إن عملية البناء الضوئي تعد من العمليات الهامة التي تعتمد النباتات عليها في حياتها للحصول على الطاقة، حيث إنها تحدث من مكان محدد داخل الخلية، ففيما يلي سوف نوضحه لكم:
تحدث عملية البناء الضوئي في البلاستيدات الخضراء أو ما يُطلق عليه الأصباغ داخل الخلية.
فالنباتات تحصل نهارًا على طاقة ضوء الشمس وتعمل على تحويل الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وسكريات.
فلقد حاول العلماء تفسير كيفية حدوث هذا الأمر من خلال وضع الميكروسكوب على بعض النباتات المعرضة مكان حدوث البناء الضوئي في الخلية وتبين لهم أن هذا المكان هو البلاستيدات الخضراء.
إذ إن البلاستيدات الخضراء عبارة عن خلايا عضية لا توجد في الكائنات حقيقيات النواة عدا كل من الطحالب والنباتات الخضراء، حيث إنها لها دورًا هامًا للغاية في عدة عمليات حيوية لازمة لجعل النبات على مستمرًا على قيد الحياة.
تكوين البلاستيدات الخضراء
تتكون البلاسيتيدا الخضراء من ثلاثة أجزاء حيث يشمل الجزء الأول أغلفتها بينما الجزء الثاني يقع فيه منطقة الجرانا والجزء الثالث يحتوي على منطقة السدى كما سنبين لكم فيما يلي:
أغلفة البلاستيدات الخضراء
لقد وجد العلماء والباحثون البلاستيدات الخضراء في الطبقة المتوسطة للخلية النباتية الموجودة بأوراق النباتات على هيئة جسم بيضاوي يتسم بكونه محدبًا الوجهين.
كما وجدوا عدد لا بأس به من البلاستيدات الخضراء أيضًا في السيقان لا سيما داخل الأنسجة البرنشيمية.
إذ بلغ حجمها ما يتراوح من 4 إلى 6 ميكرومتر في حين أن قطرها بلغ من 1 إلى 3 ميكرومتر.
ومن الجدير بالذكر لقد اتضح لهم وجود تشابه كبير بين أغشية البلاستيدات الخضراء وأغشية الخلية العضلية التي تنتج الطاقة ويُطلق عليها الميتوكوندريا، حيث تمتلك البلاستيدات الخضراء غلافين يبلغ سمكهما معًا 10 نانومتر تقريبًا وهما:
الغلاف الخارجي: يتسم بكون معدل نفاذيته أكبر وذلك بالنسبة للجزيئات العضوية.
الغلاف الداخلي: يكون معدل نفاذه للجزيئات العضوية أقل لأنه يحتوي على بروتينات النقل.
منطقة الجرانا
تقع منطقة الجرانا والتي مفردها اسم جرانوم داخل البلاستيدات الخضراء.
فلقد أطلق العلماء هذه المنطقة لفظ الغشاء الداخلي الثالث.
وذلك لأنها تتكون من مجموعة من الأقراص المتراصة حيث تُسمى الصفائح أو الثايلاكويدات.
ويبلغ عدد هذه الأقراص داخلها نحو 15 قرصًا أو ربما أكثر نسبيًا في كل جرانوم.
فهذه المنطقة هي المسؤولة عن تجميع الطاقة الضوئية من الشمس بهدف تحويلها بفاعلية إلى طاقة كيميائية.
إذ ما يساعدها على ذلك وجود عدد من الأصباغ فيها من أهمها الصبغة الخضراء المساهمة في عملية التمثيل الضوئي وهي صيغة الكلوروفيل.
منطقة السدى
تُسمى منطقة السدى باسم منطقة الستروما أيضًا، حيث إنها المنطقة التي تشمل الجرانا.
وتحتوي هذه المنطقة على سائل قلوي ومائي وبلا لون.
حيث إنه يتميز باحتوائه على الحمض النووي والإنزيمات والبروتين بالإضافة الريبوزومات.
التطور الجيني للبلاستيدات الخضراء
أقام العلماء بإجراء بعض الأبحاث لمعرفة أصل وتكوين البلاستيدات الخضراء والتطور الجيني لهم حيث إنهم توصلوا باستنتاجاتهم إلى ما يلي:
تنحدر البلاستيدات الخضراء مثل البلاستيدات البيضاء والكروموبلاستيدات من عائلة البروبلاستيدات.
حيث إن هذه العضيات كانت في الحقيقة عبارة عن بدائيات النوى (بكتيريا زرقاء).
إذ يعزى السبب وراء ذلك إلى وجود الحمض النووي (cpDNA) فيها خارج النواة حيث إنه يساهم في عملية البناء الضوئي والنقل للأشرطة الجينية وعمليات النسخ.
وتعد هذه البلاستيدات بمثابة شبه مستقلة مثل الميتوكوندريا، فلقد تطورت من بكتيريا كانت تعيش بحرية في السابق.
استجابة البلاستيدات الخضراء للضغوط البيئة والحيوية
تلعب البلاستيدات الخضراء دورًا كبيرًا في مساعدة النباتات على التأقلم مع الظروف البيئية المختلفة والتي تزيد من خطر تعرضها للضرر كاضطرابات الحرارة واضطرابات درجة ملوحة الماء وكذلك حالة التربة، إذ إنها تساهم في مجاهدة هذه الاضطرابات كالآتي:
الاستجابة للإجهاد الحيوي
يوجد حول النبات الأخضر مجموعة متنوعة من الفطريات والمفصليات حيث إنها تلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بالأمراض البكتيرية والفيروسية.
كما أنها تؤثر على بعض العمليات الحيوية لدى هذا النبات مثل عملية التمثيل الضوئي.
ولكنها لا تستطيع القيام بذلك نظرًا لوجود البلاستيدات الخضراء، فلقد تم تطوير جيناتها بشكل جيد لتصبح بمثابة أهم خطوط الدفاع عن النبات الأخضر من العوامل الضارة.
حيث إنه عند وجود أي عدوى مرضية تعمل البلاستيدات الخضراء على مد أنابيب ديناميكية يُطلق عليها اللحمات لكي تتواصل مع النواة.
مما يترتب عليه تراكم البروتين في الخلية وتكوين خط قوي ومناعي.
فمن أشهر الأمثلة على ذلك البلاستيدات الخضراء الموجودة في نبات الأرز إذ وجد الباحثون أنها تقاوم فطر (Magnaporthe oryzae) وذلك بواسطة فسفرة بروتين (II LHCB5) والذي يعمل على تحسين عملية التمثيل الضوئي.
الاستجابة للإجهاد الحراري
تستطيع البلاستيدات الخضراء التأقلم بفاعلية مع الإجهاد الحراري الناتج عن كل من درجات الحرارة المرتفعة وكذلك الحرارة المنخفضة، حيث إنها حساسة لهذا الإجهاد على الرغم من اختلاف درجات الحرارة من نبات لآخر، إذ تكون طريقة استجابتها له كالآتي:
الاستجابة للإجهاد الحراري الناتج عن درجات الحرارة المرتفعة
من المعروف أن النباتات الخضراء تعتمد على الضوء بشكل كلي في عملية البناء الضوئي.
حيث إنها تتأثر بفاعلية باضطرابات درجات الحرارة.
فإذا ارتفعت درجة الحرارة لما يتراوح من 10 إلى 15 درجة مئوية تستجيب البلاستيدات لهذا الارتفاع أثناء عملية التمثيل الضوئي.
إذ تجعل صبغة الكلوروفيل أقل لا سيما إن كانت درجات الحرارة زائدة بشكل ملحوظ عن الحد الأمثل.
أما إذا كانت درجات الحرارة زائدة بنسبة قليلة فإن البلاستيدات تزيد من نشاط الإنزيمات المسؤولة عن تصنيع صبغة الكلوروفيل مما يترتب عليه عدم تغير نشاطاها أو قلة إنتاجها.
الاستجابة للإجهاد الحراري الناتج عن درجات الحرارة المنخفضة
عند انخفاض رجة الحرارة عن الحد الأمثل فإنه من المتوقع أن تقل كمية البروتينات المساهمة في عملية البناء الضوئي.
إلا أن البلاستيدات الخضراء تقوم بالاستجابة لهذا الإجهاد الحراري الناتج عن درجات الحرارة المنخفضة من خلال التغير من محتواها وذلك عبر تغير نسبة الأحماض الدهنية غير المشبعة الموجودة في أغشيتها لزيادة قدرة النبات على تحمل درجات الحرارة المنخفضة.
الاستجابة لإجهاد جفاف التربة
إن جفاف التربة يعد من أبرز العوامل المهددة للنبات الأخضر.
فالبلاستيدات الخضراء تحاول جاهدة في السيطرة عليه من خلال القيام ببعض العمليات الحيوية لتنظيم الجينات التي تستجيب لإجهاد جفاف التربة.
وهو ما يؤدي إلى خفض مخزون النيتروجين إلى جانب محتوى الخلية من الكلوروفيل بهدف تعزيز قدرة النبات على البقاء في الظروف الجافة المحيطة به.
الاستجابة لإجهاد تغير درجة ملوحة التربة
تستجيب البلاستيدات الخضراء لإجهاد تغير درجة ملوحة التربة بفاعلية.
وذلك من خلال مساعدة النباتات على نقل البروتين إليها حتى تقوم برفع مدى تحمل الضغط الملحي.
وظيفة البلاستيدات الخضراء
لن تقتصر وظيفة البلاستيدات الخضراء على المساعدة في عملية البناء الضوئي وفي تصنيع الأصباغ اللازمة لتوفير الغذاء لمختلف النباتات الخضراء كالكاروتينات والكلوروفيل، بل إنها تتضمن أيضًا ما يلي:
إنتاج غاز الأكسجين بالإضافة إلى مركب NADPH عبر عملية التحلل الضوئي للماء.
خفض نسبة النيتروجين والكبريت.
إضفاء اللون الأخضر بفاعلية على النباتات من خلال إنتاج صبغة الكلوروفيل.
القيام أثناء دورة كالفين أو ما يُعرف بالتفاعل المظلم لعملية التمثيل الضوئي بتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى سكريات وكربوهيدرات.
التواصل مع النواة عبر إرسالها إشارات رجعية لها بهدف حماية النباتات من الضغوط البيئة.
تصنيع المركبات العضوية اللازمة لإتمام عملية التمثيل الغذائي وهي:
الأحماض الدهنية.
الأيزوبرينويدات.
رباعي بيرول.
الأحماض الأمينية.
البيريميدين.
المستقبلات الثانوية.
البنتوز اللازم لتراكم الأحماض النووية.
مراحل عملية التمثيل الضوئي
تمر عملية التمثيل الضوئي والتي تقوم بها الخلايا النباتية والطحالب لتحويل الطاقة الضوئية إلى سكر وجزئيات عضوية أخرى بهدف استعمالها كغذاء بمرحلتين وهما:
المرحلة الأولى
في هذه المرحلة تتم التفاعلات المعتمدة على الضوء.
حيث يتم التقاط ضوء الشمس عبر صبغتي الكاروتينات والكلوروفيل وذلك حتى يتم تكوين كل من:
أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP عملة الطاقة في الخلية).
أما في هذه المرحلة فإنه يحدث تفاعلات الضوء المستقلة والتي تُعرف باسم دورة كالفن.
حيث خلالها يتم تحويل الإلكترونات المحمولة بواسطة فوسفات نيكوتيناميد الأدينين ثنائي النوكليوتيد (NADPH) إلى ثاني أكسيد الكربون غير العضوي ثم إلى جزيء عضوي يكون على هيئة كربوهيدرات.
حيث تُسمى هذه العملية باسم تثبيت ثاني أكسيد الكربون.
وهي تلعب دورًا كبيرًا في تخزين الكربوهيدرات والحزئيات العضوية حتى يتم استخدامها للحصول على الطاقة فيما بعد.