الفرق بين الشخصية الوسواسية والوسواس القهري قد لا يكون واضحًا بالنسبة للبعض، وذلك لوجود أوجه تشابه عديدة بين هذين الحالتين، ولكن الأطباء أشاروا إلى أنهما حالتان منفصلتان تمامًا ومختلفتان من حيث طبيعة الأفكار المسيطرة على العقل ومدى تأثيرها على حياة المريض كما سنبين لكم في السطور التالية عبر موقع مخزن.
إن اضطراب الشخصية الوسواسية يختلف بشكل كبير عن اضطراب الوسواس القهري ولكنهما من الممكن أن يجتمعا في شخص واحد فقط، فحتى يتم التفرقة بينهما لا بد من ملاحظة الفرق في الجدول الآتي:
وجه الفرق
الشخصية الوسواسية
الوسواس القهري
طبيعة الأفكار
يعتقد المصاب بأنها أفكار منطقية ومهمة من أجل تسيير الأمور والمهام اليومية بشكل صحيح وسليم
تجتاح الأفكار عقل مريض الوسواس القهري حيث إنها تكون على هيئة هلاوس غير منطقية كما لا يعد لها أساس من الصحة
كيفية التعامل مع الخلل الفكري
لا يمتلك صاحب الشخصية الوسواسية المرونة في التفكير فهو يرغب في فرض القواعد التي يتبعها على الآخرين لرؤيته بأنهم هم المخطئين
يترك المريض المجال للأفكار بجعله يشعر بالقلق الشديد حيال جميع الأمور في حياته، وهو ما يدفعه للقيام بسلوكيات قهرية عديدة للسيطرة على هذا القلق متمثلة بشكل شائع في وسواس النظافة أي تكرار غسل اليدين أو الاستحمام عدة مرات خوفًا من الإصابة بالعدوى
مدى تأثير الأفكار على حياة المريض
قد تؤثر أفكار الشخصية الوسواسية على علاقات المصاب الشخصية والمهنية لرغبته في تسيير الأمور بالشكل الذي يريده وفقدانه القدرة على إنشاء العلاقات الاجتماعية الناجحة مع من حوله بسهولة وسلاسة
قد تؤثر هلاوس الوسواس القهري على جميع جوانب حياة المريض لأنها تؤثر بفاعلية على رؤيته لهذه الجوانب وتعريفه لها
اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية
سنشير في النقاط التالية إلى ما هو اضطراب الشخصية الوسواسية بالتفصيل:
اضطراب الشخصية الوسواسية (Obsessive Compulsive Personality Disorder or OCPD) هو عبارة عن واحدًا من اضطرابات الشخصية والتي تُصنف ضمن فئة الأمراض النفسية.
حيث إن المصاب به يتسم بشدة الحرص على تحقيق النظام في حياته و وتحقيق الكمال.
كما يُعرف بعدم مرونة تفكيره إلى جانب اقتناعه تمامًا بأن تصرفاته الناتجة عن أفكاره هي الصحيحة طوال الوقت.
فضلًا عن ذلك فهو يسعى إلى فرض معاييره واعتقاداته على الآخرين دون الالتفات إلى أن الأمر يؤثر بالسلب على علاقته بمن حوله ويجعله يواجه الصعوبة في تكوين علاقات اجتماعية قوية أو الحفاظ على العلاقات القائمة بالفعل.
أعراض الشخصية الوسواسية
إن أعراض الشخصية الوسواسية في الغالب تظهر بوضوح عند بداية فترة الشباب أو عند بلوغ مرحلة المراهقة لا سيما على الرجال أكثر من النساء، حيث إنها تتضمن ما يلي:
عدم المرونة في التعامل للاتسام بالصرامة.
الميل نحو اكتناز بعض الأشياء ورفض التخلص منها حتى وإن كانت تالفة.
الحرص الدائم على اقتصاد المال وذلك لمواجهة أي أمر طارئ.
الالتزام الشديد بالأخلاق والقيم إلى جانب الإفراط في مراعاة الضمير.
الاهتمام الملحوظ بإعداد قوائم وجداول بهدف تنظيم المهام اليومية.
عدم الرغبة في تفويض المهام إلى الآخرين أو المساهمة في عمل جماعي خوفًا من عدم أداء هذه المهام بالطريقة التي يريدها أصحاب الشخصية الوسواسية.
التفاني في العمل لتحقيق أفضل النتائج.
الاهتمام بالتفاصيل وذلك على حساب قضاء الوقت مع الأهل والأصدقاء.
السعي استمرار وراء الكمال ووراء أداء المهام على أكمل وجه.
أسباب الشخصية الوسواسية
ليس هناك أسباب محددة وملموسة للإصابة باضطراب الشخصية الوسواسية ولكن يُعتقد بأن العوامل البيئية والفسولوجية تلعب دورًا كبيرًا في زيادة خطر الإصابة به، حيث إنه من هذه العوامل ما يلي:
وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطراب الشخصية الوسواسية.
سوء المعاملة في فترة الطفولة.
التعرض لأزمة نفسية حادة.
غياب الوالدين لفترات طويلة عن الطفل وافتقاده للرعاية.
ملازمة أحد المصابين بهذا الاضطراب طوال الوقت واكتساب طباعه.
النشأة في بيئة صارمة تتطلب اتباع القواعد والعادات.
كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية الوسواسية
لقد أشار الأطباء إلى أنه لا يوجد اختبار معملي يُمكن استخدامه والاستعانة به بهدف تشخيص الإصابة باضطراب الشخصية الوسواسية حيث إن عملية التشخيص تتم كالآتي:
يعتمد الطبيب على معرفة التاريخ الطبي للمصاب إلى جانب تقييم أسلوبه وسلوكياته اليومية فضلًا عن كيفية تفاعله مع الآخرين.
كما يستعين بأفراد أسرة الشخص المصاب لمساعدته على معرفة العلامات التي يعاني منها وكيفية تفاعله مع المحيطين منهم أو من الأقارب أو من الأصدقاء.
ويقوم بتقييم الأعراض وفقًا لمعايير اضطراب الشخصية الوسواسية والموضحة في الدليل الإحصائي والتشخيصي لاضطرابات النفسية.
اضطراب الشخصية الوسواسية وعلاجها
يلعب علاج اضطراب الشخصية الوسواسية دورًا كبيرًا في زيادة وعي المصاب بمدى تأثير سلوكياته على نفسه بالسلب وعلى من حوله، كما أنه يساهم في الحد من القلق والتوتر، وهو يتضمن ما يلي:
العلاج السلوكي المعرفي
يُصنف العلاج السلوكي المعرفي ضمن العلاج النفسي لاضطراب الشخصية الوسواسية أو العلاج بالكلام.
حيث إنه يساعد الشخص على معرفة كيفية تغيير سلوكياته لتعزيز علاقته بمن حوله إلى جانب تحسين نمط حياته.
كما أنه يساعده على توزيع اهتمامه بين قضاء الوقت مع أهله وأصدقائه والعمل.
العلاج الدوائي
في الحالات المتقدمة من اضطراب الشخصية الوسواسية قد يتجه الطبيب إلى وصف مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.
حيث إن هذه المثبطات هي نوع من مضادات الاكتئاب تساهم بفاعلية في الحد من التوتر والقلق وتعزيز الحالة المزاجية وتحسين جودة النوم.
ممارسة تمارين الاسترخاء
من الممكن أن تساهم تمارين الاسترخاء في تخفيف التوتر والقلق لدى المصابين باضطراب الشخصية الوسواسية.
إذ إنها تتضمن اليوجا والتنفس العميق وكذلك التأمل الواعي وتمارين التاي تشي.
مضاعفات اضطراب الشخصية الوسواسية
في حالة إن لم يتم علاج حالة اضطراب الشخصية الوسواسية فمن الممكن أن يتعرض المصاب لبعض المضاعفات بسبب النهج الصارم الذي يتبعه، حيث تتضمن هذه المضاعفات ما يلي:
عدم القدرة على التكيف مع التغيرات التي تحدث في حياته.
تعدد المشكلات في العلاقات العاطفية والاجتماعية وكذلك الزواج.
صعوبة الاستمرار في استكمال المهام والأنشطة اليومية بسبب عدم القدرة على التفوق فيها، وبالتالي الحد من الإنجازات الحياتية.
القلق والوحدة والاكتئاب.
اضطرابات الأكل.
فقدان القدرة على الاستمرار في أي عمل.
كيفية التعامل مع الشخصية الوسواسية
يتطلب المصابين باضطراب الشخصية الوسواسية التعامل معهم معاملة خاصة لمساعدتهم على الشفاء من هذا الاضطراب، إذ تشمل هذه المعاملة اتباع النصائح الآتية:
تفهم سبب قلقهم مع عدم إلقاء اللوم عليهم.
مساعدتهم على معرفة أنهم ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا كاملين لأن السعى وراء الكمال مؤذيًا.
وضع الحدود المناسبة من خلال عدم السماح لهم بفرض معاييره الخاصة على الآخرين أو الاستسلام لمطالبهم والتي تكون في الغالب غير واقعية.
منحهم الدعم لضمان توازن العلاقة القائمة معهم.
التذكر بأنهم بحاجة إلى الحب دائمًا وتجنب النظر إلى الطريقة التي يتصرفون بها.
الوسواس القهري
حتى يكون الفرق بين اضطراب الشخصية الوسواسية والوسواس القهري جليًا لا بد وأن نشير إلى نبذة مختصرة وسريعة عن الوسواس القهري:
الوسواس القهري (Obsessive Compulsive Disorder or OCD) هو واحدًا من الاضطرابات النفسية والمؤدية إلى معاناة الشخص من بعض الأفكار والمخاوف بل والأحاسيس غير المرغوب فيها تقوده نحو القيام بسلوكيات قهرية للتخلص منها.
وينقسم هذا الاضطراب إلى:
وسواس النظافة.
وسواس اجترار الأفكار.
وسواس الاكتناز.
وسواس الترتيب والتناسق.
وسواس التأكد.
أما عن أعراض الوسواس القهري فإنها تشمل:
تنظيف الأسنان واليدين باستمرار.
تنظيف الأدوات المنزلية بشكل متكرر.
تنظيم وترتيب الأشياء بطريقة محددة.
الرغب في الحصول على الدعم دائمًا.
العد بنمط محدد أو تكرار العبارات أيضًا بهذا النمط.
الخوف من الإصابة بالتلوث أو فقدان شيء معين.
المعاناة من الأفكار الجنسية المزعجة.
الشك في غلق باب المنزل عند الخروج منه أو في إطفاء الغاز.
وبالنسبة لأسباب فإنها لن تخلتف كثيرًا عن أسباب اضطراب الشخصية الوسواسية حيث تشمل:
العوامل الوراثية: كتعرض أحد أفراد العائلة للوسواس القهري بشكل مسبق.
العوامل البيولوجية: مثل تغير وظائف الدماغ واختلال توازن النواقل العصبية لا سيما قلة تركيز السيروتونين.
العوامل البيئة: التعرض للاعتداء في مرحلة الطفولة أو لصدمة نفسية أو موت شخص عزيز.
ويُعالج الوسواس القهري عبر تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أيضًا أو بالعلاج السلوكي المعرفي لوقف الطقوس القهرية لدى المريض، أو من خلال تناول بعض الأعشاب المهدئة للأعصاب والتي تقلل من التوتر والقلق.