السياحة من أكثر المجالات التي تساهم في زيادة الدخل القومي في العموم، لذلك تسعى الدول المختلفة لمحاولة جذب أكبر عدد ممكن من السياح، ومحاولة توفير لهم جميع الأجواء المميزة التي سوف يحتاجونها من أجل تقضية وقت سعيد ومميز، ولهذا السبب توجد العديد من الأشياء والظواهر التي تعيق السياح من أن يستمتعوا في الدولة التي يزورونها من أهم هذه الظواهر هي ظاهرة التسول.
حيث أن التسول يعتبر من أكثر الظواهر المنتشرة في العديد من المجتمعات، سواء كانت هذه المجتمعات عربية أو أجنبية، حيث أن هذه الظاهرة بالتحديد تظهر بسبب العديد من العوامل التي تخص العالم بأجمعه وليس المجتمع فقط، بمعنى أصح في حال حدوث أزمة اقتصادية يعاني منها العالم كله، فهذا بالطبع سوف يزيد من معدل التسول في العديد من المجتمعات.
ولا شك أن التسول يعتبر من أكثر الظواهر التي تُعد سلبية وسيئة ولها تأثير ضار جدا على المجتمع الذي تنتشر فيه هذه الظاهرة، حيث أن هذا يعطي إيحاء أن الدول المنتشر فيها مثل هذا النوع من الظواهر دولة تجعل أفرادها دائما في حالة من الاحتياج والعوز، وهذا بسبب أنها دائما تجعلهم في حالة من الفقر الشديد، وإضافة على ذلك فهذا يدل بالطبع أن الدولة لا تستطيع تلبية حاجة مواطنيها ولا توفير لهم ما يحتاجون من مأكل وملبس ومشرب.
تعريف ظاهرة التسول
هناك العديد من التعريفات التي اهتمت بتعريف ظاهرة التسول حيث قام العديد من المختصين بدراسة هذا الظاهرة بتعريفها بأنها واحدة من العادات السلبية التي يقوم فيها الشخص بطلب المساعدة من الغير، وهذا يتم بشكل كبير في الشارع حيث يقوم الشخص بمد يديه رغبة منه في نيل نقود أو مساعدة عينية من الأشخاص المارين في الشارع.
يعرف التسول بأنه: طلب شخص ما أو مجموعة من الأشخاص لأي نوع من أنواع المال أو الطعام، وخاصةً في الشارع.
كما هناك العديد من الدراسات التي قامت بربط ظاهرة التسول بظاهرة التشرد حيث أن هناك بحوثاً قامت في السابق أثبتت أن حوالي 80% من المتسولين يعتبرون بدون مأوى أو سكن، وهذا ما يجعلهم يلجأن للتسول من أجل الحصول على أي من الأموال أو الأشياء الأخرى التي تساعدهم على المعيشة.
وهذا يجعلنا نقول ونؤكد على أن المتسولين يعتبرون من الفئات الضعيفة في المجتمع التي تحتاج إلى المساعدة، فهم يعانون من العديد من المشكلات التي تؤثر بالسلب على حياتهم، ومن أبرز هذه المشكلات هي مشكلة الفقر والاحتياج.
وهناك عدة من الدراسات الأخرى التي أجرتها جامعة جلاسجو بأن التسول يتعلق بالجشع بشكل كبير، حيث أن هناك العديد من المتسولين الذين يقومون بالتسول وهم لديهم المأوى والمسكن، بل أنهم يقومون بالتسول فقط من أجل الحصول على المزيد من الأموال، ولكن هناك عدداً كبيراً من المتسولين يقومون بالتسول من أجل الحصول على العديد من الأموال التي تمكنهم من شراء المخدرات والكحوليات.
كما أن عدداً آخر من الدراسات قد أرجع ظاهرة التسول إلى كونها متعلقة بزيادة البطالة في المجتمع، حيث أنهم قالوا أن التسول يعتبر نتيجة سلبية لزيادة عدد الأشخاص الذين لا يعملون ولا يتوفر لديهم أي دخل لذلك لا يجدون إلى التسول حتى يحصلوا على الأموال.
ما هي أسباب التسول؟
هناك العديد من الأسباب التي تؤدى لانتشار ظاهرة التسول أهم هذه الأسباب ما يلي:
الحاجة والاحتياج “الفقر”: يعتبر هذا السبب هو أكثر الأسباب التي تجعل الأشخاص يلجأن للتسول حيث أن هناك العديد من الدول التي لا تستطيع توفير أي من فرص العمل لجميع مواطنيها، لذلك فهم يلجئون إلى التسول، وهذا ما يجعلنا نقول أن التسول هو نتيجة صريحة لوجود الفقر والبطالة في المجتمع الذي ينتشر فيه التسول.
سداد الديون: هناك العديد من الأشخاص الذين يقومون بالتسول رغبة منهم في أن يقوموا بسداد بعض الديون التي لحقت بهم، حيث أنهم قد اضطروا للسلف والدين من أجل سد متطلباتهم وحجتاهم الأساسية، أو من أجل تزويج أولادهم مثلا، وهذا ما يجعلهم بعد ذلك يعانون من العديد من المشكلات التي تنتج عن تعذرهم في سداد الدين، وهذه المشكلات مثلا تتمثل في زيادة معدل الغارمين والغارمات في السجون.
الإعاقة الجسدية أو العقلية: فقد نجد أن معظم الأشخاص المتسولين قد يكون لديهم مشكلة ما متعلقة بصحتهم العقلية، أو أنهم مثلا قد يعانون من أحد الأمراض الصعبة التي أثرت على جسدهم بشكل ما وهؤلاء الأشخاص بالتحديد نجدهم منتشرين وموجودين بنسبة كبيرة بالقرب من الأماكن الدينية، فعلى سبيل المثال نجدهم موجودين دائما بالقرب من المساجد أو الكنائس.
الأطفال: هذه الفئة بالخصوص لها علاقة بالعديد من العوامل المتشعبة في المجتمع مثل ظاهرة أطفال الشوارع، وكذلك هناك عدة دراسات أثبتت أن ظاهرة تسول الأطفال في الشارع قد زادت بزيادة معدل الطلاق، وهذا ما يجعلنا نقوم بالربط بين ظاهرة تسول الأطفال وظاهرة التفكك الأسري.
كيف تتأثر السياحة بظاهرة التسول
مع الأسف تعتبر ظاهرة التسول من أكثر الظواهر التي تترك انطباع سيء لدى السياح، فهي تجعل السياح يظنون أن الدولة التي ينتشر فيها هذه الظاهرة تعتبر دولة ضعيفة غير قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها.
هذا بالإضافة إلى أن هذا الانطباع السيئ لا يكون فقط خاص بالدولة ولكن العديد من السياح يظنون أن المجتمع الذي ينتشر فيه هذه الظاهرة يعتبر مجتمع فقير، لذلك يظن العديد من السائحين أن جميع سكان هذه المجتمع هم فقراء ومتسولين، وهذا بالطبع يعطى صورة سيئة عن الدولة ومواطنيها ويجعل السياح لا يريدون زيارة هذه الدولة مجدداً.
وفي حال أن السائحين في العموم يشعرون بالضيق من انتشار هذه الظاهرة في شوارع الدولة التي يقومون بزيارتها فهذا بالطبع سوف يجعلهم يتجنبون التجول في هذه الدولة، أو يتجنبوا النزول إلى الأسواق أو زيارة الأماكن السياحية وهذا بالطبع سوف يؤثر سلباً على الدخل القومي، حيث يوجد العديد من الدول التي يعتمد دخلها القومي على السياحة بشكل رئيسي.
أضرار انتشار ظاهرة التسول
هناك العديد من الآثار السلبية التي تنتج عن انتشار ظاهرة التسول في المجتمعات من أهم هذه الآثار ما يلي:
ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع، حيث أن التسول مرتبط بالجشع كما ذكرنا في السابق وهذا يجعل عدداً معيناً من المتسولين يلجأون للسرقة مثلا، أو لمجموعة أخرى من الحيل التي تتعلق بالنصب والاحتيال، وهذا ما يجعل المعدل الخاص بالجريمة في المجتمع يزداد بكثرة.
الاستغلال الجسدي، وهذا يعتبر من أكثر الآثار التي تمثل خطورة، حيث أن نظراً لزيادة التسول هذا قد يتبعه بالطبع حدوث أشكال متنوعة من الاستغلال الجسدي سواء للأطفال المتسولين، أو من الممكن أن يكون هذا الاستغلال موجهاً للنساء المتسولات، حيث أنهن من الممكن أن يتعرضن لأشكال عديدة من التعدي الجسدي مثل التحرش والعديد من المضايقات الأخرى، هذا بالإضافة إلى أن ظاهرة التسول متعلقة تماماً بزيادة معدل انتشار جريمة تجارة الأعضاء في بعض المجتمعات.