ابحث عن أي موضوع يهمك
إن الحب من أسمى المعاني التي من الصعب أن يتم الوصول إليها بسهولة، وربما يعيش المرء منا عمره كله دون أن يجرب شعور الحب الحقيقي، فالحب شعور عميق وعظيم قد يصعب فهمه وشرحه بنفس القدر الذي يصعب الوصول إليه والإحساس به، على الرغم من أن كثير من الأشخاص قد ينعتون الإحساس الذي يشعرون به تجاه الآخر بالحب ما دام منحهم جرعة من السعادة أو النشوة، وهذه واحدة من أكبر الأخطاء التي تجعلنا لا نعرف كيف نفرق جيدًا بين الحب والتسلية، وهو الأمر الهام جدًا بالنسبة لكل شخص.. فلا يوجد أحد يمكنه أن يتقبل فكرة أنه يتم التلاعب به والتسلية به، فتزييف المشاعر من أسوأ الخدع التي تسبب خذلان وجرح كبير في القلب، وفي هذا الصدد سوف نذكر لكم أهم علامات الحب وعلامات التسلية كي تضعنها نصب أعينكم حينما تقال لكم كلمة “أحبك”.
هناك بعض العلامات التي تكشف لك الفرق بين الحب والتسلية وتجعلك تتأكد من الحب الحقيقي وتبتعد عن المزيف وسوف نطرحها عليك في السطور التالية
إن أهم الأمور التي تجعلنا نتأكد من الحب الحقيقي هو كون الحبيب يحبنا بكل تفاصيلنا، بمعنى أنه لا يركز على شيء واحد فينا ويحبه ويتجاهل الآخر، فهو يحبنا بكل مميزاتنا وشخصيتنا وطبيعتنا، بل وحتى العيوب في الحب الحقيقي يكون الحبيب يعلم كيف يتقبل تلك العيوب ويتعامل معها، على العكس تمامًا من الحب المزيف الذي يكون فيه الشريك ينظر لنا نظرة سطحية، حيث يركز على الشكل فقط أو المظهر أو حتى الاهتمام والمشاعر التي تقدمها له، دون أن يتعمق في داخلنا.
كي تعرف أن الذي أمامك يحبك حبًا مزيفًا ويتسلى به وكل ما يقوله مجرد ادعاءات كاذبة عليك أن تراجع نظرة شريكك له، هل يراك حقًا جديرًا بالحب الغير مشروط ولا يرغب منك شيء سوى أن تكون سعيدًا أم ينتظر منك دومًا أن تمنحه أجمل ما عندك حتى ترضى؟ فالحب الحقيقي يعطي أكثر مما يأخذ ومن دون أن ينتظر منك الشريك مقابل لذلك فهو يحب فكرة أنه يحبك، أما في الحب المزيف فمدعي الحب يظهر عندما يقدم لك شيء وينتظر منك أن ترده أو ينزعج إن لم تفعل معه المثل، فالكلمة الحلوة أو الاهتمام أو أي شيء يريد له مقابل وإلا غضب، فالغرض مما يفعله لك هو أن تبادله نفس الشيء حتى يضمن وجودك ويضمن أنه قد نجح في إيقاعك في فخه كي يتسلى بك.
إن الحب من الأمور التي لا تحدث في يوم وليلة، دعك من أوهام الحب من النظرة الأولى وترهات الأفلام والمسلسلات التي غسلت عقول الكثير من الشباب والفتيات! فالحب الحقيقي يبنى من كثرة المعرفة وطول العشرة، فهو يكبر بالتدريج، أما الحب الزائف فهو ينمو بسرعة وينهار أيضًا بنفس السرعة التي كبر بها، وربما يعترض البعض على ذلك ويقولون ولكنني بالفعل أحسست بالحب منذ أن رأيت فلان أو فلانة من المرة الأولى.. وهنا تكمن المشكلة في عدم استخدام المصطلح الحقيقي لوصف تلك المشاعر التي أحسست بها في تلك اللحظة، فالإعجاب قد يحدث من النظرة الأولى، والانجذاب قد يحدث من النظرة الأولى، فهي أمور تتعلق بقبولك للآخر وارتياحك له أو ما يطلق عليه “الكيمياء بينكما” لكنها ليست أبدًا بالحب.. وهنا لا بد أن تراجع معرفتك للمفاهيم في هذا الصدد قبل أن تحكم على نفسك أنك فعلًا تحب.
إن الحب له معاني كثيرة ومن أهم معانيه هي التضحية من أجل الآخر، فالحب بعيد تمامًا عن الأنانية، فمن يحبك بصدق سوف يضحى من أجلك ويفعل ما في وسعه كي يراك سعيد ومستقر، على العكس من الحب الزائف الذي لا يهتم فيه الشخص إلا بنفسه فقط ورغباته وشهواته، ويكون من أمامه ما هو إلا وسيلة يحقق بها تلك الرغبات والاحتياجات، فالحب ليس احتياج في حد ذاته، وهناك فرق كبير بين شخص يحبك وشخص يحتاجك، والتمعن في تلك النقطة يكشف لك ما إن كان حبك حقيقيًا أم زائفًا.
قد حدث الكثير من التشوهات في مفاهيم الحب بفضل الكثير من العوامل وهي ليست موضوعنا الآن ولكن ما حدث هو أننا صرنا نرى أن الناس يطلقون على حب التملك والأنانية والرغبة في السيطرة والتملك حب! وهذه من المفاهيم المغلوطة تمامًا عن الحب.. فمن يحبك بصدق حبًا حقيقًا لن يسعى لأن يجعلك شيء من ممتلكاته ولن يرغب في جعلك تحت سيطرته بحجة أنه يحبك أو يرغب في حمايتك، من يحبك سيرغب أن تكون سعيدًا بجانبه لا أن تفني كيانك في كيانه، فمفهوم أنا أنت وأنت أنا من المفاهيم المشوهة للمعنى الحقيقي للحب. الحب الحقيقي أن تكتمل مع حبيبك لا أن تحصره فيك، لا أن تضع الأغلال عليه كي تضمن أنه ملكك، فكل إنسان ملك لنفسه فقط.
إن الحب الحقيقي يعتمد على الصبر، فمن يحبك بصدق سوف يصبر عليك ويتسامح مع عيوبك وهفواتك، أما الحب الزائف فستجد فيه شريكك بالرصاد لك على كل غلطة تقوم بها، ولا يتهاون معك في أي عذر، فالغضب السريع على كل شيء من علامات الحب الزائف أو قل الحب المشوه، وستجد أن الشريك يحاول أن يعاقبك على من فعلته حتى ولو بتغيير سلوكه معك، وسيحكم عليك بسرعة وربما من دون حتى الاهتمام بمبرراتك أو تفسيرك، لكن الشريك الذي يحبك فعلًا سيصبر عليك ويتفهمك، ويتغاضى عن ذلاتك ولن يسمح لأي شيء أن يفرق بينكما ولا أن يترك لسوء التفاهم مساحة لينمو بها.
إن الحب الحقيقي مبني على الاهتمام، فالاهتمام هو أهم لغات الحب، فمن يحبك بصدق سيرغب في التعرف عليك أكثر ويهتم بكل ما تفعله في حياتك، ويرغب في أن يشاركك فيها، فالحب الصادق يرغب في التعرف على كل صغيرة وكبيرة تقوم بها لأنه حقًا يعتبر شخصيتك وجوهرك وأسلوبك في الحياة من الأمور الهامة لديه، على العكس من الحب الزائف، فلن تجد هذا الشخص يسألك عن أحوالك إلا التافه منها، ولن يرغب في أن يعرف أهدافك في الحياة أو طموحاتك أو حتى اهتماماتك، فكل ما يريده منك سطحي ومقتصر على مصلحته منك وحسب.
إن من يحبك بصدق سيضع كامل ثقته فيك، ولن يشكك في مدى إخلاصك له، لأن هذا الشعور هو شعور نفسي متبادل؛ بمعنى من لا يخونك ويخلص لك سيكون على إحساس بأنك أيضًا تفعل ذلك معه، على النقيض من ذلك كل خائن يظن أن شريكه أيضًا يخونه أو يخشى طوال الوقت أن يحدث معه مثلما يفعل هو معك، فهو دومًا على شك من ناحيتك ولا يضع فيك الثقة كاملة لأن هو بالأساس شخص غير جدير بالثقة ولا يؤتمن عليه.
كي تعرف أن من أمامك يحبك بصدق ولا يتلاعب بك ويتسلى معك، عليك أن تدقق في كل كلمة يتفوه بها معك عن تخطيطه لمستقبله وهل يتكلم بصيغة أنك ستكون فيه أم لا، وهل أنت جزء من هذا المستقبل أم أنت فترة عابرة في حياته. إن الحب الزائف لا يخطو فيه الشريك خطوة واحدة تجاهك كي يضمن وجودك معه مستقبلًا، فالعلاقة فيه تبنى على الأوهام والأحلام اللحظية لا الخطط الجدية لمستقبل تبنيانه سويًا، ولكن يرجى الانتباه هنا أيضًا أنه من الممكن أن يقوم المتلاعب بخلق أيضًا بادعاء الجدية معك وأنه يراك شريكه المستقبلي ويتكلم معك كأنك أهم شخص في حياته لكن كل هذا قد يكون مجرد إغراء لك كي تتعلق به وتبقى معه وحينما تنظر إلى أفعاله ستجد سراب، فلا فعل ولا سلوك على أرض الواقع ولا خطوة جادة تقول أنه فعلًا يرغب بك في مستقبله.
إن من يحبك بصدق سيكون تركيزه الحقيقي على شخصك وروحك وعقلك، أسلوبك في الكلام، طريقتك في التعبير، الأمور التي تحبها وتكرهها في الحياة، تفضيلاتك في الأمور، ونظرتك للأشياء، إنه غارق في تفاصيلك الجوهرية والشكلية أيضًا ولكن إلى حد معين، بمعنى أنه يراك جميلًا من كل جانب ولكنه لا يحصرك في جانب الشكل فقط أو الجسد، ولن ينظر لجسدك بنظرة اشتهاء إلى أن تصلا معًا للمرحلة التي يمكن فيها مشاركة ذلك، أما حب التسلية لا يراك سوى مجرد مظهر أو جسد يرغب في استغلاله، فكل تركيزه سيكون منصب على ما ترتدي وما تضع، وتفاصيلك الشكلية أما روحك وأنت من الداخل فهذه آخر اهتماماته.. وهي من أبرز علامات التفرقة ما بين الحب والتسلية.