وردت كلمة يقتروا في القرآن الكريم في واحدة من الآيات البيانات الخاصة التي تحتوي عليها سورة الفرقان، وبالتحديد وردت في الآية الأتية في قوله تعالى:”وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا“( الفرقان:67)
وجاءت كلمة يقتروا في هذه الآية الكريمة بمعنى ألا يشير إلى أنه يجب ألا يسرف المسلمون في الإنفاق حتى يتجنبوا أن يكونوا من المبذرين الذين سيعاقبهم الله عز وجل، ولكن تشمل الآية أيضا توصية من قبل الله -عز وجل- إلى المسلمين بألا يبخلوا في الإنفاق الذي يقومون بإنفاقه على أي من الأمور الحياتية، وذلك تجنباً من أن يتصفوا بصفات سيئة كالبخل والشح.
لذا فالمعنى الواضح من كلمة لم يقتروا في سورة الفرقان في القرآن الكريم بلم يضيقون في النفقات أو يبخلوا.
معنى كلمة يقتروا في المعاجم اللغوية العربية
كلمة يقتروا تعتبر واحدة من بين الكلمات الهامة الموجودة في اللغة العربية، وتمتاز تلك الكلمة بانها لها العديد من المواضع المتعددة والمختلفة التي من الممكن أن تأتي فيها، ومن بين تلك المواضع ما يلي:
تأتي كلمة يقتروا من الفعل قتر، ففي حال إن قلنا قتر المرء، فهذا يدل على معنى يدل على أن المرء قد ضاق العيش به نهائياً.
وفي حين إن قلنا وقتر على أهله، فهذا يُعني أنه ضيق عليهم في الإنفاق أي أنه أصبح بخيلاً، ولكن إذا جاءت تلك الكلمة في جملة مثل جملة وقتر الأمر، فهذا يشير إلى أن معناها أصبح ملتزماً بشيء ما.
ولكن في موضع مثل وقترت النار فهنا أثرت الكلمة بمعنى يدل على خروج الدخان، بينما في حال إن قلنا قتر اللنمر فذلك يشير إلى أنه تم وضعه في المصيدة الخاصة به من أجل أن يجد قتاره.
سبب نزول سورة الفرقان
لقد أنزل الله -عز وجل- سورة الفرقان على سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- من أجل أن تثبته، حيث أن سورة الفرقان مكونة من عدة آيات قرآنية تحث سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام على الصبر؛ بسبب أذى المشركين، وبطشهم له ولمن آمن معه.
بالإضافة إلى أن سورة الفرقان تحتوي على عدة آيات تحث رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بأن يصبر على الناس الذي يكذبون بدعوته، وخاصةً بعدما قام عدد من المشركين بالادعاء الكاذب على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بأنه يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، فجاء الرد عليهم من قبل الله -عز وجل- حتى يواسي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
أما الآيات الأخيرة الموجودة في سورة الفرقان قد أُنزلت من قبل الله -عز وجل- بسبب كثرة أداء الكفار والشركين للذنوب مثل زيادة قتل الأبرياء وكذلك زيادة معدلات الزنا، لذلك فقد أنزل الله -عز وجل- تلك الآيات لعلها تكون هداية للمشركين حتى يتركوا طريق الضلال، ويعودوا إلى طريق الحق طريق الله عز وجل.
سبب تسمية سورة الفرقان بهذا الاسم
سورة الفرقان واحدة من السور القرآنية المكية المكونة من 77 آية كريمة، وتحل سورة الفرقان في الجزء التاسع عشر من القرآن الكريم.
وسميت سورة الفرقان بهذا الاسم؛ نظراً إلى أنها تتضمن آيات عديدة تبرز الفرق بين الحق والباطل، وكذلك فهناك عدة آيات منها توضح رد الله -تبارك وتعالى- على أكاذيب الكفار.
حيث إن سورة الفرقان تشهد تحذيراً من قبل الله -تبارك وتعالى- للمشركين بألا يشركوا به، كما تضمن تلك السورة دعوة الله -عز وجل- إلى التوحيد، إلى جانب أن هذه السورة تشمل عدة صفات من الصفات التي تتوافر في المؤمنين، والتي سوف تميزهم عن المشركين.
ويذكر الله -عز وجل- جزاء المؤمنين في الدنيا والآخرة في هذه السورة الكريمة، ويؤكد الله -سبحانه وتعالى- بأنه سوف يجازي المؤمنين الذين يتبعون أوامره، ويبتعدون عن القيام بأي من الأفعال التي قد تغضب الله -تبارك وتعالى- بالجنة ونعيمها، كما يشير الله -سبحانه وتعالى- بأنه سوف يجازي المشركين عقاباً شديداً جزاء لما فعلوا.
صفات المؤمنين في سورة الفرقان
ذكر القرآن الكريم عدة صفات من الصفات التي يجب أن تتوافر لدى المؤمنين في مجموعة من الآيات البيانات في مختلف سور القرآن الكريم، ومن هذه السور القرآنية الكريمة سورة الفرقان التي تحتوي عدة أيات منها على مجموعة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المؤمنون، من أبرز تلك الصفات ما يلي في الأسطر القادمة:
التواضع والصبر على الأذى تلك الصفتان من أول الصفات الخاصة بعباد الرحمن الذي ذكرها الله -عز وجل- في قوله تعالى: “:“وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا” (الفرقان: 63)
وأضاف الله -عز وجل- بأن عباد الرحمن أي المؤمنين هم الذين يظلون مستيقظين طوال ساعات الليل المتأخرة والناس نيام من أجل أن يعبدوا الله -تبارك وتعالى- ويقومون بتأدية صلاة قيام الليل والتهجد من أجل التضرع والتقرب إلى الله عز وجل، وهذا يتضح في قول الله سبحانه وتعالى: “وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا” (الفرقان: 64)
كما أن المؤمنين هم الذين يدعون الله -تبارك وتعالى- بكثرة طوال الأوقات، وتكون أهم دعوة يدعون بها هي أن ينجيهم الله -سبحانه وتعالى- من جهنم ويبعدهم عنها، نظراً إلى أن المؤمنين يعلمون جيداً بأن جهنم تُعد هي عقاب المشركين، ويتضح ذلك في قوله الله عز وجل:” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) (الفرقان: 65,66)
ومن أهم الصفات التي يمتاز بها المؤمنون عن غيرهم هي اعتدالهم في الإنفاق، وقد أشارنا في المقال على فضل الاعتدال في الإنفاق الذي وصاناً الله -تبارك وتعالى- بأن نتبعه في كافة أمورنا الحياتية.
ووصى الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنون بضرورة البعد عن القيام بأي من الكبائر التي حرم الله تعالى قيام العباد بها وتتمثل تلك الكبائر في الشرك بالله أو قتل النفس بغير الحق أو ارتكاب الفواحش كالزنا، حيث أوضح الله -تبارك وتعالى- العقاب الذي سيناله الشخص الذي يرتكب تلك الجرائم وهو أن هذا الشخص سوف يجازى بمضاعفة العقاب والعذاب من قبل الله عز وجل.
وما يميز عباد الرحمن عن غيرهم هو أنهم كثيرون التوبة والعودة إلى الله تبارك وتعالى، فعندما يقومون باقتراف أي ذنب، فيتوبون منه فوراً، ويعودون مجدداً إلى الله -عز وجل- راغبين منه المغفرة والعفو عنهم.
أسئلة شائعة
ما معنى كلمة لم يسرفوا ولم يقتروا؟
المعنى المقصود هو أن يتم الإنفاق على البيت وأهل البيت من زوجة وأولاد وكافة المستلزمات الأخرى بطريقة تكون وسطية لا تميل إلى الإسراف وكذلك لا تميل إلى البخل، وهذه الصفة واحدة من الصفات الخاصة بعباد الرحمن، أي عباد الله -عز وجل- الذين يمتازون بأنهم أهل الخير وأهل الإيمان الذين يجب أن يتبعوا الإنفاق المتوسط في كافة أمورهم بحيث لا يسرفون ولا يبخلون.
ما معنى كلمة قواماً في سورة الفرقان؟
ذكرت كلمة قواماً في القرآن الكريم في سورة الفرقان في الآية رقم 68، وجاءت كلمة قواماً في هذه الآية بمعنى المتوسط بين رتبتين أو بما يعني العدل أو الاعتدال، أما فيما يتعلق بالمعنى اللغوي بكلمة قواماً فإن أصلها يعود إلى الفعل قام الذي يأتي بعدة هيئات مختلفة مثلاً قام يقوم قياماً.