ) [الهمزة، 3].
وصف الله – سبحانه وتعالى- الأشخاص المنهمكين في جمع الأموال بأنهم يجتهدون في الليل والنهار حتى كادوا يظنوا بأن جمع الأموال سوف يجعلهم خالدين في الحياة الدنيا وبأنهم لن يفنوا مطلقًا.
وذلك لأن انشغالهم بالمال زاد من غفلتهم وجعل آمالهم الدنيوية لا حصر لها.
الآية الرابعة
قال تعالى (كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) [الهمزة، 4].
يُقصد بالحطمة في هذه الآية هي نار جهنم الشديدة والتي ستأكل وتحطم كل شيء وكل من يلقي فيها.
حيث إنها مصير جميع الأشخاص الذين انغمسوا في جمع المال وفي ملذات الدنيا.
وكذلك الذين تهاونوا في السخرية من المؤمنين كما خاضوا في أعراضهم.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الآية بدأها الله – عز وجل- بلفظ كلا حتى يرتدع العاصي تمامًا عن أفعاله ويتوب إليه.
الآية الخامسة
قال تعالى (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ) [الهمزة، 5].
ذكر الله – عز وجل- مرة أخرى كلمة الحطمة في سورة الهمزة في الآية الخامسة ولكنه أوردها بصيغة الاستفهام.
وذلك حتى يعظم من شأن نار جهنم ويزيد من تهويلها.
الآية السادسة
قال تعالى (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) [الهمزة، 6].
يُقصد بنار الله الموقدة هي نار جهنم، فلقد وصفها الله – عز وجل- بالموقدة ليؤكد على أنها المستعرّة الملتهبة.
وفي هذه الآية جواب على الاستفهام في الآية السابقة وكذلك زيادة تأكيد على تهويل نار جهنم.
الآية السابعة
قال تعالى (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة، 7].
يُقصد بالأفئدة القلوب، ففي هذه الآية تأكيدًا على أن النار تشرف على ما في داخل القلب فتحرقه.
حيث إن الله – عز وجل- خص القلب بالإحراق مقارنةً بغيره من باقي أعضاء الجسد لأن ألم إحراق القلب أعظم من غيره، فهو يتسم بالرقة واللطف.
الآية الثامنة
قال تعالى (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) [الهمزة، 8].
في هذه الآية استكمالًا لوصف نار جهنم وذلك لكي يتعظ المسلمين ويحرصون على اجتنابها.
فلقد وصفها الله – عز وجل0 بأنها مؤصدة أي محكمة الإغلاق.
حيث ستكون مطبقة على أصحابها لكيلا يستطيعوا الخروج والفرار منها، ولكي يظلوا خالدين فيها إلى ما شاء الله.
الآية التاسعة
قال تعالى (فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ) [الهمزة، 9].
العمد هي كلمة تدل على مجموع كلمة عمود.
أما عن كلمة ممدة فإنه يُقصد بها مطولة.
والمراد من الآية هنا هو التأكيد على أن أبواب جهنم ستكون محكمة الإغلاق ومؤصدة على أصحاب الهمز واللمز بأعمدة طويلة.