تعمل التشريعات الدولية على توفير الضمان الكامل لخصائص حقوق الإنسان بالنسبة للأفراد دون النظر إلى اختلافهم، وذلك لكي يتمتع كل فرد بحقوقه دون أن يشعر بالتمييز من حيث الدين أو اللغة أو الجنس أو الجنسية أو حتى اللون، ففيما يلي سوف نذكر لكم الخصائص التي تضمنها التشريعات الدولية من حقوق الإنسان:
الاتسام بالعالمية
يُقصد بعالمية حقوق الإنسان أنها صالحة لجميع الناس دون الأخذ في عين الاعتبار إلى أيديولوجياتهم أو عرقهم أو آرائهم أو أجناسهم أو معتقداتهم أو لونهم وغيرها من الأمور.
فلقد ذكر هذا الأمر بوضوح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالتحديد في المادة رقم 2:
“لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته.”.
ومن الجدير بالذكر أنه تم التأكيد على العناصر الموجودة في المادة أعلاه سنة 1993 م في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان والذي انعقد في فيينا.
فإن مفهوم حقوق الإنسان أصبح في وقتنا الحالي مفهومًا عالميًا بعدما تم رفضه من قبل 8 بلدان اشتراكية بعد الحرب العالمية الثانية، وبعدما أصبح جزءًا رئيسيًا من القانون الدولي العرفي.
وذلك لأنه هام بالنسبة للمنظمات الدولية والمجتمع الدولي وكذلك الحركات الاجتماعية.
كما أنه هام للشعوب حيث إن حقوق الإنسان هو الوسيلة التي من خلالها يتوصلون إلى التحولات الاجتماعية الراغبين فيها سواء كانت على الصعيد الوطني أو الصعيد الإقليمي.
وينبغي العلم بأن هناك تحديات تواجهها عالمية حقوق الإنسان كالاختلاف في الدين والثقافة، ولكن الالتزامات الدولية الموجودة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على ضرورة عدم الالتفات لهذه الاختلافات.
عدم القابلية للتجزئة
إن وحدة حقوق الإنسان تشير إلى أن الحقوق الثقافية والمدنية والاجتماعي السياسية والاقتصادية تعد بمثابة وحدة واحدة حيث لا يمكن مطلقًا تجزئتها.
وذلك لأن كل حق من حقوق الإنسان يُصنف كحق مكمل لغيره ولا يوجد بديل عنه.
وعلى هذا الأساسي فإنه لا يُمكن أن يُمنح الإنسان جزء من حقه ويُحرم من الجزء الآخر.
ولقد ورد ذلك الأمر أيضًتا في مؤتمر حقوق الإنسان في فيينا سنة 1993 م، إذ أعلن المؤتمر بشكل صريح على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة لأنها تشمل مفهوم الوحدة والتكامل ولأن المجتمع الدولي يتعامل معها وفقًا لمبدأ العدالة والموازنة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك حقوق لا يمكن لصاحبها التناول عنها نظرًا لأهميتها بالنسبة لعموم الجماعة سواء بمحض إرادته أو بالمقابل، كما لا يمكن لأي جهة أن تحرمه منها حتى وإن كانت غير منصوصة في قوانين بلد محددة، فهي تعتبر ثابتة في أصلها.
ويجب الإشارة إلى أن وحدة حقوق الإنسان جاء من حق الإنسان في التمتع بالحرية والأمان والعيش بكرامة وفي مستوى معيشي لائق به.
المساواة وعدم التمييز
سبق وأسلفنا ذكرًا أن المادة رقم 2 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على ضرورة تمتع الفرد بكامل حقوقه دون تمييز، ولقد أشارت المادة رقم 1 هي الأخرى إلى المساواة في حقوق الإنسان كالآتي:
“يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء”.
ولقد منع هذا الإعلان التمييز في الحقوق وفقًا للوضع السياسي أو الدولي أو القانوني للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الفرد سواء كانوا يتمتعون بالاستقلالية أو يخضعون لوصاية دولة أخرى، علمًا بأن هذا الأمر يشمل البلدان التي تكون سياستها مقيدة أو لديها حكم ذاتي.
فضلًا عن ذلك فإن الاتفاقية الدولية التي تتعلق بحقوق الإنسان وتم عقدها سنة 1989 م أشارت هي الأخرى إلى المساواة في حقوق الإنسان، وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة والتي كانت سنة 1979 م بالإضافة إلى الاتفاقية التي تمت سنة 1990 م وهي الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم.
التأصل من الكرامة الإنسانية
الكرامة الإنسانية هي أهم مصادر حقوق الإنسان، حيث يتسبب انتهاكها في انتهاك جميع الحقوق التي ذكرت في القوانين الدولية، كما أن انتهاك حقوق الإنسان ينجم عنه هو الآخر انتهاك الكرامة الإنسانية فهما يكملان بعضهما البعض.
فمن هذا المنطلق يتم التوصل إلى أن الكرامة والمُصنفة كمبدأ من مبادئ القانون الدولي العام تشمل جميع حقوق الإنسان بالإضافة إلى الحريات الأساسية.
ويُجدر بالإشارة إلى أن الخصائص الأخرى التابعة لحقوق الإنسان قد تتضمن الكرامة الإنسانية.
فعلى سبيل المثال مبدأ المساواة وعدم التمييز يعد في الأساس علامة على احترام كرامة كل فرد الإنسانية.
كما أن فكرة احترام الكرامة الإنسانية تضمن كل من حق التعليم والمسكن والعمل والصحة وغيرها.
فالكرامة الإنسانية لا تقتصر على منع مس سلامة جسم الإنسان، بل تمتد إلى محاربة المرض والجهل والبطالة وكل ما يؤدي إلى تدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية كما أشار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
خصائص حقوق الإنسان في الإسلام
إن الدين الإسلامي قام بالتأكيد على أهمية حقوق الإنسان وضرورة تطبيقها في جميع النواحي الحياتية، كما أنه وضع لها بعضًا من الخصائص، ففيما يلي سوف نذكر لكم خصائص حقوق الإنسان في الإسلام بالتفصيل:
الربانية
يقصد بالربانية أن جميع حقوق الإنسان خالية من العيوب والنقص والضلال لا سيما التي جاءت في القرآن الكريم والسنة.
بالإضافة إلى ذلك فهي مرفعة تمامًا من الظلم، وهذا لأن مصدرها هو الله – عز وجل.
ويمكن الاستدلال على ربانية الحقوق الإنسانية من قوله تعالى: