صفات الفارس العربي في العصر الجاهلي

مخزن

صفات الفارس العربي في العصر الجاهلي

“له أخلاق الفرسان” جملة مدح يوصف بها المتميز في خلقه وسماته، ويمكننا القول بأن العرب برعوا في الفروسية منذ أن عُرفوا من قديم الزمان واتصف فارسها بصفات عديدة، وتحديدًا في العصر الجاهلي اشتهر الفارس العربي ببعض الصفات المميزة له أبرزها:

• صفة النبل والشهامة: من الصفات التي تنسب بشكل دائم للفرسان، فهم دائمًا ما يتحملون المسئولية ويهبون لنجدة الملهوف، ويقدموا يد العون والمساعدة بدافع الشجاعة وحماية من حولهم بلا تردد ولا تفكير لأن هذه الصفة صفة أصيلة في الفارس العربي القديم.
• السخاء والكرم: صفة لا تقتصر على الفارس العربي فحسب بل يتميز بها العرب منذ فجر التاريخ، في عصور ما قبل الإسلام وعصور الدعوة وحتى عصورنا هذا يعرف عن العرب إكرامهم لضيفهم وشدة ترحيبهم والمبالغة في أمور الضيافة مما جعل الدول العربية إلى الآن من الدول السياحية بسبب حسن الاستقبال الذي يلاقيه أي ضيف يأتي إليها.
• الشجاعة والجسارة: أن تكون عربيًا وفارسًا دليل لا يقبل الشك على شجاعة وجرأة منقطعة النظير، فالفارس العربي في العصر الجاهلي لا يخشى عدوًا ولا يمنعه عن الحق أي مانع، بل يبادر ويهرع للدفاع عن نفسه وعرضه وماله وقبيلته دون أن يفكر في احتمالية الموت أو الإصابة أو أي شيء سوى الانتصار لأهله وقبيلته.
• الحلم: من شيم الفرسان الصبر والسماح، فتعلم الفروسية في حد ذاته أمر يدعو للصبر والتحمل لاتقانها، والفارس العربي الجاهلي كان أشد العرب صبرًا تبعًا للحياة الصحراوية التي يعيش فيها، الأمر الذي يجعل المرء حليمًا في قرارته وحتى حليمًا في غضبه فيفكر أكثر من مرة قبل أن يتخذ أي قرار ولا يتسرع.

تعريف الفروسية في العصر الجاهلي

الفروسية من أشهر الرياضات المنتشرة في هذا الوقت وذلك تبعًا لطبيعة البيئة والحروب والغارات المتكررة، لذلك فالفروسية هي البطولة في الحروب والعفة والدفاع عن الأرض والعرض، وأهم ما عُرف عنها في ذلك الوقت أنها:

• الفروسية وتعلم ركوب الخيل والتعامل معه هي فن ومهارة عظيمة، وتنقسم الفروسية في هذه الفترة من التاريخ لأربعة أنواع: ركوب الخيل، والرمي بالقوس، والمداورة بالسيف، والمطاعنة بالرمح.
• اعتبرها العرب من القيم المثلى لديهم والتي نشأت كنتيجة طبيعية للأجواء المحيطة بهم، وكانت ترمز دائمًا للبطولات والشرف والعزة فكانت كل القبائل تفخر بفرسانها وتحتمي بهم في كل نازلة تحيق بهم أو في حالة ما أغارت قبيلة أخرى عليهم.
• كانت أول ما يتعلمه الصبيان في صغرهم، وبها يفخر الصبي بنفسه وبكونه دخل إلى سن وقامة معشر الرجال، فكانت رياضة وعمل ومهنة وشرف لصاحبها ولا زالت حتى اليوم تحمل نفس القيمة والمكانة.

شعراء الفروسية في العصر الجاهلي

ارتبطت رياضة الفروسية بشكل كبير بكتابة الشعر، فكلاهما برع فيهما العرب في العصور ما قبل الإسلام، بل أن الفروسية كانت غرض من الأغراض الشعرية حيث يصف الفارس الفرس والحرب والقبيلة بل أن أشهر شعراء الجاهلية شعراء المعلقات كانوا في الأصل من أبرع الفرسان، ومنهم على سبيل المثال:

عنترة بن شداد

أبو الفوارس عنترة اشتهر بشجاعته وحربه لأجل اثبات نسبه لقبيلته العبسية وأبوه شداد الذي رفض في بداية الأمر أن يمنحه اسمه، وعرف عنه حبه لإبنة عمه عبلة وكتابته الشعر فيها، وظهر تأثره بالفروسية والحروب حتى في شعره العاطفي حيث كتب في أحد قصائده يقول:

” ولقد ذكرتك والرماح نواهل، وبيض الهند تقطر من دمي”

عنترة بن شداد

وكان عنترة أسود البشرة قوي البنيان، اعترف به والده أخيرًا بسبب براعته وانقاذه للقبيلة من خلال مشاركته في الحرب لمنع هجمات قبيلة ذبيان عنها ودفاعه بشرف وجسارة عن أرضه وأهله.

عمرو بن كلثوم

يرجع نسب عمرو بن كلثوم لبني تغلب، اشتهر ببراعته وفروسيته، بجانب براعته التي لا مثيل لها في كتابة الشعر، عُرف عنه عزة النفس والثقة التي فسرها البعض بالغرور المبالغ فيه، وهو واحد من شعراء المعلقات، ومن أشهر ما كتب:

“إِنَّ لِلَّهِ عَلَينا نِعَماً
وَلِأَيدينا عَلى الناسِ نِعَم
فَلَنا الفَضلُ عَلَيهِم بِالَّذي
صَنَعَ اللَهُ فَمَن شاءَ رَغَم”

عمرو بن كلثوم- قصيدة إن لله علينا نعم.

واشهر قصائده هي المعلقة التي كتبها وتجاوزت المئة بيت، ولم يبق منها إلا ما حفظه الرواة ونقلوه أما باقي الأبيات فلم يكن يعرفها أحد سواه.

امرؤ القيس

من أبرز الشعراء في العصر الجاهلي، ويعتبر كذلك من شعراء المعلقات، ويرجع نسبه لقبيلة كندة، وكتب كثير من الأشعار حتى لقب في بعض الروايات بأشعر الناس، ومما كتب:

“يا أيها السائل عن مجدنا إنك مستغبى بنا جاهل
إن كنت لم تأتك أنباؤنا فاسأل بنا يا أيها السائل”.

امرؤ القيس.

صفات العرب في العصر الجاهليّ

الحياة في البيئة العربية في العصر الجاهلي كانت حياة زاخرة بالعديد من الأمور، واشتهر فيها العرب بكثير من الصفات منها الصفات المحمودة ومنها صفات ذميمة لا يمكن لإنسان أن يتخيلها، ومن أهم ما ميز العرب في العصر الجاهلي:

• اشتهر العرب ببعض الصفات المحمودة كالشجاعة والجرأة، فكانوا أمهر الناس في حروبهم وكانوا يضعون مهارات وفنون القتال في موضع ومكانة كبيرة وعالية، وكانوا يعلوا من شأن فرسانهم ويفخرون بهم في كل المحافل والأوقات.
• من الصفات المحمودة كذلك لدى العرب صيانة العهد والوفاء بالوعد، فكان الرجل لديهم يعرف بكلمته التي تخرج منه ويكون مطالبًا بما عزم على فعله، وكان يتم التشهير بمن يخلف وعده ويعتبر نقضه لعهده وصمة عار يُعير بها طوال حياته.
• أما فيما يخص الصفات السيئة أو الذميمة، فكان أبرزها لدى العرب شرب الخمر ولعب الميسر، فكان الخمر يشرب في كل وقت وفي كل زمان، ولعب الميسر هو واحدة من أهم الألعاب التي يتسلى بها القبائل والأقوام في الليل.
• من الصفات الذميمة كذلك في العصر الجاهلي وأد البنات فور ولادتهن واعتبار ميلادهن وصمة عار، وكان يرى المرء أنها مصيبة حلت به أو علامة على حظه السيء وعدم توفيقه، بالإضافة لهذه الصفة فقد كانت النساء الموجودات يتبرجن بشكل فاحش ويفتن من يراها من الرجال.

صفات العرب بعد الإسلام

أتى الإسلام بشارة ونور يهدى الأقوام ويخرجهم من ظلمة الجاهلية وعبوديتها، ويعيد للمرء إنسانيته وحريته التي شرعها الله له، فكان أهم ما غيره الإسلام في نفوس العرب:

• تحريم الخمر والميسر بعقلانية وتفهم لطبيعة النفس البشرية، فجاء التحريم على هيئة خطوات تدريجية لتقليل مثل هذه العادات والانقطاع عنها شيئًا فشيئًا حتى يتم للإنسان تقبل الاقتلاع عنها نفسيًا ثم جاء الأمر بتحريمها تحريمًا تامًا.
• تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمنع وأد البنات وأعطى للمرأة حقوقها التي سلبها إياها المجتمع الجاهلي فشرع لها الميراث والعفة وحق الموافقة على الزواج أو الرفض، كما فرض لها حقوقها المادية بأن يعولها زوجها وأن يمنحها كافة ما تستحق من الأمور المادية والمعنوية.
• وضع حدود لكل الجرائم التي ترتكب في المجتمع وتنفيذ هذه الحدود أمام الجميع لكي تكون عظة وعبرة لمن تسول له نفسه التعدي على حقوق الغير فشرع حدود السرقة والقتل وغيرها من الحدود.
• تحريم القتال والحرب في الأشهر الحرم إلا في حالة صد الهجوم أو الدفاع عن النفس مثلًا والالتزام بضوابط الحروب وعدم التعرض للنساء والأطفال وكبار السن خلال الحرب.
• إلغاء الرق والعبودية وعودة حرية الإنسان التي كفلها الله له، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولا يكون للمال أن يميز إنسان على غيره بل الإيمان وحده هو المقياس.
• تحريم الشرك بالله وعبادة الأصنام أو اعتبارها شكل من أشكال العبادة، وترسيخ مبدأ التوحيد والإيمان بالله وحده لا شريك له.
• الإبقاء على العادات الحسنة بل والدعوة إليها، فدعا الإسلام للوفاء بالعهود وتأدية الأمانات والصدق ونجدة المحتاج والملهوف والزكاة والعمل الصالح وغيرها من الأمور الذي شجع عليها وعلى تنميتها في المجتمع.

أسئلة شائعة