تُعد سورة الطلاق من السوّر المدنيّة التي تنزلت آياتها البالغ عددها 12 آية في المدينة المنورة، وتقع سورة الطلاق في الجزء الثامن والعشرين، وهي في الترتيب الخامس والستين بالمصحف الشريف، وتنزلت سورة الطلاق بعد سورة الإنسان مختصةّ بالحديث عن أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية، وقد بدأت السورة الكريمة آياتها بأسلوب النداء إلى خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ولم يثبت شرعيّاً وجود أية فضائل لسورة الطلاق في جلّب الرزق أو تفريج الكرب وفكّ السحر وغيرها من هذه الأمور، إلا أنها جاءت موضحةً للكثير من أحكام الطلاق الواردة في سورة البقرة.
وقد جاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، قال : “من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضة ، أعاذه اللّه أن يكون يوم القيامة ممّن يخاف أو يحزن ، وعوفي من النار ، وأدخله اللّه الجنّة بتلاوته إيّاهما ومحافظته عليهما ، لأنّهما للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم”، كما قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ “إذا كتبت ورشّ بمائها في موضع لم يأمن من البغضاء ، وإذا رشّ بمائها في موضع مسكون وقع القتال في ذلك الموضع وكان الفراق”.
فوائد ومقاصد سورة الطلاق
حالياً من ينظر في حال الكثير من الأشخاص يجد أنهم قد ابتعدوا عن منهج الله ـ عز وجل ـ خاصاً فيما يتعلق بالبيوت والمعاملات مع الزوجات والأبناء، إلا أن سورة الطلاق قد جاءت موضحةً للمبادي السليمة التي يجب أن تسير عليها الأمة الإسلامية مع الزوجة في حالة الطلاق حيثُ وجّه الله تعالى نبيّه محمد وأمته إلى تفاصيل المعاملة مع الأزواج، وذلك على النحو التالي:
أوضحت السورة أن الطلاق لا يجب أن يحدث إلا والمرأة مستقبلة لقضاء عدّتها، وهذا الأمر لا يحدث إلا عندما تكون الزوجة طاهرة لم تُمس من زوجها فيه، وذلك لقوله تعالى:” فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”.
ضرورة أن يقوم الأزواج بإحصاء أيام العدّة بعد الطلاق، وأن يتم عدّها عداً حتى لا يحدث أية غلط في الأيام.
لا يجوز للرّجل أن يُخرج زوجته بعد أن طلقها من منزلها، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، فإن تطلّب ألأمر يكون عليه هو الخروج من المنزل ويتركها لقضاء عدتها به.
من غيّر الصحيح أن تجمع المرأة ملابسها وتخرج من بيتها ذهاباً إلى بيت أهلها فور الطلاق كما تفعل الكثير من النساء، وذلك لقول الله تعالى:”(لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ”.
توضّح السورة الكريمة أن الأشياء التي يفرضها الله ـ عز وجل ـ علينا ويأمرنا بها هي حدود الله التي لا يجوز لأحد أن يتعداها، ومن تعداها فقد ظلم نفسه ظلماً كبيراً، فمن يتعدى حدود الله يضر نفسه فقط ولا يضر شخص آخر.
يترتب على بقاء الزوجة في منزلها بعد الطلاق احتمالية رجوع الزوجيّن مرة أخرى، حيثُ أن رؤية الزوج لزوجته خلال قضاء مدة العدة أو شهور الحمل قد تجعلهما يتصافيا مرة أخرى، وذلك في قوله تعالى:”لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا”.
على الزوج حين تطليق زوجته أن يحسن أليها ولا يهينها ويمنحها كافة حقوقها، فلا يعني الطلاق نسيان الفضل الذي كان بينهما، فأما أن يستمر الزوج بمعروف أن يتطلق الزوجان بالمعروف أيضاً، وذلك لقوله تعالى:”فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ”.
حال رجوع الزوج إلى زوجته خلال شهور العدة، فيجب أن يكون هناك شهود من ذوي العدل على الأمر، ,ان يُقيم الشهود شهادتهم لله تعالى، حتى لا يمون فيها خلل بعد ذلك.
جاء قول الله تعالى “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرً” للإشارة إلى أن من يتوكل على الله في جميع أموره في الزواج، النكاح، الطلاق، الرجوع، الإشهاد فالله وحده هو حسبّه، فهو عالم الغيب والشهادة ويمنح كل إنسان على قدّر ما يحمله قلبه من الإيمان.
أوضحت السورة الكريمة أن عدّة المرأة التي بلغّت سن اليأس أي انقطع عنها الحيض هي ثلاثة أشهر، بينما المرأة التي لم تحضّ بعد ثلاثة أشهور أيضاً.
وفيما يتعلق بالمرأة الحامل فإن عدّتها تنقضي بانتهاء حملها بالولادة، فإن طلق الزوج زوجته وهي في أول حملها فإن عدتها تنتهي بالولادة، وهو الأمر ذاته إن طلقها قبل الولادة بلحظات، فإن أيضاً العدة تنتهي بالولادة، وذلك لقول الله تعالى ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
أوضحت السورة الكريمة أن الله عز وجل قد وعد من يتقيه في شئون حياته باليُسر في شئون الدنيا وتكفير سيئاته وتعظيم الأجر والثواب بإذن الله، وذلك لقول الله تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)، ثم قوله: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا).
سبب تسمية سورة الطلاق بهذا الاسم
أشار العلماء إلى أنه قد تمت تسمية سورة الطلاق بهذا الاسم نظراً لنها توضح أحكام الطلاق بين الزوجين، العدة، وما غيرها من أمور متصلة بهذا الشأن، وذلك ما جاء في الآية الكريمة بقول رب العالمين: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْرًا )
فضل سورة الطلاق للرزق
لم تصّح الأحاديث الواردة حول فضّل سورة الطلاق سواء في قراءتها وتلاوتها أو حفظ آياتها عن جلّب الرزق وتوسعته والتقريب بين الأزواج وقضاء الأسباب المؤدية إلى وقوع الطلاق، فالآية القرآنية الكريمة (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(، والآية (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) تشير إلى أن الله عز وجل يمنح الرزق للساعيّن إلى الرزق بجد واجتهاد، ومن يتق الله في العمل يمنحه الثواب العظيم، فالرزق المالي الوافر وإيجاد الحلول لكافة الأزمات والمصاعب في حياة المرء يأتي نتيجة للتوكل على الله في كافة شئون الحياة الدنيا.
أسئلة شائعة
ماذا تعرف عن سورة الطلاق؟
تُعد سورة الطلاق من السور المدنيّة، التي تنزلت آياتها في المدينة المنورة، يبلغ عدد آياتها اثنا عشر آية، وترتيبها في المصحف الشريف هو الخامس والستين، تقع في الجزء الثامن والعشرين، وهي تتحدث عن أحكام الطلاق بين الزوجين في الإسلام، تنزلت بعد سورة الإنسان وبدأت بأسلوب النداء إلى النبي محمد بقوله تعالى “يا أيها النبي”.
