ابحث عن أي موضوع يهمك
جاء عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث عن ميقات أهل الكويت، وهو نفسه الميقات المكاني لأهل المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وميقاتهم هو منطقة (قرن المنازل) والتي تُعرف في الوقت الحالي باسم (السيل).
ويكون على كل من قدم إلى المملكة لعربية السعودية ناوياً أداء مناسك الحج أو العمرة أن يقوم قبل وصوله إلى مكة المكرمة من الرجال أو النساء أن يقوم بأداء الإحرام من منطقة السيل، ولا يقوم بتجاوز هذه المنطقة قبل أن يكون مُحرماً، وفي حالة تجاوزها دون الإحرام منها فسيكون عليه العودة إليها مرة أخرى والإحرام منها، أو يكون عليه دمّ في هذه الحالة أي أن بقوم بفداء أي ذبيحة لله ـ عز وجل ـ ، وبعد وصول المعتمر أو الحاج إلى مكة المكرمة وأداء المناسك بها، فإن أراد هذا الشخص أداء عمرة أخرى أثناء تواجده في مكة المكرمة، فسيكون عليه الإحرام من أقرب مكان حلّ خارج مكة، وهو المكان الذي يُعرف بـ (التنعيم) أو مسجد السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ ثم العودة إلى مكة المكرمة مرة أخرى لأداء مناسك العمرة الثانية.
يُعرف مصطلح (الميقات المكاني) في الفقه الإسلامي بأنه ذاك المكان الذي يتوجب ألا يتجاوزه المسلم القادم للحرم المكي بهدف أداء مناسك الحج أو مناسك العمرة دون أن يكون مُحرماً منه، وبتعبير أخر فإنه ذاك الحد الفاصل بين الحِلّ والإحرام من أجل دخول الحاج أو المعتمر إلى مكة المكرمة وأداء مناسك العمرة أو الحج.
وقد حدّد النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المواقيت المكانية للمسلمين ممن أرادوا أداء مناسك الحج أو العمرة في الحديث الشريف عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا).
أي أن هذه المواقيت المكانية هي المواضع المخصصة لإحرام من يسكن بها أو يمر خلالها من أي مكان للوصول إلى مكة المكرمة، ويُعد الإحرام من الميقات المكاني هو أحد أهم واجبات العمرة التي لا يجب التغافل عنها، وفي حالة تجاوز المسلم الراغب في أداء مناسك العمرة أو الحج للميقات دون الإحرام منه، فسيكون عليه العودة إلى الميقات المكاني مرة أخرى للإحرام منها، أو يكون عليه ذبح أحد الحيوانات لله تعالى.
حين يعقد المعتمر أو الحاج نيته في التوجه إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة أو الحج أو كلا منهما، فإنه يتوجب عليه معرفة كافة المواقيت الزمانية والمكانية للعمرة والحج، وقد جاء الهدف من تحديد المواقيت المكانية في الشريعة الإسلامية الحميدة بأنها تعمل على تعظيم بيت الله الحرام، فقد جعل الله ـ عز وجل ـ له حمى وحصناً، فالحصن هو مكة المكرمة والحمى هو الحرم، ويُعد حرم الحرم هي تلك المواقيت التي لا يُمكن لقاصد الوصول لبيت الله الحرام لأداء مناسك الحج أو العمرة تجاوزها، ولا يُمكنه تخطيها إلا بعد أن يحرم منها، والهدف من الإحرام قبل وصول الحاج أو المعتمر إلى بيت الله الحرام هو عقد المسلم للعزم والنية الصادقة على تجنب جميع الأعمال والأفعال أو يحرُم على المعتمر والحاج فعلها قبل وصوله إلى بيت الله الحرام، وأن يشغل وقته بالكامل في ذكر الله، وأداء الصالحات والتزام التقوى حتى وصوله إلى مكة المكرمة وأداء مناسك الحج أو العمرة.
من رغب في أداء فريضة الحج أو العمرة يجب عليه الإحرام من الميقات الذي يمر عليه في طريقه أو الميقات الأقرب الذي يحاذيه، وذلك سواء كان سفره للحج أو العمرة براً أم جواً، ويكون ميقات القادة من مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية هو قرن المنازل أو ما يُعرف اليوم بـ السيل الكبير، ولا يجوز الإحرام من جدة وذلك لتواجدها داخل الميقات، وذلك لما جاء عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا).
ويجوز للمعتمر أو الحاج التحضّر للإحرام من خلال الاغتسال وارتداء ملابس الإحرام في بيته أو في المطار أو في الطائرة قبل الوصول إلى الميقات، وفي غالبية الأحوال يقوم قائد الطائرة بتنبيه المسافرين عند المرور جواً فوق الميقات، وعند ذلك يتوجب على المسافر استحضار نية الإحرام للعمرة في قلبه، كما يُستحب التلفظ بها باللسان، ولا يوجد حرج على الإطلاق إن نوى المسافر الإحرام قبل موعد الوصول إلى الميقات وذلك بصفة احتياطية وإن كان الأفضل الإحرام من الميقات، والله سبحانه أعلى وأعلم.
يُعد الميقات المكاني لأهل الشام ومصر وكل من يمر في طريقه من طريق بلاد الشام هو منطقة الجحفة، وهو المكان الواقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة المكرمة، وتبعد الجحفة عن مكة المكرمة بمقدار مائة وسبعة وثمانين كيلو متر، ونظراً لاختفاء معالم الجحفة الجغرافية على مر الزمان، فقد أصبحت رابغ هي ميقات أهل الشام ومصر، وتبعد رابغ عن المدينة المنورة مائتين وأربعة كيلو متر.
ورد في فتاوى الشيخ العزب بن عبد السلام أن ميقات أهل العراق للإحرام يكون من منطقة العقيق والله تعالى أعلم.
يُعد جبل يلملم هو ميقات أهل اليمن، ويبعد جبل يلملم عن مكة المكرمة بمقدار أربعة وخمسين كيلو متر.
فيما يتعلق بالمعتمر الذي أتي من جهة غير الجهات التي يتواجد فيها مواقيت الإحرام، فإنه يصح له الإحرام من أي مكان شاء وذلك سواء كان المعتمر قادماً بالبحر أو البر، وعلى سبيل المثال فإن المعتمر أو الحاج القادم من السودان ويمر في طريقه بجدة يُمكنه لإحرام من أي ميقات شاء، ويُعد إحرامه صحيحاً ولا ريب فيه.
