في حقيقة الأمر لقد تداولت العديد من التساؤلات عن جماعة الفايكنج، ومن هم في أكثر من موضع على مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الإلكترونية، فعادة ما يتردد على أسماعنا مصطلح الفايكنج سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الأعمال الفنية وخاصة الأعمال السينمائية العالمية، ومن أجل ذلك سنتناول عن طريق مخزن المزيد من المعلومات عن الفايكنج ونهايتهم، ومن هم في الوقت الحالي.
إن الفايكينج هم عبارة عن شعوب جرمانية نوردية، وعادة ما كان يطلق مصطلح الفايكنغ أو الوِيكنجار (أو باللغة النوردية القديمة víkingr) على ملاحي السفن وتجار ومحاربي المناطق الإسكندنافية.
تلك الشعوب الذين هاجموا السواحل البريطانية والفرنسية، بالإضافة إلى أجزاء أخرى من أوروبا في أواخر القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر (793-1066)، حيث إنه كان يطلق على تلك الفترة (حقبة الفايكنج).
ومن الجدير بالذكر أن مصطلح الفايكنج كان يستعمل للإشارة إلى سكان المناطق الإسكندنافية على وجه العموم، والمناطق الإسكندنافية تشمل مجموعة من الدول، كالسويد والدنمارك والنرويج وآيسلندا.
وبناء على ما سبق، فنستنتج أن شعوب الفايكنج كانوا أصحاب سمعة سيئة، بالإضافة إلى أنهم اتصفوا بطبيعتهم الوثنيّة الوحشية.
وعلى الرغم من هذا، إلا أن الفايكنج تحولوا على مدار قرن أَو اثنين إلى المسيحية، إلى جانب أنهم استقرّوا في الأراضي التي هاجموها من قبل.
إضافة إلى ما سبق فلقد شيد الفايكنج مستوطنات جديدة في أيسلندا، وجرينلاند، وأمريكا الشمالية، والأطلسي الشمالي، كما أسسوا ممالك في شبه الجزيرة الإسكندنافية على طول الحدود مع الممالكِ الأوروبيةِ في الجنوبِ.
وفي حقيقة الأمر أن اندماجهم في أراضيهم الجديدةِ أدى إلى أنهم أصبحوا من المزارعين والتُجّار والحُكَّامِ والمحاربين.
ومن الجدير بالذكر أن شعوب الفايكنج اتصفوا في ذلك الوقت ببراعة ملاحتهم وسفنهم الطويلة، وذلك ظهر من خلال استطاعتهم في الاستحواذ على سواحل أوروبا وأنهارها وجزرها، فأحرقوا وقتلوا ونهبوا مستحقين بذلك اسمهم الفايكنج، فيما يسمى بالقرصان في اللغات الإسكندنافية القديمة.
عصر الفايكنج
وبعد أن توصلنا من خلال الفقرة السابقة إلى مجموعة من المعلومات عن شعوب الفايكنج، علينا إذن من خلال السطور القادمة أن نتعرف على عصر الفايكنج.
في حقيقة الأمر أن عصر الفايكنج كان فترة في تاريخ أوروبا، ولا سيما في تاريخ أوروبا الشمالية والتاريخ الإسكندنافي.
فيمتد عصر الفايكنج بداية من أواخر القرن الثامن إلى أن يصل للقرن الحادي عشر، ولقد استطاع الفايكنج أن يصلوا إلى النرويجيين أوروبا بمحيطاتها وبحارها أثناء التجارة والحرب.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن الفايكنج وصلوا إلى أيسلندا وجرينلاند ونيوفاوندلاند والأناضول، ونجد أن هذا يتوافق مع ما يروى في أسطورة فينلاند التي وصلها الفايكنج من الغرب الأقصى إلى قارة أمريكا الشمالية.
لماذا أطلق عليهم الفايكنج
ولكن السؤال هنا؛ لماذا أطلق على شعوب الفايكنج هذا الاسم؟ ففي حقيقة الأمر أننا سوف نتناول من خلال السطور القادمة الإجابة عن هذا السؤال.
في حقيقة الأمر أن هناك مجموعة من المؤرخين يعتقدون بأن جماعة الفايكنج أطلق عليهم هذا المصطلح “فايكنيجْ” مقتبسا من مصطلح “فيك”، والجدير بالذكر أن هذا المصطلح يعني الخليج الصغير في لغة المناطق الشمالية.
ويذكر أيضا أن هناك مجموعة أخرى من المؤرخين ذهبوا إلى أن مصطلح الفايكنيجْ مقتبسا من منطقة النرويج التي كانت تُسمى “فيكين”، تلك المنطقة التي كان يسكنها جماعة الفايكنج.
ما أصل الفايكنج ومن أين أتوا
يمكننا القول إذن بأن أصول جماعة الفايكنيجْ كانت بداية ظهرها لأول مرة عندما قاموا بمهاجمة مجموعة من السواحل البريطانية والفرنسية وبلاد أوربية أخرى في نهاية القرن الثامن الميلادي.
ومن هنا أطلق مصطلح الفايكنيجْ على كل من يقطن في المناطق الاسكندنافية، والتي تشمل كلا من “السويد والدنمارك والنرويج وآيسلندا”.
ومن الجدير بالذكر أن جماعة الفايكنج اعتنقوا الديانة المسيحية، واستقروا في البلاد الاسكندنافية التي قاموا بمهاجمتها من قبل على الرغم من أنهم اكتسبوا سمعة سيئة بسبب الطبيعة الوحشية والوثنية الخاصة بهم والتي اعتادوا عليها.
كما أن الفايكنج شيدوا مستوطنات جديدة في آيسلندا وأمريكا الشمالية، وأماكن متفرقة حول المحيط الأطلسي، مما أدى ذلك إلى اختلاط الفايكنج ببشر غيرهم وعلى عكس طبيعيتهم، نتيجة ذلك أيضا أن الفايكنج أصبحوا ماهرين في الكثير من الأعمال البشرية كالزراعة والحكم والحروب.
ومن أشهر الحروب التي خاضها الفايكنج، والتي تعتد واحدة من الحروب الحاسمة في مصير الفايكنج، هي معركة جسر ستامفورد في عام 1066.
بداية عصر الفايكنج
كانت بداية عصر الفايكنج في حدث دموي مأسوي في التاريخ عام 793، حيث قام 100 رجل من الفايكنج مسلحين بالإبحار إلى جزيرة “لينديس فارن”، تلك الجزيرة التي تقع في نورثمبريا في شمال شرق بريطانيا.
وفي تلك الجزيرة استطاعوا الفاتيكنج أن يصلوا إلى دير يحتوي على رهبان مستسلمين، ومن الجدير بالذكر أن هذا الدير كان به كنوز من مقتنيات ذهبية وفضية، فاعتبر الفايكنج أن تلك الكنوز ما هي إلا غنائم لهم.
فقتلوا الفايكنج الرهبان بالدير بالطريقة الوحيشية المعتمدة لهم، ولن يكتفوا بالقتل فقط، بل إنهم قاموا بصلب جثمان الراهب الأكبر من أجل أن يهابهم الجميع، بالإضافة إلى أنهم أخذوا كافة المقتنيات بالدير كغنيمة لهم.
وعن تلك المعركة قال اللاهوتي والشاعر آلكوين”
“لم نر مثيلًا من قبل لهذا الإرهاب في بريطانيا كما نعاني الآن من الوثنيين، لقد سكب الهمجيون دم القديسين حول المذبح، وسحلوا أجساد القديسين في هيكل الرب، مثل الروث في الشوارع”.
ومن هنا جاءت بداية الفايكنج، ومن ثم توالت سلسلة من الهجمات البربرية والوثنيةن ويمكننا القول أيضا بأن الفايكنج هم أكثر الجيوش وحشية في تاريخ إنجلترا في فترة القرون الوسطى.
اللغات التي تحدث بها الفايكنج
في حقيقة الأمر أن لغة الفايكنج كانت معتمدة على المنطقة التي كانوا يمكثون بها، حيث أن استمر عصر الفايكنج حتى فترةٍ طويلةٍ، واتسع إلى مناطقَ كثيرة من أوروبا الشمالية، فكانت لديهم القدرة على التحدث بأيّ لغةٍ على حسب مكان تواجدهم. فمن اللغات التي تحدثوا بها:
اللغة الإسكندنافية القديمة: كانت هذه اللغة شائعةً لدى الإسكندنافيين والمستوطنات النوردية من القرن التاسع وحتى القرن الثالث عشر.
Proto-Norse اللغة ما قبل الإسكندنافية القديمة: أما هذه اللغة فكانت شائعةً فترة ما قبل القرن الثامن، حيث أنها كانت تعتبر أيضا لغة شمال ألمانيا.
اللغة الإسكندنافية القديمة: فكانت هناك عدة لهجاتٍ مشتقة منها حسب المكان، فمثلا: اللغة الإسكندنافية الشرقية القديمة، واللغة الإسكندنافية الغربية القديمة، واللغة الجرمانية القديمة.
اللغة الآيسلندية: اللغة الحديثة الخاصة بالفايكنج الذين استوطنوا في آيسلندا في القرن التاسع.
طبقات مجتمع الفايكنج
الطبقة الأولى: طبقة النبلاء المكونة من الملوك والأثرياء.
الطبقة الثانية: والتي تكونت من الأحرار والمزارعين الكبار والتجار وموظفي الدولة.
الطبقة الثالثة: وكانت تلك طبقة العبيد والرقيق، وكانوا عبيد الوراثة أو كانوا أسرى الحروب.
المرأة في عهد الفايكنج
كانت المرأة عند الفايكنج لها كافة الحقوق والاحترام بالمقارنة مع غيرها من نساء أوروبا في ذلك الوقت.
فكانت المرأة في جيوش الفايكنج تتولى السلطة مثل الرجال، والجدير بالذكر أن هناك الكثير من نساء الفايكنج عملت كحارسات للمفاتيح والأملاك والثروات للملوك والملكات.
كانت النساء تخضعن للتدريب على القيادة العسكرية، ونستدل على لك من خلال الوصف التاريخي لمحاربات الفايكنج من صفوف النساء.
بالإضافة إلى أن المرأة هناك كانت مسؤولة عن ثروات الرجال أثناء خروجهم في الحملات والحروب الخارجية.
نهاية الفايكنج
كانت نهاية الفايكنج في معركة “جسر ستامفورد” عام 1066، فهي المعركة الأخيرة لهم في الأراضي الأوروبية بقيادة النرويجي “هارالد الثالث”.
وبتأسيس السلطة الحاكمة في الدول الاسكندنافية انتهى بالفعل دور وعصر الفايكنج، مما آل بهم الأمر إلى أن يعتنقوا الديانة المسيحية.
ولقد سجل التاريخ نهاية عصر الفايكنج بنهاية القرن الحادي عشر في الدول الإسكندنافية الثلاثة، فكانت نهايتهم في النرويج من خلال معركة ستيكلي ستاد، والتي هزم فيها جيوش الفايكنج بقيادة “أولاف هارالادسون” في عام 1030.
من هم الفايكينج حاليا
بعد هزيمة الفايكنج في نهاية القرن الحادي عشر، كانت آن ذاك الكنيسة الكاثوليكية هي صاحبة السيادة في البلاد الأوروبية، فمن تبقى من الفايكنج كانوا معتنقي الديانة المسيحية في ذلك الوقت، ومتبعين قواعد الكنيسة الكاثوليكية وقواعد ملوك أوروبا.
والجدير بالذكر أن ما تبقى من جيوش الفايكنج في وقتنا هذا هم الدنماركيون والسويديون والنرويجيون والآيسلنديون وسكان جريند لاند.