ابحث عن أي موضوع يهمك
للقرآن الكريم سِمات النور والفضية في حياة المسلم، فمن لازمته قراءة القرآن نال فضّلها في حياته وكانت له نوراً في طريقه، وفيما يتعلق بسورة الجمعة فقّد ورّد في فضلها العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، منها ما هو صحيح بإجماع العلماء ومنها ما أُثبّت ضعفه ووضّعه، ومن الأحاديث الدالة على فضّل سورة الجمعة هو ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: “أنَّ النبيَّ – صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الفَجْرِ، يَومَ الجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ”، فمداومة خير الخلق محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قراءتها يوم الجمعة يُعد إحدى فضائلها.
كما ورّد عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :”من قرأ سورة الجمعة أُعطيَ من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين “، وكذلك قول النبي إلى عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ “يا علىّ مَنْ قرأَها فكأَنَّما فُتح له أَلف مدينة، وعُصِم من إِبليس وجنوده، وله بكلّ آية قرأَها ثوابُ المنفِق على عياله”، إلا أن هذا الحديث ضعيف، حيثُ لم يرّد في فضل سورة الجمعة أحاديث نبوية مخصوصة بها.
وقد رويّ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:” من قرأ هذه السورة كتب اللّه له عشر حسنات بعدد من اجتمع في الجمعة في جميع الأمصار ، ومن قرأها في كل ليلة أو نهار ، أمن مما يخاف وصرف عنه كل محذور”.
وفي فضل سورة الجمعة فقد قال الإمام الصادق :”الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربك الأعلى، وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين، فإذا فعل ذلك، فكأنما يعمل بعمل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان جزاءه وثوابه على الله الجنة”، كما قال :” من قرأها ليلاً أو نهاراً في صباحه ومسائه، أمِنَ من وسوسة الشيطان، وغُفرَ له ما يأتي في ذلك اليوم إلى اليوم الثاني”.
كما قال أبي جعفر ـ عليه السلام ـ “إن اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين ، فسنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، ولا ينبغي تركها ، ومن تركها متعمدا فلا صلاة له”.
ورّد في سورة الجمعة العديد من الفوائد التي تعود على المسلم حال قراءتها، ومن بينها:
تُعد سورة الجمعة من السور المدنيّة بالقرآن الكريم حيثُ نزلت آياتها على النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المديّنة المنورة بعد الهجرة، ووفقاً لبعض الأقوال فإن ترتيبها من حيثُ النزول هو الرابع والعشرين، وقد جاء في شأن ترتيب نزولها العديد من الأقوال من بينها أن آياتها قد تنزلت على النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وقت كان فيه يهود المدينة لا يزالون متواجدين بها وعلى قدّر من القوة، لذا فقد ذهبوا إلى نزولها قبل سورة الأحزاب التي ذُكر بها تنكيّل النبي محمد باليهود، كما قال البعض أنها قد تنزلت بعد سورة الصف وفقاً لما جاء في تفسير المراغي.
وقد ذهب الإمام ابن عاشور إلى أن نزول سورة الجمعة جاء في السنة السادسة من الهجرة أي سنة خيبّر، أي أن نزول سورة الجمعة جاء بعد فتح النبي محمد لخيبر، وذلك ما جاء برواية جابر بن زيّد، لذا فإن ترتيبها في النزول هو السادسة بعد المائة، ووفقاً لهذا الترتيب فإن سورة الجمعة قد نزلت قبل سورة التغابن وبعد سورة التحريم.
يتمثل سبب تسمية سورة الجمعة بهذا الاسم في ورود لفظ “الجمعة” في الآية التاسعة منه في قول الله تعالى ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ)، وهو اليوم السابع من أيام ألسبوع عند المسلمين والذي يُقام به صلاة الجمعة، وقد سُميت السورة بهذا الاسم عند الصحابة وفي كافة كُتب التفاسير ولم تُعرف باسم غيره، وقد جاء عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:” كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ الجُمُعَةِ”.
تتحدث سورة الجمعة عن فضّل الله عز وجل على الأمة من خلال بعّث النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ للدعوة إلى الطاعة والهداية بعدما ضّل سعي الناس بالشرك بالله، كما ورّد به تنزيّه لله تعالى من أي نقص، فهو المالك القادر الذي خلق الكون العظي من حولنا، ومن مظاهر قدرته تعالى أنه أرسل النبي محمد بالدعوة إلى أنه أميّة لا تقرأ ولا تكتب وذلك لانحدارهم في الكفر، سوء الأخلاق، عبادة الأصنام التي لا تنفهم ولا تضرهم، فجاء النبي محمد إليهم بالقرآن لتعليمهم السُنة المطهرة ويُزكيهم بالإيمان بعدما كانوا في ضلال.
وقد حذّرت السورة في آياتها الكريمة أمة محمد أن تُقلد قوم نبي الله موسى من اليهود الذين أعرضوا عن العمل بما ورّد من أحكام في التوراة، لذا كانوا مثل الحمير الذين يحملون أشياءً على ظهورهم ولا يدرون ما هي، وفي ختام السورة فقد أمر الله المؤمنين بتلبية نداء الصلاة والسعي لأدائها في المساجد إن نادى المؤذنون للصلاة في يوم الجمعة، مع ترّك التجارة والبيع حتى لا تشغلهم عن الطاعة في وقت الصلاة.
ورّد في كتاب “مسائل حرب الكرماني” عن حبيب بن أبي ثابت، قال: ” كانوا يستحبون أن يقرؤوا ليلة الجمعة سورة الجمعة؛ كي يعلم الناس أن الليلة ليلة الجمعة”، وقراءة القرآن الكريم مُستحبة في أي وقت.