يوجد الكثير من الآداب العامة التي يجب على قارئ القُرآن الالتزام بها، ومنها ما يلي:
الالتزام بجميع تعاليمه، وتحكيمه في مختلف أمور الحياة، وقد أتى في ذلك الكثير من الآيات، كمثل قوله تعالى في سورة النساء الآية 65 (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
تعظيمه والعمل به وتعاهده بالحفظ، وعدم وضع أي شيء فوقه، أو أن يتم إعطائه لمن لا يستطيع أن يُقدر قيمته؛ مثل الصغير غير المُميز، أو الكافر.
القراءة بشكل مستمر بالكُتب التي تعتني بتبيين ألفاظه، وتفسيره، وسؤال أهل الاختصاص حول معانيه، وربطه مع الواقع العمليّ؛ حيث إن القُرآن الكريم منهجٌ للحياة.
الإكثار من ذكر وشكر الله تعالى، والاستعانة به، والتوكل عليه، والرغبة إليه، جميع ذلك مع الزُهد بالدُنيا.
مُراقبة الله جل وعلا بمختلف الأحوال، والابتعاد عن الشهوات المُحرمة والمُنكرات.
الابتعاد عن العُجب والكِبر، والتواضع للفُقراء، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون).
من آداب التلاوة التدبر
هناك الكثير من الآداب التي يجب على القارئ مُراعاتُها خلال تلاوته للقُرآن الكريم، ومنها ما يأتي:
استحباب التوقف عند التثاؤب عن القراءة ؛ لأن العبد يناجي ربه ويخاطبه، كما يجب عدم العبث وتجنب الإكثار من الحركة لغير الحاجة.
رفع المُصحف باليد، أو رفعه على شيء مُرتفع، وتجنب وضعه على الأرض؛ لما بذلك من الامتهان له.
الوقوف عند آيات الوعد حيث يُفضل أن يتم سؤال الله من فضله، والوقوف لدى آيات الوعيد ومن ثم الاستعاذة بالله من عذابه، وهو ما فعله الرسول عليه الصلاةُ والسلام، إذ جاء في الحديث (قمتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فبدأَ فاستاكَ وتوضَّأَ ثمَّ قامَ فصلَّى فاستفتحَ البقرَةَ لا يمرُّ بآيةِ رحمةٍ إلَّا وقفَ فسألَ ولا يمرُّ بآيةِ عذابٍ إلَّا وقفَ فتعوَّذُ ثمَّ ركعَ فمكثَ راكِعًا بقدرِ قيامِهِ يقولُ في ركوعِهِ سبحانَ ذي الجبروتِ والملكوتِ والكبرياءِ والعظَمَةِ ثمَّ سجدَ).
قراءة القُرآن بإمعان وتدبر، وألا يكون أكبر هم القارئ هو كثرة القراءة، مع استحضار القلب لما يقرؤه من آيات، ويُكره السُرعة بتلاوة القُرآن؛ لأنه مُنافٍ للتدبُر.
قراءة القُرآن بتأنٍ وترتيل، دون يهذهُ هذاً مثل الشعر، والتغنّي بالقرآن؛ وهو ما يعني تحسين الصوت به حين قراءته، ويُعَتبر ذلك من الآداب المُستحَبّة حين قراءة القرآن؛ حيث إنّ المسلم مُطالَبٌ بالعناية به حين تلاوته؛ فقد ورد الكثير من الآيات التي تحثُ القارئ على التدبر والتفكُر خلال التلاوة، كقوله تعالى في سورة ص الآية 29: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُكرر الآية في بعض الأحيان أكثر من مرة.
البُكاء خلال التلاوة، إذ أنها تعتبر من علامات الصالحين، وقد قال تعالى في سورة مريم الآية 58: (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).
يستحب الإسرار بالقراءة في حال خوف القارئ على نفسه العُجب والرياء، وإن لم يخف من ذلك على نفسه؛ فالجهر بحقه أفضل.
آداب القرآن الكريم قبل التلاوة
هناك الكثير من الآداب التي يجب على قارئ القُرآن مراعاتها قبل تلاوه القُرآن الكريم، ومن بينها ما يلي:
الإخلاص؛ والمقصود من ذلك تلاوته خالصًا لوجه الله تعالى وابتغاء رضاه، والأجر منه، وليس التوصل لغرضٍ من جميع أغراض الدُنيا؛ مثل الجاه والمال، أو أن يثني الناس عليه، لقوله تعالى في سورة البينة الآية 5: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، وقد حذر الرسول عليه الصلاةُ والسلام المسلمين من عدم الإخلاص بقوله في الحديث الشريف: (من تعلَّم علمًا مما يبتغى به وجهَ اللهِ تعالى، لا يتعلَّمُه إلا ليُصيبَ به عرضًا من الدنيا لم يجِدْ عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامةِ، يعني ريحَها)، وأتى في بعض الأحاديث أن من يقرأ القُرآن وكان غير مُخلص بقراءته من أوائل من سوف تُسعر النار بهم يوم القيامة.
الوضوء؛ حيث يُسن لقارئ القُرآن قراءته وهو متوضئ، كما ويجوز قراءته للقُرآن على غير وضوء، ولكنه فعل خلاف الأفضل، وعند عدم توفر الماء يجوز التيمُم، ومن كان على جنابة أو في حال كانت المرأة حائضاً؛ يحرمُ عليهم قراءة القُرآن، ولكن يجوز إمراره من ذلك قلبيهما دون التلفظ به.
السواك؛ حيث يُسن للقارئ استعمال السواك قبل البدء في التلاوة، حيث قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (السواكُ مطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للربِّ)، وقد استحب العُلماء استخدام السواك قبل القراءة؛ حيث إن ما يخرُج من فم القارئ يدخُل بفم الملك؛ إذ أن الملك يضع فاه على فم القارئ.
النظافة؛ ويقصد بها المكان الذي يرغب القارئ أن يقرأ فيه، لذا استحب العُلماء القراءة بالمسجد؛ لأنه يجمع ما بين شرف المكان والنظافة، وفيما يتعلق بتلاوته في الطريق وما إلى نحو ذلك؛ فإنها صحيحة مع اشتراط عدم الانشغال عنها، وأمّا بالأماكن التي ينشغل القارئ بها فإنها مكروهة، ويجوز للحائض قراءته من غير أن تمس المُصحف؛ لمكوث عُذرها وقتاً طويلاً.
الاستعاذة؛ وتتمثل في قول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، لقوله تعالى في سورة النحل الآية 98: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، وقال أهل التفسير أنَّ المقصود بها حين إرادة القراءة.
استقبال القبلة؛ حيث يُسن للقارئ حين قراءته للقُرآن استقبال القبلة، والجلوس بوقار وخُشوعٍ، وأما قراءته بالفراش أو قرائته مُضطجعاً؛ فتجوز ولكنه خلاف الأولى.
البسملة؛ تتمثل بقول: (بسم الله الرحمن الرحيم)، باستثناء البدء بها في سورة براءة (التوبة).
التطيب حين إرادة التلاوة وطهارة اللباس؛ لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك إن كان يمس من طيبه عند تلاوته للقُرآن.