تبدأ الأم في التفكير حول كيفية تربية طفلها مُنذ اللحظات الأولى للعلم بحملها ليبدأ التفكير المستمر فيما يتوجب فعله مع الطفل وما يجب الامتناع عنه وما هي الأمور التي عليها فعلها للحصول على طفل سليم معافى، إلا أنه قد يشاء الله بقدوم الطفل يعاني من بعض المشكلات الصحية أو النفسية ومن بينها متلازمة أسبرجر Asperger’s syndrome التي لا يتم اكتشاف إصابة الطفل بها إلا بعد قدومه للحياة، فما هي Asperger’s syndrome وكيفية علاج أسبرجر عند الأطفال؟
يحتاج الطفل في هذه الحالة إلى الحصول على مساعدة الأبوين ودعمهم لطفلهم المصاب بـ Asperger’s syndrome، فمن خلال اتباع بعض الإرشادات الطبية يُمكن للطفل التغلب على الإصابة بمتلازمة أسبرجر والخروج من دائرة طيف التوحد المغلقة وذلك من خلال:
تدريب الطفل على المهارات الاجتماعية
يُعد تدريب الطفل على اكتساب المزيد من المهارات الاجتماعية من أهم طرق علاج Asperger’s syndrome ويكون ذلك من خلال عقد جلسات فردية أو جماعية يقوم خلالها الطبيب المختص بتعليم الأطفال كيفية التعبير عن أنفسهم وما هي الطرق الملائمة للتعبير عن أفكارهم وحاجاتهم، وعادةً ما يتم الاستعانة بعدد من المتطوعين لتمثيل بعض المواقف المحاكية للواقع حتى يتم تعليم طرق التواصل الاجتماعي بشكل نموذجي.
تدريب الطفل على استخدام اللغة
عادةً ما يتحدث الطفل المُصاب بـ Asperger’s syndrome من خلال نغمة ثابتة واحدة في الصوت لا يقوم بخفضها أو رفعها ضمن إطار متغيرات الحديث، لذا يختص الطبيب المعالج بشرح الأمر وكيف يقوم الطفل برفع أو خفض صوته ومتى يحتاج الشخص لخفض أو رفع صوته خلال حديثه مع الآخرين.
معالجة السلوك الإدراكي
تتم معالجة السلوك الإدراكي للطفل المصاب بمتلازمة أسبرجر من خلال عملية تكرار الأفعال والأقوال التي يُقدم الطفل على فعلها، كما تتم مساعدة الطفل على ضبط ردود أفعاله ومشاعره خلال التعامل مع الآخرين.
تدريب الأهل على التعامل مع الأطفال
يجب أن يتم توجيه الاهتمام بشكل أكبر إلى كيفية تدريب العائلة على التعامل مع طفلها المُصاب بـ Asperger’s syndrome وذلك من خلال تعريفهم على جميع الأساليب والتقنيات التي تسهم في استمرار عملية العلاج من أعراض متلازمة أسبرجر داخل المنزل.
متلازمة أسبرجر Asperger’s syndrome
تُعد Asperger’s syndrome إحدى اضطرابات النمو الشامل التي يتم تصنيفها ضمن اضطرابات طيف التوحد عالي الأداء، والتي قد يتأخر الكشف عن الإصابة بها حتى مرحلة البلوغ عند بعض الأطفال، إلا أنها عادةً ما تظهر أعراضها في السنوات الأولى من عمر الطفل في فترة تبدأ من مرحلة الرضاعة وحتى مرحلة الطفولة المبكرة، وقد أُطلقت Asperger’s syndrome على الأطفال ممن يعانون من افتقارهم لمهارات التواصل غير اللفظية والذين عادةً ما يظهرون تعاطف محدود مع الأطفال من عمرهم، وربما يتحركون جسدياً بشكل مرتبك أو غير متزن.
أعراض متلازمة أسبرجر Asperger’s syndrome
يُمكن الكشف المُبكر عن إصابة الطفل بـ Asperger’s syndrome في حالة الانتباه إلى الأعراض التالية في حال ظهورها على طفلك، وفي حالة وجودها يجب طلب الحصول على التشخيص والدعم الطبي مُبكراً لمعرفة ما إن كان الطفل مُصاباً بالفعل أم لا.
صعوبة تكوين صداقات
يعاني الأطفال المصابين بـ Asperger’s syndrome من وجود صعوبة في القيام بأساسيات التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، حيثُ يكون جانب نقص تعاطف المريض مع الآخرين هو الأمر الأكثر اختلالاً لدى المصاب مما يتسبب في فشله في إقامة صداقات وعلاقات اجتماعية جيدة.
يعاني الطفل من ضعف السلوكيات الغير لفظية مثل التواصل بالعين مع الآخرين، التعبير عن طريق حركات الوجه، ارتباك حركات الجلوس بالإضافة إلى وجود صعوبة في تكوني الصداقات بسبب افتقار المهارات الاجتماعية الضرورية للتعامل مع الآخرين، فالطفل قد يود بالفعل التعامل والانخراط مع أقرانه من الأطفال إلا أنه لا يفهم كيف يُمكنه عمل ذلك.
التركيز الشديد على اهتمامات محددة
يمتلك الأطفال من Asperger’s syndrome اهتمامات واضحة ومحددة يقومون بالتركيز عليها بشكل شديد وذلك لأنها تدفع عقولهم الصغيرة للتركيز عليها والتخلص من حالة القلق والارتباك الاجتماعي التي يعانون منها مما يمنحهم شعوراً بالراحة.
وعادةً ما تتركز هذه الاهتمامات في الأنشطة الفردية كالكتابة أو الرسم أو النحت أو الأساليب التكنولوجية الحديثة، مما يُسبب لهم راحة كبيرة عند فعلها، إلا أنها تُسبب لهم ردة فعل عكسية عنيفة في حال تعطلت هذه الأنشطة أو وجدوا أنفسهم مجبرين على تركها.
الصمت الانتقائي
يظهر الصمت الانتقائي لدى الأطفال المصابين بملازمة أسبرجر حيثُ أنهم يقتصرون حديثهم مع من يشعرون معه بالراحة ممن اعتادوا وجودهم إلا أنهم قد يتجنبون الحديث تماماً مع الغرباء، وفي حال تواجدهم في مجموعات فإنهم يكتفون بالابتسامة أو التنحي جانباً مع شغل أنفسهم بأفعال أخرى.
الالتزام بروتين
يضع الطفل المُصاب بـ Asperger’s syndrome لنفسه روتين محدد يجد في داخله مصدر للراحة ونظام للدعم، فهو يضع لنفسه ما يُشبه الجدول الصارم من الأفعال مما يساعده في الحد من مشاعر القلق والارتباك التي يشعر بها، لذا يشعر الطفل بضجر كبير في حال حدوث أي تغيير على روتينه الخاص كما أنه قد يتعرض للفزع في حال تعرض لموقف جديد كلياً لم يتعرض له قبلاً.
العجز عن أداء بعض المهام
يعجز الأطفال المصابون بـAsperger’s syndrome عن فعل بعض المهام والمهارات التي تتطلب منهم وجود إدراك بصري أو سمعي أو مكاني أو امتلاك ذاكرة بصرية، كما أن غالبيتهم يكونون حساسين بشدة للضوء أو حساسين للصوت، الملمس، الطعم، اللمس، الألم، الرائحة، درجة الحرارة وغيرها العديد من المحفزات للمشاعر وردود الأفعال.
الفرق بين متلازمة أسبرجر والتوحد
على الرغم من وصف العلماء لمتلازمة أسبرجر عند الأطفال Asperger’s syndrome على أنها أحد أطياف متلازمة التوحد، إلا أنه توجد بينهما بعض الاختلافات التي أوجزها الأطباء في التالي:
قد يظهر التوحد لدى الأطفال في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، إلا انه لا يتم الكشف عن الإصابة بمتلازمة أسبرجر عند الأطفال إلا في وقت متأخر أي بعد العام السادس من عمر الطفل وهذا يعني أن اكتشاف Asperger’s syndrome يكون متأخراً بشكل كبير عن اكتشاف الإصابة بالتوحد.
يتم في التوحد إصابة الطفل بقصور واضح في اكتساب اللغة وامتلاك حصيلة لغوية من المفردات، بينما الطفل المصاب بـ Asperger’s syndrome ربما يكون لديه حصيلة لغوية جيدة إلا أنه يجد صعوبة في التواصل مع الآخرين والتخاطب معهم والتعبير عن نفسه.
يكون الطفل المُصاب بالتوحد مُنغلق بشكل تام على نفسه إلا أن طفل متلازمة أسبرجر يشعر بمن حوله ويود التعرف عليهم ومخالطتهم إلا أنه يعجز عن فهم كيفية تكوين علاقات مع أقرانه، مما يجعل تواصله الاجتماعي أقل خطورة من الطفل التوحدي.
تحدث الاضطرابات العصبية في الطفل التوحدي بشكل أقل عند الإصابة بـ Asperger’s syndrome.
يهتم الطفل المصاب بمتلازمة أسبرجر بعدد متنوع من الموضوعات والاهتمامات، إلا أن الطفل المتوحد يُركز اهتمامه كله على موضوع واحد فقط.
متلازمة أسبرجر مشاهير
هناك العديد من المشاهير والمبدعين الذين لديهم متلازمة أسبرجر، والتي لم تمنعهم أبدًا من مواصلة السعي نحو حلمهم، ومن أبرز هؤلاء المشاهير ما يلي:
بيل جيتس
قد واجه بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت ورائد الأعمال والتكنولوجيا بعض الاضطرابات ومشكلات في عملية التواصل، وحالات من عدم الاتزان، ولكنه نجح في تخطي ذلك، واستطاع أن يباشر أعماله وأحلامه إلى أن أصبح من أغنى وأنجح الرجال في العالم.
ليونيل ميسي
إن ميسي الغني عن التعريف، أحد أبرز مشاهير كرة القدم في العالم، قد عانى في طفولته من متلازمة أسبرجر، فقد كانت تلاحظ أسرته عليه ميوله للعزلة، والصعوبات التي تواجهه في مسألة تكوين علاقات اجتماعية أو صداقات، ولكن هذا لم يعرقله في طريقه الطويل نحو ممارسة هوايته المفضلة “كرة القدم” بل واحترافها، إلا أن أصبح اليوم أسطورة قدم القدم لأجيال أتت وأجيال ستأتي.
وينتتورث ميلر
بطل مسلسل prison break الممثل الجميل وينتورث ميلر كشف عن معاناته في متلازمة أسبرجر لفترة طويلة، وأنه هو وغيره ممن لديهم نفس المشكلة يعانون في مختلف المجالات من مسألة التواصل مع البشر، وتحدث لهم الكثير من الاضطرابات التي يبذلون جهدًا للتغلب عليها، فهم قد يتوترون من سلوكيات بسيطة، على سبيل المثال حينما يكونون في تجمعات أو وسط زحام يشعرون برغبة عارمة في الاعتزال.
أنتوني هوبكنز
عان الممثل العالمي أنتوني هوبكنز طوال حياته من متلازمة أسبرجر، لكن الغريب أنه لم يكشف أنه يعاني منها إلا وهو في عمر السبعين، ولهذا كان خبرًا عجيبًا لدى البعض، حيث أشاد العديد بقدرته لبلوغ ما وصل إليه من إنجازات على الرغم من وجود تلك المتلازمة لديه، حيث إنها لم تعوق نجاحه بأي شكل من الأشكال.
أسئلة شائعة
هل متلازمة اسبرجر وراثية؟
يرجع البعض الإصابة بمتلازمة أسبرجر لعوامل وراثية في أغلب الأحيان، حيث إن الدماغ يعمل بطريقة مغايرة عن الطبيعي، وهي تتواجد منذ الطفولة، وتظهر أعراضها شيئًا فشيء.
هل يشفى طفل الاسبرجر؟
إن العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يفيد الطفل في التحكم في نفسه، وتعليمه طرق السيطرة على الاضطرابات التي تصيبه، كما يمكنه العلاج من الاندماج مع الآخرين.