خلال المقال التالي نجيب على سؤال ما هي حرية التعبير الهدامة ؟، فحرية التعبير من الحقوق الأساسية للإنسان والتي من المفرض أن ينتج عنها الخير والفائدة للمجتمع والدولة، ولكنها في بعض الأحيان قد تسبب الضرر للمجتمع نتيجة الاستخدام الخاطئ لهذا الحق وعدم إدراك المسئولية المترتبة عليه، ولذلك يجب أن تكون حرية التعبير محددة بضوابط وحدود حسب الدولة والقانون ويب على الفرد الالتزام بالمسئولية المترتبة على حريته في التعبير عن رأيه، خلال السطور التالية نتعرف معاً على مفهوم حرية التعبير وضوابطها وأنواعها وآثراها على المجتمع، نقدم لكم هذا المقال عبر مخزن المعلومات.
حرية التعبير الهدامة هي الحرية التي تؤدي إلى الفوضى ونشر الفتن مما يؤثر بصورة سلبية على استقرار الدول والمجتمعات.
حرية التعبير للإنسان تصاحبها مسئولية عن أفعاله وعواقبها فلا أحد يجبره على قول شيء معين وبالتالي فإنه مسئول عن عواقب ما يقوله.
مفهوم حرية التعبير
حرية التعبير هي حرية الحديث عن الأفكار وطرحها ومناقشتها مع المجتمع دون أن يتعرض صاحبها للمسائلة أو الاضطهاد بسبب أفكاره، وتكون حرية التعبير مكفولة في نطاق قوانين الدولة حيث تجرم بعض الدول التعبير عن الآراء التي تحمل بعض الفحش في القول أو الإهانة للغير بالسب والقذف أو التشهير أو التحريض على العنف والجريمة.
حرية التعبير هي أحد الحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي أحد الحقوق الأساسية للإنسان في أي مجتمع أو دولة، فالإنسان لا يجب أن يكون مروع أو خائف من إبداء رأي يمليه عليه ضميره ويقصد منه الصالح العام.
تعتبر مفاهيم مثل حرية الصحافة من المفاهيم الفرعية لحرية التعبير عن الرأي.
من صفات حرية التعبير البناءة
تنمي حرية التعبير من روح الأخوة والتواصل بين أفراد المجتمع.
حرية التعبير البناءة تساعد على تقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع والتفاهم والحوار بين أصحاب وجهات النظر المختلفة بما فيه الصالح العام وبشكل حضاري وراقي.
حرية التعبير البناءة هي أن يتجرد الأشخاص من تعصبهم لآرائهم ويبتغوا فقط المصلحة العامة مع الاستعداد للتراجع عن الرأي الخاطئ.
حرية التعبير البناءة هي أن يعرض الشخص رأيه ويناقشه مع غيره من أفراد المجتمع ليصل إلى الحق لا أن يثبت أن رأيه هو الحق فالحق المطلق عند الله عز وجل وما ندركه نحن من الحق هو مجرد رأي قد يصيب وقد يخطئ.
حرية التعبير عن الرأي لا تتضمن الإساءة للغير فيجب على الإنسان ألا يسيء لغيره برأيه ويعتبر أن ذلك من الحرية في شيء.
حرية التعبير عن الرأي تكفل للفرد التعبير عن رأيه للصالح العام والسعي للخير للمجتمع لا للمجد الشخصي أو إثارة الجدل لاكتساب الشهرة.
ضوابط حرية التعبير
التزام الفرد بالضوابط الدينية والشرعية والتعبير عن الرأي بدون تجاوز في حق الآخرين.
الالتزام بنصرة الحق والبحث عن المصلحة العامة وليس المجد الشخصي أو الشهرة.
إدراك أن بعض آراء الفرد يمكن استغلالها أحياناً لتصفية حسابات سياسية بين أطراف متصارعة على السلطة وعدم السماح باستغلال الرأي الشخصي في معارك تصفية الحسابات.
أحترام حق الآخرين في التعبير عن آرائهم فحرية التعبير لا تكال بمكيالين، فكما يقوم الإنسان بانتقاد الآخرين يجب أن يتقبل النقد منهم.
أن يكون الفرد حريصاً على حرية المخالفين له في التعبير عن رأيهم بقدر حرصه على التعبير عن رأيه فلا يجوز أن يملك حقاً يُنكره على غيره أو يسعى للاستئثار به.
أن يعبر الإنسان عن رأيه بشجاعة وصراحة دون خوف من أحد وفي الوقت نفسه أن يعلم أنه مسئول عن هذا الرأي أمام الله أولاً ثم أمام المجتمع والقانون.
أن يراعي الفرد في تعبيره عن رأيه مصلحة المجتمع والوطن والدولة وأن يكون رأيه نقداً بناءً لا نقضاً يدمر المجتمع أو يتسبب له في أضرار تضرب استقراره.
التزام الفرد بأن يكون رأيه في إطار ما يكفله القانون فلا يتجاوزه بالتحريض على العنف أو الإساءة للغير أو نشر أخبار كاذبة.
أنواع حرية التعبير
تنقسم حرية التعبير للفرد أو المواطن إلى عدة أنواع فرعية وهي:
حرية الصحافة والإعلام: وهي حرية الصحافة والإعلام في القيام بدورهم كسلطة رابعة في الدولة وممارسة الرقابة على السلطات الثلاثة وتقويم ما بهم من انحرافات من خلال كشفها والحديث عنها وعرضها للرأي العام.
حرية النشر والتأليف: وهي حرية الكُتاب ودور النشر في إصدار الكتب أو كتابة المقالات والخواطر التي تحتوي على أي أفكار دون مصادرة أو رقابة إلا من القارئ أو لمخالفة قانونية كالتحريض على العنف أو السب والقذف وغيرها من جرائم الرأي.
الحرية النيابية: وهي حرية النواب المختارين من الشعب في التعبير عن آرائهم داخل المجلس النيابي وانتقاد أداء السلطة التنفيذية دون التعرض لاضطهاد أو تهديد أو غيره من وسائل الإرهاب، وتكفل بعض الدول حصانة قانونية لأعضاء المجالس النيابية لضمان حرية تعبيرهم عن آرائهم دون خوف من السجن أو تلفيق التهم.
حرية الانتخاب: حيث أن الانتخاب واختيار الممثلين في المجالس النيابية أو أي منصب عام هو في الأساس صورة من صور التعبير وبالتالي فإنه يجب ان يكون للناس الحرية في الاختيار دون إجبار أو تهديد أو تزوير لإرادتهم.
آثار حرية التعبير
تزيد حرية التعبير من ثقة الفرد بنفسه وإدراكه لقيمته في المجتمع ومشاركته الإيجابية الفعالة في تحقيق الصالح العام.
تقويم الانحرافات السلطوية في المجتمع من خلال ممارسة الرقابة على الأشخاص في مواقع السلطة وكشف انحرافاتهم أو إهمالهم أو تقصيرهم في حق المجتمع والدولة.
تحقيق الاستقرار في الدولة من خلال إفساح المجال للرأي المعارض وهو ما يساعد على تخفيف الشعور بقمع الآراء والذي قد يؤدي لانفجار شعبي أو ثورة تهدد استقرار المجتمع.
استكشاف طاقات وخبرات الآراء في المجتمع حيث تفيد حرية الرأي في إبراز الأشخاص ذوي الآراء والخبرات المميزة وتتيح لهم عرض أفكارهم بحرية مما قد يسمح بالاستفادة من أفكارهم.
زيادة فعالية دور الإعلام في المجتمع حيث أن حرية التعبير للإعلام والصحافة تساعد على أداءهم لوظائفهم بصورة أفضل وتحقيق تأثير أكبر من خلال دورهم.
تنمية الديمقراطية في المجتمع ومساعدة الشعب على معرفة الكوادر المميزة من المعارضة وتجربة أفكارهم من خلال انتخابهم وإيصالهم للسلطة.
فرز الكوادر في المجتمع وزيادة قدرة المواطنين على معرفة الصالح من الفاسد أو السفيه في مجال السياسة من خلال الاستماع لكافة الآراء المختلفة وتقييمها وتقييم أصحابها.
مساعدة الحكومات الديمقراطية في أداء وظيفتها بصورة أفضل من خلال الاستماع لأصوات المواطنين ونقدهم لأدائها مما يساعد على تصحيح الأخطاء والاستفادة من الأفكار والمقترحات.
أنواع الحرية
حسب تقسيم الفيلسوف البريطاني “أشعيا برلين” فإن حرية الإنسان تنقسم لنوعين من المفاهيم وهما:
الحرية الإيجابية
هي مفهوم الحرية التي يدرك فيها الإنسان أنه حر ولكنه مسئول عن أفعاله بسبب حريته فكونه حراً يجعله مسئولاً عن عواقب أفعاله لأن أحداً لم يجبره على فعلها.
ينطلق مفهوم الحرية الإيجابية من إيمان الفرد بالسيادة الذاتية والتي تتلخص في جملة:”أنا سيد نفسي”.
مفهوم السيادة الذاتية هو الذي يجعل الإنسان يحسب أفعاله قبل ارتكابها لإيمانه بمسئوليته عنها فهو سيد نفسه ومسئول عن كل ما يفعل أمام الله في الآخرة والبشر والقانون في الدنيا.
الحرية السلبية
هي مفهوم الحرية الذي يتنصل به الإنسان من مسئوليته عن أفعاله بدعوى الحرية، فهو حر يفعل ما يشاء ولا يكترث لما قد يترتب على أفعاله ولا يحق لأحد أن يقيد حريته في فعل ما يريد.
ينطلق مفهوم الحرية السلبية من فكرة انتفاء العبودية والتي تتلخص في جملة:”لست عبداً لأحد”.
مفهوم انتفاء العبودية هو الذي يجعل الإنسان يتشبث بحريته في التعبير عن رأيه الهدام الذي يتجاوز حدود القانون وينكر على الآخرين عقابهم له بدعوى أنه حر في رأيه وأنه غير مسئول عما قد يترتب على هذا الرأي لكونه حراً ومن يتبعون رأيه أحرار والرأي لا يجبر أحداً على شيء.
رغم الاختلافات الجوهرية بين الحرية الإيجابية والسلبية إلا أن كلاهما ضروري لتطور واتساع مظلة الحريات في المجتمعات، حيث أن الحرية السلبية هي ما يجعل جهات التشريع تضع قوانين تكفل المزيد من الحريات تلبية لمطالب المواطنين وحفاظاً على استقرار المجتمع.
إلى هنا ينتهي مقال ما هي حرية التعبير الهدامة ، عرضنا خلال هذا المقال إجابة السؤال المذكور كما تحدثنا عن مفهوم حرية الرأي وصفاتها وأنواعها وضوابطها وآثارها، كما تحدثنا في الفقرة الأخيرة عن أنواع الحرية من وجهة النظر الفلسفية وتأثيرها على حرية التعبير، نتمنى أن نكون قد حققنا لحضراتكم اكبر قدر من الإفادة.