هل يجوز الدخول في البيت الخالي من اهله ؟ وما هي آداب وأحكام الاستئذان في الإسلام؟ فقد أشارت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في العديد من المواضع المتنوعة بها عن ضرورة الاستئذان وآداب الذهاب إلى المنازل، والاستئذان هو واحد من الآداب الاجتماعية التي لابد من أن يتحلى بها الجميع تجنبًا للعديد من المواقف المحرجة سواء لأهل المنزل أو للشخص نفسه، ومن هذا المنطلق نوضح عبر الفقرات التالية لموقع مخزن الأحكام والآداب الخاصة بالاستئذان وإمكانية دول المنزل الفارغ فيما يلي.
يقول تعالى في سورة النور بالآية السابعة والعشرين: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ“، ومن هذا المنطلق فإن الإجابة على سؤال هل يجوز الدخول في البيت الخالي من اهله هي النفي، فلا يجوز دخول البيت الخالي من أهله، وبشكل أدق فلا يجوز دخول المنازل دون الاستئذان والسلام على أهلها.
ينطبق السابق على كافة المنازل حتى منازل الأشخاص القريبين، ولو كان منزل الابن أو الابنة، وحتى منزل الوالدين.
الغرض من هذا الأمر هو تجنب رؤية أصحاب المنزل في حالة لا يحبونها ولا يحبها الزائر أو حالة لا يجوز رؤيتهم بها، وهذا ما يساهم في حفظ الأعراض، ويمنع انتهاك حرمات المنازل.
يتم وصف الحكم السابق بالاستئذان، فلا يجوز دخول المنازل جون استئذان من أهلها ولو كانت خاوية، أما المقصود بالاستئذان ففي اللغة هو الأمر الذي يُقصد به الإعلام أو العلم، ويقصد به الإباحة وطلب الإذن.
أما في الاصطلاح فالاستئذان هو طلب الإباحة في التصرف بحرية من الشص الذي يملك الحق، ويختلف بين الاستئذان عند الدخول إلى المنازل، أو طلب الإذن تأدبًا من رؤية ما لا يسر، وهذا وفقًا لما أشار إليه الفقهاء.
من المصطلحات القريبة في المعنى إلى لفظ الاستئذان نجد لفظ الاستئناس، وهو ما جاء في الآية الكريمة السابقة، والمقصود به الاستئذان والزيادة أي استشعار رغبة أهل المنزل في استقبال الضيف أم لا، ونجد فيه إشارة لطيفة من المولى عز وجل إلى ضرورة التراجع عن الزيارة إذا شعر القادم بعد استئناس أهل البين لزيارته.
ورد لفظ الاستئذان والمشتقات الخاصة به في القرآن الكريم لحوالي 82 مرة بثلاثة وثلاثين سورة، من ضمن هذه السور إحدى وعشرين صورة مكية، واثني عشر سورة مدنية، وهو الأمر الدال على أهمية الاستئذان والإلمام بآدابه في الإسلام.
من آداب الاستئذان
الاستئذان واحد من الآداب التي لابد من أن تتواجد وتكون معروفة لدى الجميع، وهذا لما له من أثار اجتماعية ونفسية متنوعة، وهو واحد من الآداب التي تضمن الحفاظ على الخصوصية، وهو أمر من خلاله يتم حفظ حرمات البيوت من الانتهاك، ويحافظ على الأعراض، والمقصود من الاستئذان هو إباحة التصرف براحة، فلا يجب أن يتصرف أحد في حقوق غيره دون سؤاله، ومن آدام الاستئذان وأحكامه ما يلي:
الوقوف بجانب باب المنزل وعدم الوقوف أمامه واستقباله، فيجب أن يقف المسلم يمين أو يسار باب المنزل.
تعريف المستأذن بنفسه، فيجب أن يكون التعريف واضح وصريح، ومن المهم الابتعاد عن الكلمات الغامضة
كما يكون الاستئذان ثلاث مرات، فلا يجب ألا يزيد القرع عن ثلاث مرات.
تجنب طرق الباب بعنف، فيجب أن يكون الطرق خفيفًا يسمع به أهل المنزل دون إزعاج.
الرجوع في حالة عدم الإذن بالدخول، وهو الأمر الذي تم إيضاحه في الحديث الشريف برواية قيس بن سعد فيقول: “زارَنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في مَنزلِنا، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ، قال: فرَدَّ سعدٌ رداً خَفيّا، قال قَيسٌ: فقلْتُ: ألَا تأذَنُ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-؟ قال: ذَرْهُ يُكثِرْ علينا مِنَ السلامِ، ثمَّ قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ، فرَدَّ سعدٌ رَدّا خَفيّا، فرجَعَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، واتَّبَعَه سعدٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، قد كنتُ أَسمَعُ تَسليمَك، وأَرُدُّ عليك رَدّا خَفيّا؛ لتُكثِرَ علينا مِنَ السلامِ، قال: فانصرَفَ معه رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ“
من ضمن الآداب والأحكام الأخرى أيضًا الاستئذان عند الخروج من المنزل.
الاستئذان بين أهل المنزل الواحد، فيجب الاستئذان قبل التوجه إلى الغرف الخاصة بكل فرد من الأسرة، دون التصرف فيما يتواجد داخل المنزل الواحد دون الاستئذان من صاحبه.
الحكمة من الاستئذان وصوره في الإسلام
يعتبر الاستئذان واحد من أهم الآداب التي يجب التحلي بها الجميع الصغير منهم والكبير، فهو أهم الآداب المساهمة في حفظ الأعراض وحرمات البيوت كما وضحنا سابقًا، فمن خلال الاستئذان لن يتمكن أي شخص في الاطلاع على إنسان آخر ، وهو من الأمور التي تحافظ على حقوق الإنسان والخصوصية الخاصة بهم حتى لو كان الآخرين من محارم الإنسان، ومن صور الاستئذان ما يلي:
الاستئذان عن الدخول إلى المنزل: وهذا ما وضحناه سابقًا، وهو الأمر الذي يضمن حفظ أعراض المنازل ويمنع انتهاك حرمتها، وهذا لما وضحته الآية الكريمة من سورة النور والتي ذكرناها سابقًا.
الاستئذان بين أهل البيت: هو الأمر الذي وضحته آيات القرآن الكريم، وهو وجود استئذان أهل البيت الواحد من بعضهم البعض، فعلى الطفل أو الخدم الاستئذان من الوالدين وما يشابههم من محارم قبل الولوج إلى غرفهم.
كما يجب الاستئذان منهم في ثلاثة أوقات خاصة وضحتها الآية الكريمة الواردة في سورة النور بالآية الثامنة والخمسين، فيقول تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“.
من خلال الآية الكريمة فإن الأوقات التي لابد من استئذان الطفل الذي بم يبلغ بعد، والخدم فيها من أهل البيت للدخول عليهم تتمثل فيما يلي:
الوقت السابق لصلاة الفجر، وهو الوقت الذي غالبًا ما يتم فيه تغيير الملابس الخاصة بالنوم بملابس اليقظة.
وقت الظهيرة، وهو الوقت الذي يتم فيه تبديل الملابس من أجل الاستعداد للقيلولة.
بعد صلاة العشاء، وهو وقت الاستعداد للنوم وتغيير الملابس لارتداء ملابس النوم.
أما البالغين فعليهم الاستئذان عند الدخول على محارمهم في كافة الأوقات، وهذا ما بينته الآية الكريمة التالية من سورة النور: “وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“.
استئذان البكر قبل تزويجها: فلابد من سؤال الفتاه عن رأيها في الزواج قبل أخذ القرار من قبل ولي أمرها، فأصبحت موافقة الفتاة هي واحدة من أهم شروط الزواج.
بهذا تكون اتضحت إجابة سؤالل هل يجوز الدخول في البيت الخالي من اهله ، بجانب الإلمام بأحكام وآداب الاستئذان، وصوره والحكمة منه في الإسلام عبر الفقرات السابقة.
