ابحث عن أي موضوع يهمك
يكون التضلّع بماء زمزم بنية الشفاء عن طريق شرب المسلم ماء زمزم إلى حدّ الارتواء مع الزيادة إلى بلوغ الماء أضلاعه، ويكون التّضلّع بماء زمزم من خلال شرب المسلم منه كثيرًا إلى أن يمتلئ جوفه منه ويصل لأضلاعه، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم أحاديث كثيرة ترشد للتّضلع من ماء زمزم، وقد أوضح نبي الله بأحاديثه أنّ بزمزم شفاءٌ للنّاس، ولذا على المسلم التضلع من ماء زمزم بنيّة الشفاء من كلّ داء إلى جانب الأخذ بغيرها من الأسباب من علاج وتداوي.
وكان التّضلّع بماء زمزم علامةً وآيةً ما بين المؤمنين والمنافقين، حيث ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنّه قال: (أنَّ ابنَ عبَّاسٍ قال لرجلٍ إذا شربتَ من زمزمَ فاستقبِلِ الكعبةَ واذكرِ اسمَ اللَّهِ وتنفَّس ثلاثًا وتضلَّع منها فإذا فرغتَ فاحمَدِ اللَّهَ عزَّ وجلَّ فإنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ آيةُ ما بيننا وبينَ المنافقينَ أنَّهم لا يتضلَّعونَ مِن زَمزَمَ).
وذكر الشيخ ابن عثيمين بماء زمزم قوله: (ماء زمزم لما شرب له، إن شربته لعطش رَوِيت، وإن شربته لجوع شبعت، حتى إن بعض العلماء أخذ من عموم هذا الحديث أن الإنسان إذا كان مريضا وشربه للشفاء شفي، وإذا كان كثير النسيان وشربه للحفظ صار حفظا، وإذا شربه لأي غرض ينفعه) والله تعالى ورسوله أعلم.
للتعرف على طريقة التضلع من ماء زمزم بنية الشفاء يجب بيان مفهوم التضلع لغةً واصطلاحًا، إذ أن التضلّع لغةً يأتي من الفعل تَضلَّع ومعناه امتلأ ريًّا وشبعًا ويُقال تضلّع علمًا بمعنى تمّكن ورسخ العلم به، في حين يعرف التضلع اصطلاحًا بأنّه امتلأ ريًّا وشبعًا إلى أن بلغ الماء أضلاعه، والتّضلّع بزمزم هو الارتواء منه بشدة، وأن يقوم يشرب المسلم منه إلى أن يمتلئ جوفه ويصل لأضلاعه، وذلك لا يضرّ على خلاف الماء الأخرى، وهو فعلٌ ورد بالسّنة النبوية الشريفة.
ماء زمزم هو ذلك الماء الذي يخرج من بئر زمزم، وهو البئر الذي فجّره الله تعالى تحت قدمي إسماعيل عليه السلام ابن النبي إبراهيم عليه السلام حينما كان رضيعًا بمكّة المكرّمة مع أمّه هاجر، عقب أن وضعهما بها إبراهيم تنفيذًا لأمر الله على الرّغم من عدم وجود بشر ولا زرعٍ فيها، حيث أكرم الله نبيه إسماعيل أن فجّر بئر زمزم تحت قدميه وأصبحت هاجر تزم بيدها الماء لكي تجمعه بمكانٍ واحد.
وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (يرحمُ اللهُ أمَّ إسماعيلَ، لو تَرَكَتْ زمزمَ أو قال: لو لم تغرِفْ من الماءِ لكانتْ عينًا مَعِينًا)، وهو بئرٌ غير معروف مصدره وقد اندثر بالجاهلية مرة وحُفر على يد عبد المطّلب جد النبي عقب أن رآى رؤيا تُعلمه بمكانه.
لم يرد نصٍّ بالكتاب أو السنة أو نص عن السّلف الصالح يحدد مدّة التّضلّع، فلا يوجد مدّة معينة لذلك، فيمكن أن يتضلّع المسلم مرّةً واحدة ويمكنه التضلّع منه متى يسّر له الله تعالى ذلك باستمرار، حيث إن ماء زمزم هو خير ماءٍ على الأرض، وهو ما حدث الرسول صلى الله عليه وسلّم به فلا يوجد له مثيل على الأرض، إذ أنه ثمرة دعاء خليل الله ونبيه إبراهيم عليه السلام وهو من أعظم النّعم والمنافع على المسلمين.
التضلع بماء زمزم للعين من الأمور المشروعة والمستحبة، فماء زمزم لما شربت له، إذ يسقى المصاب بالعين منها حتّى يرتوي، ويشرع الاغتسال به، وقد ورد عن الإمام ابن القيّم أنّه كان يأخذ قدحًا معه من ماء زمزم فيقرأ الفاتحة عليه مرارًا ثم يشربه ليجد نفعًا به وقوّة لم يعهد في مثلها، وكذلك ورد عن الكثير من أهل العلم أنّهم تداويهم بماء زمزم، حيث بها بركةٌ وشفاء، ولكنّ الأولى أن يتم علاج المصاب بالعين مثلما هو مشروعٌ عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن تضلّع بزمزم.
إذ يؤمر العائن بالتوضأ أو الاغتسال ثم يُغسل المعيون من نفس الماء، حيث ورد عن أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: (رَأى عامِرُ بنُ رَبيعةَ سَهلَ بنَ حُنَيفٍ، فقال: واللهِ ما رَأيْتُ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ! فلُبِطَ بسَهلٍ، فأُتيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، هل لك في سَهلٍ، واللهِ ما يَرفَعُ رَأْسَه. قال: هل تَتَّهِمونَ به أحدًا؟ قالوا: نَتَّهِمُ عامِرَ بنَ رَبيعةَ. فدَعاه، فتَغيَّظَ عليه، وقال: عَلامَ يَقتُلُ أحدُكم أخاه؟! ألَّا بَرَّكتَ؟ اغتسِلْ له. فغسَلَ وَجهَه، ويَدَيه، ومِرفَقَيه، ورُكبَتَيه، وأطرافَ رِجلَيه، وداخِلةَ إزارِه في قَدَحٍ، ثُمَّ صَبَّ عليه، فراح سَهلٌ مع النَّاسِ ما به بَأْسٌ) ، وإن كان اغتسال العائن بماء زمزم خيرًا على خير والله تعالى أعلم.
ثبت بالصّحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلّم أنّه حدثنا أنّ ماء زمزم لما شربت له، حيث في زمزم بذاته بركة وشفاء من كل دواء بأمر الله، فهو خير ماءٍ على الأرض، فهي بذاتها شفاءٌ ولو أضاف بشربها المسلم نيّة التداوي والشفاء كان له خيرًا على خير بذلك، وهو ما يزيد منه إن قرأ القرآن على ماء زمزم قبل شربه للتداوي، وفعل هذا من مسببات الشفاء والعلاج من الأمراض بأمر الله، وعلى ذلك فإن التداوي بماء زمزم مستحب ومشروع .
ماء زمزم هو أشرف الماء وسيده، وهو أغلاها ثمنًا وأجلّها قدرًا، وأنفسه لدى الناس، وهو حفرة جبريل عليه السلام كما أنه سقيا إسماعيل من الله تعالى، وشرب ماء زمزم يكون على أحوال شرب المسلم له من باب البركة فينالها، وإن شربه على سبيل الاستسقاء فسوف يسقيه الله، أو أن يشربه استشفاءً أو في سبيل طلب أمر فيُعطيه له الله، ومن يشربه من السّنة فإنه يؤجر، ومن فضائل شرب زمزم ما يلي:
يشرع ويجوز الإكثار من شرب ماء زمزم كما يجوز التضلع منه، وقد ورد من الروايات ما يدل أن التضلع صفة المؤمنين دون المنافقين.