ابحث عن أي موضوع يهمك
حينما جاء الأمر الإلهي إلى خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة والتي كانت تُعرف بـ (يثرب) حينذاك، لم يجد النبي أمامه مفراً من اشتداد أذى الكفار في حقه والمؤمنين سوى الهجرة، لتكون الهجرة النبوية من مكة إلى المكينة هي الحد الفاصل في تاريخ الدعوة الإسلامية بوجه عام، وبعد وصول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالفعل إلى المدينة المنورة فقد توافدت عليه من أهلها العديد من الهدايا تعبيراً من أهل المدينة عن فرحتهم بقدوم النبي إليهم وحبهم له وتأييدهم للدعوة الإسلامية، وكانت الهدية الأولى التي قُدمت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل المدينة هي هدية الصحابي زيد بن ثابت الخزرجي الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ وكانت الهدية الأولى تتمثل فيه ( قطعة من الخبز وبجوارها القليل من اللبن والسمن).
جاءت هجرة النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة هرباً من اشتداد أذى الكفار بالمسلمين والنبي الكريم، فلم يجدوا أمامهم حلاً سوى الذهاب إلى المدينة، حيثُ جاءت هجرتهم لتكون حفظاً للدين الإسلامي من بطش الكفار وكذلك حفظ للنبي الكريم وأرواح المسلمين من بطش أعداء الدين والكفار، كما كان للهجرة دور كبير في نشر الرسالة الإسلامية إلى مختلف القبائل العربية المجاورة، وحينما دخل النبي الكريم إلى المدينة المنورة للمرة الأولى كان أول ما تحدث به إلى أهلها:
جاء الحديث الشريف برواية عبد الله بن سلام ـ رضي الله عنه ـ حيث قال: “لمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ المدينةَ، انجَفلَ النَّاسُ قبلَهُ، وقيلَ: قد قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ ثلاثًا، فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: “يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ”، وبناءً على ذلك فإنَّ أول ما نطق به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة المنورة هو: “يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ”.
اضطر النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعدما تعرض والمسلمين إلى مختلف أنواع العذاب والأذى من الكفار، حيثُ تكالبت عليه جهود كفار مكة لإبعاده عن المسلمين إلا أنه قد تمكن برعاية الله وحفظه من الهجرة إلى المدينة المنورة، لتكون الهجرة حفظاً للإسلام من أعداء الدين، وقد كان عمر النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة ثلاثة وخمسين عاماً، أي بعد ثلاثة عشر عاماً من بداية نزول الوحي بالرسالة الإسلامية على النبي الكريم
بعدما وصل النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدأ ببناء المسجد النبوي، وقد كان بناء المساجد في هذا الوقت من أهم الحاجات لدى المسلمين في هذا الوقت، وذلك بعدما عانوا سنوات طويلة من التعبد في الخفاء سراً خوفاً من بطش الكفار، فأدى هذا الأمر إسهاماً كبيراً في نشر الطمأنينة والأمان في نفوس المسلمين، ليبدأ بعدها النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تدعيم أُسس الدولة الإسلامية في البلاد.
تُعد الهدية من السُنن النبوية الحميدة، وهي مظهر للتعبير عن الحب وسبيلاً لبث السعادة والنفوس في قلوب الأشخاص، فللهدية القدرة على تقريب البعيد ووصل الحبال المقطوعة بين الناس، كما تشق طريق المودة بينهم، وتفتح القلوب المغلقة لتنشر المحبة بين الجميع، وقد حرص النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تشريع كافة الأمور التي من شأنها تأليف قلوب المسلمين، ومن الأحاديث الشائعة التي وردت عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله: (تهادوا تحابوا).
وقد كان النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقوم بإهداء الهداية ويقبل الهدايا من الناس، سواء كانت هدية قليلة أم كبيرة ويُثيب صاحب الهدية ويرغب فيها، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ( لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِىَ إِلَىَّ ذِرَاعٌ أو كراع لَقَبِلْتُ)، رواه البخاري، ويُقصد بالكراع مُستدق الساق من البقر والغنم الخالي من اللحم، وفي ذلك فقد قال ابن بطال : “حض منه لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف، والتَحابِ، وإنما أخبر أنه لا يحقر شيئاً مما يُهدى إليه أو يدعى إليه، لئلا يمتنع الباعث من المهاداة لاحتقار المُهدى، وإنما أشار بالكُراع إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية ” .
جاء عن الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ نسب النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم في قوله :” هو أبو القاسم، محمَّد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصَيِّ، بن كلاب، بن مُرَّةَ، بن كعب، بن لُؤَيِّ، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النَّضر، بن كِنانة، بن خُزيمة، بن مُدْرِكة، بن إلياس، بن مضر، بن نِزارِ، بن مَعَدِّ، بن عدنان” .
كانت الهدية الأولى التي قُدمت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل المدينة هي هدية الصحابي زيد بن ثابت الخزرجي الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ وكانت الهدية الأولى تتمثل فيه ( قطعة من الخبز وبجوارها القليل من اللبن والسمن).